تميز بشعبية بدأت مع ثورة الخامس والعشرين من يناير ولكنها سرعان ما تراجعت لانسحابه من أرض المعركة في وقت يحتاج أنصاره إليه، هو الدكتور محمد البرادعى الذي طالما وضع الشروط للمشاركة في أي حدث أو استحقاق سياسي في مصر، منذ انتهاء مهامه كمدير عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية. اعتبره العديد ملهمًا لثورة يناير واشترك في العديد من الأحداث السياسية بعدها إلى أن تقدم باستقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية عدلي منصور وغادر مصر ليكتفي من حينها بتغريدة بين الحين والآخر يظهر بها من خلال موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ليعبر بها عن رأيه في الأحداث في مصر وهو ما تسبب في توجيه اللوم له من قبل معارضيه. تراجع عن الترشح للرئاسة فى عهد المجلس العسكرى واتهم بخيانة الثورة، تجاوب البرادعى مع الحركات والشخصيات المعارضة فى مصر بدعوته لتعديل مواد الدستور قبل تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك وانطلقت حملات شبابية سياسية لتأييده وجمع التوكيلات له تحت مظلة الجمعية الوطنية للتغيير، بينما تهافتت أحزاب أخرى على إقناعه بالانضمام إليها والترشح لرئاسة الجمهورية من خلالها وهو ما اعتبره البعض تمهيدا لاندلاع شرارة ثورة يناير. وبعد رحيل مبارك من الحكم وتولى المجلس العسكرى إدارة شؤون البلاد وبعد إعلان البرادعى ترشحه لرئاسة الجمهورية جاء الإعلان الدستورى الذى رفضه ليعلن انسحابه من الترشح. وشهدت الفترة التى تلت ذلك ظهور واختفاء البرادعي، مؤسس حزب الدستور، أكثر من مرة إلى أن تولى الرئيس الأسبق محمد مرسى رئاسة الجمهورية. وبرغم من أن البرادعي كان أحد المدافعين عن جماعة الإخوان قبل أحداث 30 يونيو رغم موقف الجماعة منه، حيث كان أول المنادين بالدستور أولا قبل الانتخابات الرئاسية في الوقت الذي سعت جماعة الإخوان المسلمين للحشد لانتخابات البرلمانية والتحالف مع المؤسسة العسكرية التى وضع البرادعى ملاحظات عديدة حول كيفية إدارتها لشؤون البلاد ولم يسلم البرادعي فى ذلك الوقت من انتقادات الجماعة التى رحبت بوصف البرادعى بالخائن والعميل داخل البرلمان الذى تحتل غالبيته. ومع إصدار الإعلان الدستورى برز دور البرادعى مرة أخرى وشارك فى جبهة الإنقاذ التى نجحت فى تشكيل معارضة قوية وساهمت فى إسقاط محمد مرسي واختارت البرادعي لتمثيلها فى اجتماع 3/7 الذى أعلن فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقتما كان وزيرا للدفاع عزل مرسى. بعد ذلك أصبح البرادعي جزءًا من المشهد السياسى وتم تعيينه في منصب نائب رئيس الجمهورية للشئون الخارجية كواجهة مقبولة لتسويق إعلان 3 يوليو إلى الخارج، واستقال البرادعي في أعقاب حادثة فض اعتصام رابعة العدوية احتجاجًا على استخدام العنف وعدم استخدام الحلول السياسية من قبل النظام، وسافر إلى الخارج إلى فيينا وغاب عن المشهد السياسي بشكل كبير من وقتها. استقال البرادعي وهو يرى أن العام الذي حكم فيه مرسي، كان من أسوأ الأعوام التي مرّت على مصر. وجاء نص الاستقالة كالآتى: السيد المستشار/ عدلى منصور رئيس الجمهورية أتقدم إليكم باستقالتى من منصب نائب رئيس الجمهورية وسأظل وفيا لها وفاء لهذا الوطن الذى أؤمن بأن أمنه واستقراره وتقدمه لا يتحقق إلا من خلال من خلال إقامة الدولة المدنية وعدم الزج بالدين فى غياهب السياسة إلا أن الجماعات التى تتخذ من الدين ستارا والتى نجحت فى استقطاب العامة نحو تفسيراتها المشوهة للدين حتى وصلت للحكم لمدة عام يعد من أسوأ الأعوام التى مرت على مصر. لذلك كان المأمول أن تفضى انتفاضة الشعب الكبرى فى 30 يونيو إلى وضع حد لهذه الأوضاع ووضع البلاد على المسار الطبيعى نحو تحقيق مبادئ الثورة، وهذا ما دعانى لقبول دعوة القوى الوطنية للمشاركة فى الحكم، إلا أن الأمور سارت فى اتجاه مخالف فقد وصلنا إلى حالة من الاستقطاب أشد قسوة وحالة من الانقسام أكثر خطورة حتى لقد أصبح من الصعب على أن أستمر فى حمل مسئولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها. العديد من ردود الأفعال ترتبت على استقالة البرادعي بين المؤيد والمعارض في الأوساط السياسية والإعلامية فهناك من رأي أن استقالة البرادعي هربا من تحمل المسؤولية ومنهم من رأى أن استقالته كانت رفضا لإسالة دماء المصريين. بعدها ظهر البرادعي قائلا: "إن مصر بها تنظيمان كبيران فقط هما الإخوان المسلمون والجيش، والإخوان دخلوا الانتخابات وفازوا بنزاهة, وتم التعامل معهم بأسلوب إقصائي، وهو آخر ما كنا بحاجة إليه في تلك المرحلة، حيث كان لابد من توافق وطني يحتوى الجميع. وعن دوره في أحداث 30 يونيو، قال البرادعي إنه كان يجب عليه أن يكون جزءا من المعارضة, وكان يود التوصل إلى نظام يضم جميع طوائف الشعب من الإسلاميين وغيرهم.. وما حدث بعد ذلك كان مخالفا تماما لما تمت الموافقة عليه كخارطة طريق. وكشف البرادعي أنه تم الاتفاق على "إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وخروج كريم لمحمد مرسي، لإقامة نظام سياسي يشمل الجميع بمن فيهم الإخوان المسلمون وغيرهم من الإسلاميين، وبدء عملية مصالحة وطنية وحوار وطني وحل سلمي للاعتصامات، وأنه كانت هناك خطة جيدة للبدء في هذا الطريق. وأضاف قائلا: "لكن كل ذلك ألقى به من النافذة وبدأ العنف، وعندما يكون العنف هو الأسلوب ويغيب عن المجتمع مفهوم العدالة والهيكل الديمقراطي للعمل السياسي فلا مكان لشخص مثلى، ولا يمكن أن أكون مؤثرا فقررت الابتعاد عن مصر وعدت إلى فيينا"، مؤكدًا أنه تلقى تهديدات كثيرة بعد استقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية.