شهدت الأفلام السينمائية المصرية خلال عيد الفطر، غيابًا تامًا للمعالجات السياسية والمجتمعية لواقع المشهد الداخلي المتأزم، وانعكاساته المجتمعية والأمنية والاقتصادية، فيما غلبت مشاهد العنف والعشوائيات على غيرها، وبرز دور ظابط الشرطة متصدرًا الشاشة البيضاء، مذكراً بأجواء ما قبل ثورة 25 يناير 2011. ويظهر من خلال أفلام العيد لهذا العام، أن صناع السينما يسيطر عليهم تقديم الموضوعات الغنية بالعنف أوالكوميديا، بعيدًا عن تقديم عمل فني يوثق للفترة الحالية، التي تشهد اضطرابات سياسية، وعنف في سيناء، ومحاربة للمتطرفين. في موازاة ذلك، ترى الناقدة "ماجدة موريس" في تصريح للأناضول "أن السينما لطالما تقدم موضوعات تحاكي وتلامس الواقع، سواء في الفترة التي اجتاح فيها الإرهاب مصر، أو في موضوعات أخرى، ولكن موسم العيد له طبيعة مختلفة، وهي الأفلام التي تحقق ربحًا ماديًا كبيرًا"، بحسب تعبيرها. أما الناقد الفني، طارق الشناوي، قال "السينما طبيعتها أجرأ من الدراما التلفزيونية، وبالتالي من المنتظر تقديم موضوعات أقوى خلال الفترة المقبلة"، وتابع "شهدنا في الفترة الماضية أفلام عن الإلحاد والمثلية الجنسية، حتى لو لم تلقى قبولا جماهيرا كبيرا ولكن تم تقديمها، وبالنسبة لتقديم أعمال توثق للمرحلة، لابد أن تقدم بشكل قوي من حيث السيناريو والإخراج والتصوير والتمثيل، حتي يصنع عمل ضخم يحقق نجاحا". ويشهد موسم العيد هذا العام عودة "محمد رمضان" - ممثل مصري شاب برز في أدوار الشر والعنف والصعيدى أو الجنوبي - للسينما بشكل مختلف عن أفلامه السابقة، والتي ناقشت موضوعات لها علاقة بالعنف والعشوائيات في المجتمع المصري، حيث جسد رمضان في فيلمه الجديد دور ضابط شرطة يتعرض للعديد من المؤمرات، ويحاول خلال الفيلم استرداد حقه، ويشاركه في البطولة النجمة دنيا سمير غانم. وفي تصريحات خاصة للأناضول؛ قال الفنان رمضان "الممثل الجيد هو من يقدم أدوارا مختلفة، ويفاجيء جمهوره، وفكرة النجاح في شخصية واحدة وتقديمها بشكل مستمر هو بداية الفشل"، وتطرق رمضان إلى فيلمه الأخير (شد أجزاء)، قائلاً "كل فريق العمل استعد له من فترة طويلة، ونسعى لتقديم عمل مميز للجمهور من حيث الإخراج والتصويروالتمثيل"، لافتًا أن "الفيلم بعيد تماما عن العنف الذي تشهده البلاد أو محاربة المتطرفين". وشهد الموسم السينمائي لهذا العام عدداً من الأفلام، التي لا تبتعد عن الإطار السابق، حيث تصدر الموسم، فيلم "حياتي مبهدلة" للفنان الكوميدي المصرى "محمد سعد" وبطولة الفنانة اللبنانية "نيكول سابا"، بجوار الفيلم "أولاد رزق"، بطولة أحمد عز، وعمرو يوسف، وأحمد الفيشاوي، وأحمد داود، وكريم قاسم، وإخراج طارق العريان، حيث تدور أحداث الفيلم حول عدد من الأصدقاء، الذين يعملون معًا في تجارة المخدرات، وفجأة يختلفون لتبدأ الصراعات بينهم. ويليهم فيلم "الخلبوص" بطولة كل من الفنانة إيمان العاصي، وميريهان حسين، وإيناس كامل، وإخراج "إسماعيل فاروق". وفيلما "الليلة الكبيرة" و"ضهر راجل" الذى تقدمهما شركة "السبكى"- إحدى أهم الشركات المنتجة للأفلام السينمائية التي تثير حالة من الجدل حولها - إنتاج وإخراج العام الجاري. وقال مخرج فيلم "الخلبوص" للأناضول "الفيلم تأجل أكثر من مرة، حتى وجدت الشركة المنتجة أن الظروف مناسبة لطرحه خلال عيد الفطر الحالي"، مؤكداً في الوقت نفسه أن موسم العيد يمثل فرصة سانحة للتنافس بين الأفلام. وأخيرًا فيلم "سكر مُر" وهو من الأفلام التي قد تثير جدلًا، إذ يحكي قصة خمسة رجال وخمس سيدات تربطهم علاقات عاطفية متداخلة، ويتناول الفيلم مدى تأثرهم بالظروف التي يمر بها المجتمع في الفترة الأخيرة. وبلغ حصاد السينما المصرية لعام 2014، نحو31 فيلما، تراوحت إيراداتها بين 36 مليون جنيه (نحو 5 ملايين دولار أمريكي)، و100 ألف جنيه (نحو 14 ألف دولار)، لكن الظاهرة الأكثر بروزاً لم تكن في المحتوي المتنوع أو تباين المستوى الفني والفكري لهذه الأعمال، وإنما في الصدامات المتتالية التي تعرض لها صناع الأفلام مع الرقابة، والتي وصلت إلى أبواب رئيس وزراء مصر.