اكذب ثم اكذب .. فلابد وأن يصدقك بعض الناس .. عبارة موروثة عن نظام دموي نازي ، قالها " جوزيف جوبلز " وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر .. ومُناخ الكذب ينمو في أجواء تراجع الأداء الإداري والإعلامي ، وسأكتفي بتصريحين رسميين اثنين فقط في يوم واحد من صحيفة واحدة ، وهي اليوم السابع في عددها الصادر أول أمس الخميس ، التصريح الأول نقلته الصحيفة عن السفير علاء يوسف ، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية : قال " أن القيادة الحكيمة للرئيس السيسي منحتنا مناخاً آمنا للاستثمار " ، ولن نناقش هنا مسألة " القيادة الحكيمة " ، ولكن مسألة " المناخ الآمن للاستثمار " ، فهل حقا السوق المصري يتمتع بمناخ استثمار آمن ؟! الإجابة القاطعة من منظور سياسي واقتصادي مترابط أن السوق المصري طارد للاستثمارات وليس جاذبا لها ، والشواهد والوقائع ( العملية ) على ذلك أكثر من أن تُحصى ، لعل من أهمها هذا الانسحاب الجماعي غير المسبوق من هذه السوق لشركات وبنوك عالمية ، ومنها شركة " دايملر " الألمانية المنتجة لسيارة مرسيدس ، وشركة " جنرال موتورز " الأمريكية ، وشركة "أكتيس" المصرفية البريطانية ، ومجموعة " سيتي بنك " العالمية ، ومجموعة شركات " الخرافي " الكويتية التي باعت منشآتها السياحية في مصر ، وبنك عمان الوطني ، وعدد آخر من البنوك الكندية واليونانية وغيرها . ولا شك أن هناك أبعادا اقتصادية حاكمة لتلك الانسحابات ، تعود إلى مصالح اقتصادية وتجارية للشركات والبنوك المنسحبة ، ولكن لا يمكن الفصل بين العامل الاقتصادي والسياسي ، فالاقتصاد يدار بالسياسة وليس العكس ، والخبير الاقتصادي د. رشاد عبده وهو مؤيد للحكومة والنظام طرح حلولا اقتصادية لمنع انسحاب وتخارج تلك الشركات لم يتم الالتفات لها، أضف إلى ذلك أن سياسة مصادرة أموال المعارضين أو التحفظ عليها ترسل رسائل خاطئة وغير مطمئنة للمستثمرين ، ومن المعلوم أن " رأس المال جبان " ، وأي احتمالات للمخاطرة في ظل أجواء استبداد سياسي وتسييس قضائي وعدم وجود برلمان تشريعي ، فضلا عن عدم الاستقرار السياسي والأمني تدفع لهروب رأس المال وليس لاستقطابه ! أما التصريح الثاني فقد صدر عن د. أحمد محيي رئيس المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة بوزارة الصحة ، فقد قال : " تم استحداث نظام جديد لقياس رضاء المرضى في المستشفيات والمراكز الطبية التابعة لوزارة الصحة ، ووفقا لهذا النظام ، فإن نسبة رضاء المواطنين عن المستشفيات والمراكز الطبية 82 % % " ، ولا يملك أي عاقل أمام هذا الرقم إلا أن يضحك حتى الثمالة ، لأن هذه النسبة من الرضى ربما لا نجدها حتى في المستشفيات الأوروبية والأمريكية ! وقد شهد شاهد من أهلها ففي بيان صادر عن النقابة العامة للأطباء في ديسمبر الماضي أكد د. محسن عزام عضو مجلس النقابة ومقرر لجنة الشباب ما نصه : " إن المريض المصري يشعر بالقهر لسوء الخدمات الصحية التي تقدم له .. وأن السياسة الصحية في مصر تعني ( هتموت هتموت ! ) ، لأن الوضع الصحي مسرحية هزلية ، حيث إن الطبيب يعمل بأجر ضعيف والمريض يعالج بطريقة لا ترقى لمستوى جيد " ! فيا أصحاب المعالي والسعادة .. ارحموا عقولنا ولا تستهينوا بنا .. واستقيموا في تصريحاتكم يرحمنا ويرحمكم الله !
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.