أعداد غفيرة من المسلمين، تدفّقت ليلة البارحة، نحو مساجد مدينة بوندوكو الإسلامية شرقي كوت ديفوار، لإحياء ليلة القدر أو ليلة السابع والعشرين من رمضان، في أجواء خاشعة، اهتزت لها النفوس بالدعاء والصلاة والإستغفار. فرغم ارتفاع درجات الحرارة، إلاّ أنّ مسلمي المدينة حرصوا على أداء الفرائض في المساجد، في ليلة يقبلون فيها على العبادات ويكثرون فيها من الدعاء. وانطلاقا من الساعة العاشرة ليلا (تغ) من مساء أمس الاثنين، احتشد المصلون، واصطفوا وراء الإمام، استعدادا للصلاة. ومع أن بوندوكو تعرف باسم "مدينة الألف مسجد"، إلا أنها لا تعدّ، في الواقع، سوى 66، بحسب مسؤولين من المجلس الأعلى للأئمة. ورغم ذلك، تبقى المدينة الإيفوارية التي تضمّ أكبر عدد من المساجد في مساحة محدودة للغاية. تيميتي مصطفى، نائب الإمام بأحد مساجد المدينة، قال للأناضول إنّ "كلّ حيّ يضمّ من 2 إلى 3 مساجد على الأقل"، فيما أوضح الحاج تيميتي بوسيرا، الإمام المساعد بمسجد "القدس"، والذي يعتبر مقرّ الإمامة بمدينة بوندوكو، قائلا: "نحيي، كسائر إخوتنا من المسلمين في جميع أنحاء العالم، ليلى القدر التي تعادل ألف يوم من العبادة"، وصادفت بداية الوحي القرآني على النبي محمد (صلعم). بوسيرا أضاف أن هذه الليلة "مخصّصة للتأمّل والصلاة، سواء كان ذلك بطريقة فردية أو جماعية، والخطبة في هذه المناسبة تتناول سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام"، مشيرا إلى أنه تطرّق أيضا إلى أهمية ليلة القدر وقيام الليل". وعلاوة على الصلوات والخطب المخصصة لإبراز روعة القرآن الكريم، فإنّ لبوندوكو خصوصية أخرى تحرص من خلالها على إبقاء المصلّين مستيقظين طوال الليلة المباركة، وذلك من خلال أداء رقصة مميزة، تعرف باسم ال "الكوروبي"، وهذه الرقصة تحوّلت إلى ما يشبه التقليد الراسخ لدى مسلمي المدينة في مثل تلك الليلة من كل عام. "غير أنّ مسلمي المدينة"، يستدرك بوسيرا، "قرروا، هذا العام، الفصل، بين الأمرين، وذلك عبر إرجاء الرقص إلى صبيحة اليوم الثلاثاء، بما أنّها من التقاليد المتوارثة عبر الأجيال، لكنها تظل بلا أهمية حقيقية من الناحية الدينية، كما أنّ الهدف منها لم يكن سوى إبقاء المسلمين مستيقظين، ليتمكّنوا من الصلاة حتى الفجر". وأوضح الإمام أنّ "جميع مسلمي المدينة، وغيرهم في مختلف أرجاء البلاد، كانوا يقبلون على المدينة لإحياء ليلة القدر من جهة، وللإستمتاع برقصة الكوروبي من جهة أخرى، غير أنّ هذا التقليد بدأ في التلاشي تدريجيا عبر السنين". ويصادف اليوم الثلاثاء عطلة رسمية في كوت ديفوار، حيث انتشرت الفتيات في ساحة المدينة، ثم اصطففن بانتظام رافعات أيديهن، استعدادا للرقص رفقة عدد من الشباب على وقع قرع الطبول. وشهدت كوت ديفوار، على مرّ العصور، توافد أعداد قليلة من المسلمين إليها من كلّ من مالي وبوركينا فاسو، ليشكّلوا حوالي 38.6 %، من إجمالي سكّان يقدّر عددهم ب 16.3 مليون نسمة، بحسب آخر تعداد سكاني عام أجرته السلطات الإيفوارية في 1998.