يمثل الادب المصري تكتمل وتباشر فعل النضج والاختمار ولا نريد في هذه العجالة ان نتزيد في حجم المنجز او نبخسه حقه وان الزمنا الانصاف ودعتنا الحيدة الي القول ان المعقوفة الاخري من القوس الكبير لم تكتمل بعد وان امام الثورة اشواطا واغلة كي تجود بثمرة مجلوة يمكن رؤيتها وما نود هنا ابرازه بوضوح ان الادب المصري يجتاز منعطفا فارقا بعد الثورة من حيث تواشجاته وصلاته المتجذرة مع المشهد الثقافي العالمي وهو ما اعترف به بوبي جوش في مقالته الرائعة بمجلة التايم الامريكية في عدد تذكاري خاص حول الثورة المصرية حيث دعا بوضوح الي اعادة اكتشاف الادب المصري سبيلا اوحد لفهم السياق التاريخي المصري الجديد حيث تلعب التجربتان القصصية والشعرية دورا جذريا في فهم السياق الحضاري الجديد باطره المركبة وبالمثل وعند الرقعة ذاتها كتب ريتشارد ستينجل مقالة افتتاحية للمجلة اعتبرها مقالة تاريخية اكد فيها المضمون ذاته مركزا علي خصوصية التجربة المصرية قياسا الي غيرها من التجارب الثورية الحديثة بوجه عام وقياسا الي تجارب ثورات الربيع العربي بصفة خاصة ولم تخل المقالة من مقارنات لافتة دالة بين النموذج ا لاسلامي الذي تمثله مصر ونظيره المعتم الذي تمثله طالبان حيث يتمتع النموذج المصري في هذا السياق بعمق حضاري خصيب واريحية خاصة في تكييف التعامليمثل مع الاخر ايا ما كانت ولاءاته وعقائده وايديولوجياته المعلنة او المستترة وبقطع النظر عن راي مجلة التايم ومحرري اعمدتها وزواياها فان نظرة عجلي الي المشهد القصصي بخاصة بعد الثورة تبدهنا بحقيقة مفادها ان التجربة القصصية قد تفرعت شعبتين كبيرتين مضت اولاهما نحو الفانتازيا السياسية علي نحو ما صنع جمال مقار في رقصة الكتكوت الاخيرة ومضت الاخري نحوالرواية التاريخية التي تهوم بتعطش حول وقائع التاريخ واحداثه الدرامية ما كان منها قريبا وما كان بعيدا علي نحو ما صنع حجاج ادول في رائعته ثلاث برتقالات مملوكية والتي استلهم فيها الفترة المملوكية التي بزغت معها ظاهرة عسكرة الدولة او كما صنع ممدوح عبد الستار في روايته الدلجموني اوراق ميت حيث اعاد قراءة الفترة الناصرية بزهوة حلمها القومي والاجتماعي المصقول وبحوافها المعتمة ممثلة في تجربة السجن الحربي التي اهدرت فيها ادمية المصري علي ايدي شمس بدران وصفوت الروبي و حمزة البسيوني وزبانية الحقبة وهنا اتذكر انه دار سجال طويل بيني وبين الروائيين الكبيرين حجاج ادول ومحمد الجمل حول الاسباب الحضارية لموجة النزوح القصصي الي قارة التاريخ بتضاريسها العصية ومشاهدها البانورامية الشائقة خصوصا في المراحل الحضارية الانتقالية التي تبزغ غب الثورات الكبري وكان من التفسيرات الوجيهة المبداة الذهاب الي الرغبة التائقة الي تحسس الهوية التاريخية والحضارية واستكناه ملامحها بعمق بحثا عن سيماء جديدة توائم الحضانة الثورية الجديدة بنزعاتها المستوفزة وثمة اعمال قصصية استلهمت تجربة الثورة في جسمها الطازج الحي كما صنع شريف صالح في مجموعته رجل صالح للقتل وخصوصا قصته الاثار المدهشة لابتلاع لفافة البانجو والتي استلهم فيها دراما خالد سعيد مفجر الثورة ومايزال المشهد القصصي يفجر في مرجله الكبير مزيدا من الظواهر التي تتفاعل مع تجربة الثورة ووتتلاقح مع مكوناتها الباذخة اخذا وعطاء .