يمر اليوم الإثنين 8 يونيو عام على تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر، عقب انتخابات شابتها انتقادات واسعة، حول نسبة المشاركة وفرص المنافسة، ولم تنجح في إنهاء حالة الانقسام التي تعيشها مصر منذ الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب؛ محمد مرسي، في الثالث من يوليو 2013. وكما استمر الانقسام هو سيد المشهد السياسي في مصر على مدار العامين الماضيين، فإنه يتجلى اليوم أيضاً في تفاعل معارضي ومؤيدي النظام الحالي، في الذكرى الأولى لتنصيب السيسي، فبينما اختار المعارضون لها عنوان "سنتك سوداء"، رفع المؤيدون شعار "عام على الحكم" وراحوا يسردون ما يعتبرونه "إنجازات" السيسي خلال هذا العام. أما السيسي نفسه فقد وصف هذا العام - في تصريحات صحفية- أمس الأحد بأنه "مهمة صعبة"، داعيا إلى "عدم الالتفات لدعاة الهدم والإحباط"، دون أن يسمهم. وفيما يلي أبرز مظاهر الاحتجاج والتأييد التي تشهدها مصر في ذكرى تنصيب السيسي . أولاً: مظاهر الاحتجاج: - دعت حركة "شباب ضد الانقلاب" المعارضة، إلى التظاهر اليوم الاثنين أمام قصر الاتحادية الرئاسي ، للمطالبة برحيل السيسي، ودعمتها حركة "عصيان"، التي ظهرت خلال الشهر الماضي وتطالب بعصيان مدني يطيح بالسيسي من على كرسي الحكم. ولم تعلن الحركتان تفاصيل الاحتشاد. - حركة "شباب 6 إبريل" المعارضة، دعت بدورها إلى عصيان مدني في ربوع مصر، الخميس المقبل، في إطار فعالياتها الاحتجاجية في ذكرى تصيب السيسي. - من جانبه دعا "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، المؤيد لمرسي إلى أسبوع احتجاجي، بدأ منذ الجمعة الماضية 5 يونيو/ حزيران، بعنوان "الثورة تطارد الانقلاب"، ويشمل ذكرى تنصيب السيسي، فيما لم يعلن موقفا رسميا بخصوص تظاهرات قصر الرئاسة التي دعت إليها حركة "شباب ضد الانقلاب"، أو دعوات العصيان المدني. - أحمد ناصف، المتحدث باسم حركة "طلاب ضد الانقلاب"، دعا في بيان له جماهير الشعب المصري للاحتشاد اليوم في الميادين الثورية/ دون أن يسمي ميادين بعينها للتظاهر. - وعلى منصات التواصل الاجتماعي دشن معارضون هاشتاج (وسم) بعنوان #سنتك_سودا، معددين في إطاره "مسالب وإخفاقات" السيسي خلال العام الماضي في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى ما وصفوه ب"جرائم وانتهاكات حقوقية". - حرصت عدة جهات كذلك على إصدار تقارير متزامنة مع هذه المناسبة، حول أوضاع الحريات في مصر، حيث نشرت حركة الاشتراكيين الثوريين المعارضة تقريرا بعنوان "الحقوق والحريات في العام الأول للسيسي" علي موقعها الإلكتروني الرسمي ، قالت فيه "لم يُخيب السيسي الظنون في توجهات نظامه المباركية (نسبة إلى الرئيس حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة يناير)، فتعرض المجال العام لإغلاق، تام وساد التضييق على كل شيء، وكل نشاط سياسي أو اجتماعي أو ثقافي، وعادت السلطات الأمنية لتتحكم في كل شيء من جديد". وأضاف التقرير "أما الوضع الاقتصادي فلم يتطور خطوة واحدة، ولم نر سوى مجموعة من المشاريع الوهمية والوعود المستقبلية، التي لا ندري عن تفاصيلها أي شئ، مثل مشروع المليون وحدة سكنية الذي أُغلق تماما، والمؤتمر الاقتصادي (أقيم في مارس/آذار الماضي) الذي لم تطلعنا الحكومة على ما تم فيه من صفقات وتعاقدات بشكل حاسم وشفاف، حتى نستطيع أن نقيّم ونحاسب ونراقب خطوات الحكومة، أو الشركات في التنفيذ، بالإضافة للتسهيلات المستمرة لرجال الأعمال في مقابل غلاء الأسعار ورفع الدعم عن الفقراء". - أما حملة "الحرية للجدعان" (غير حكومية معنية بمتابعة أوضاع المعتقلين)، فقالت إنها وثقت حالات "الإخفاء القسري والاحتجاز دون تحقيق" في مصر منذ أبريل / نيسان الماضي وحتي اليوم، حيث "تم رصد وتوثيق 163 حالة إخفاء قسري أو احتجاز دون تحقيق، في 22 محافظة مختلفة، بينهم 66 حالة إخفاء قسري مستمرة، تم التأكد من استمراريتها، و 31 حالة إخفاء قسري لم يتم التمكن من متابعتها، و 64 حالة إخفاء قسري منتهية، حيث تم التأكد من ظهورها لاحقاً بعد مرور أكثر من 24 ساعة احتجاز دون وجه حق، بالإضافة إلى حالتين وفاة عقبل الاختفاء القسري، هما الطالب إسلام عطيتو، و صبري الغول". ثانياً: مظاهر التأييد: - اعتبر حزب "الدستورى الاجتماعى الحر" المؤيد للسيسي، فى بيان صحفى الأحد، أن العام الأول للسيسي "ملئ بالإنجازات التى بدأت مع اليوم الأول لتنصيبه"، معددا بعض ما "استعادة الدور المصرى في أفريقيا، وعقد صفقات اقتصادية وعسكرية مع العديد من الدول (فرنسا، الصين، روسيا، اليونان، قبرص، المانيا، المجر)، واستعادة الأمن وتطوير الإسكان والتنمية العمرانية، والتنمية الزراعية، وإطلاق مشروع قناة السويس الجديدة، والمشروع القومى لشبكة الطرق". - وعلي طريق التأييد، عبر البيانات، سارت أيضا الجبهة المصرية (تضم أحزاب مؤيدة للسيسي ) قائلة في بيان لها، "إن أحداً لا ينكر أن مصر شاهدت خلال العام الأول من حكم الرئيس السيسي نجاحات عديدة، على الصعد كافة، وأن الدولة المصرية بجيشها الباسل وشرطتها الوطنية قد حققت انتصارات كبرى في سياق حربها ضد الإرهاب". وفي بيانها قالت الجبهة "نجدد ثقتنا في الرئيس السيسي، ونؤكد دعمنا لكافة الجهود التي يبذلها حفاظا على أمن الوطن وسلامة أراضيه، والمصالح العليا لشعب مصر العظيم". - أما حزب التجمع "يساري"، فأعلن على لسانه المتحدث باسمه نبيل زكى، إن "الحزب لن ينظم أى احتفالات بمناسبة مرور عام على تنصيب السيسي، وإنما سيقيم الندوات والصالون الحوارى، لعرض وتقييم مسيرته خلال هذا العام". - على الصعيد ذاته قال ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل وعضو ائتلاف الجبهة المصرية في تصريحات صحفية، إن الحزب سينظم مؤتمرا جماهريا حاشدا بمنطقة المطرية (شرقي العاصمة القاهرة، وتمثل أحد المعاقل الرئيسية للاحتجاجات المستمرة منذ الإطاحة بمرسي قبل عامين) الخميس المقبل، احتفالا بمرور عام على تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسى تحت عنوان عام فى رئاسة الرئيس". - وانتقل مارثون المعارضة والتأييد إلى صفحات التواصل الاجتماعي أيضاً، حيث دشنت الصفحة الرسمية للسيسي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك هاشتاج #عام_على_الحكم، تذكر في إطاره ما وصفته ب"إنجازات" هذا العام. - استطلاعات الرأي أيضاً كانت حاضرة في المشهد، حيث أصدر المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة"، المحسوب على السلطات، نتائج استطلاع، جاء فيها أن "85% من المصريين، موافقون على أداء الرئيس عبد الفتاح السيسى، بعد مرور عام على توليه الرئاسة". وعبد الفتاح السيسي (61 عاما)، شغل سابقاً منصب القائد العام للقوات المسلحة المصرية ووزير الدفاع منذ 12 أغسطس/آب 2012 حتى استقالته في 26 مارس 2014 للترشح للرئاسة، وإن كان مراقبون يقولون إنه هو الذي كان "يدير المشهد فعليا"، منذ أعلن في الثالث من يوليو 2013 بيان عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، وأطلق ما سمي آنذاك ب"خارطة الطريق"، التي شملت تعيين عدلي منصور (رئيس المحكمة الدستورية العليا) رئيسا مؤقتاً لمصر، لحين إجراء انتخابات برلمانية ثم رئاسية، قبل أن يتم تغيير ذلك في وقت لاحق، وإجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، ولم تجر حتى اليوم انتخابات برلمانية، حيث لا يزال السيسي يجمع السلطات التنفيذية والتشريعية معاً.