"إلا من أكره وقلبه مطمئننًا بالإيمان" فما أصعب الاختيار بين التنازل عن جنسيتك أو حرمانك من الحرية وكل ذلك في سبيل الخروج من ظلمات السجون والفرار من سوط الجلاد، فبعد اعتقال محمد سلطان نجل القيادي الإخواني الدكتور صلاح سلطان لمدة عامين وإضرابه عن الطعام لمدة 489يومًا ليتخطى الرقم القياسي في الإضراب ويصبح صاحب أطول إضراب في العالم ليضطر اليوم للتنازل عن جنسيته المصرية فى سبيل حريته . وعلى الرغم من طول فترة إضراب سلطان عن الطعام حتى أصبح قابعًا بين القضبان في زنزانته، على كرسي متحرك، يصارع الموت دون طعام لمدة 489يومًا، حيث وصل وزنه إلى 50 كجم، لم يشفع له كل ذلك أمام الحكومة المصرية وظل محبوسًا إلى أن أفرج عنه اليوم بعد تنازله عن الجنسية المصرية وكونه يحمل الجنسية الأمريكية ليتم ترحيله إلى الولاياتالمتحدة باعتباره "مواطناً أمريكيًا". وألقى القبض على سلطان، من منزله بالقاهرة يوم 27 أغسطس 2013، القضية المعروفة إعلاميًا باسم "غرفة عمليات رابعة" والمتهم فيها الدكتور محمد بديع مرشد الإخوان و50آخرين وقرر الإضراب عن الطعام يوم 26يناير 2014 في سبيل الحصول على حريته حتى ضعف جسمه وأصيب بعدة أمراض نتيجة هذا الإضراب. وقبع سلطان على محاليل الملح، وطبقا للتقرير الطبي الأول له الصادر في يونيو 2014، فإنه عانى من تضرر بوظائف الجسد الحيوية، وانخفاض عدد ضربات القلب، وهبوط في ضغط الدم وجلطات بالرئة، بجانب الإصابة بالتسمم وانتشرت صوره على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء جلسات محاكمته للمطالبة للضغط للإفراج عنه ولكن لا حياة لمن تنادي. وخلال إحدى جلسات محاكمة محمد صلاح سلطان، وتحديدًا في 9 مارس 2015 تحدث محمد سلطان، إلى هيئة المحكمة، بعدما سمحت المحكمة بإخراجه من القفص، محمولا على كرسٍ متحرك ومسنودًا على والده الدكتور صلاح سلطان، لظروفه الصحية السيئة، عقب إضرابه عن الطعام. وشرح سلطان ملابسات ضبطه من قبل قوات الأمن، موضحًا أن القوات داهمت منزله يوم 25 أغسطس 2013، بحثًا عن والده، وحينما لم يجدوه ألقوا القبض عليه، رغم عدم إبدائه أي مقاومة أمامهم. وانتقل سلطان إلى سرد وقائع حبسه، قائلًا إنه على مدار السنة ونصف الماضية، ظل قابعا داخل السجن،على الرغم من عدم وجود أي انتماءات سياسية أو حزبية له، موضحًا أنه يفخر كثيرًا بوالده صلاح سلطان، ويفتخر به لغرسه بداخله القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية. وامتلأت الرسوم الخاصة بالمعتقل المفرج عنه "محمد سلطان" باللغتين العربية والإنجليزية حيث تصدرت "الهاشتاجات" الخاصة به قائمة الأكثر تداول عبر "تويتر". وانتفضت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات التهنئة بعد الإفراج عن المعتقل الذي صمد في إضرابه عن الطعام لمدة تصل ل 489 يوما، كما احتلت "الوسوم" المؤيدة لسلطان المركزين الأول والثاني في قائمة الأكثر تداول داخل مصر على "تويتر". وأكدت عائلة محمد سلطان، خبر الإفراج عن صاحب أطول إضراب عن الطعام داخل السجون في العالم. وكتب شقيقه عمر سلطان، من الولاياتالمتحدة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" صباح السبت "بفضل الله ومنته، يسرنا أن نؤكد أن محمد عائد إلينا بعد اعتقال دام سنتين بعد جهود طويلة، استطاعت حكومة الولاياتالمتحدة أن تؤمن ترحيل محمد إلينا، بعد صفحة سوداء دامت بِنَا وبمحمد". وأضاف "نحن وإلى الأبد مدينون لكل الأشخاص الذين بذلوا جهدا لضمان خروجه، والأغلب الذين لم يلتقوا بمحمد قط حتى تشهدون، أنه اجتمع جميع الأشكال، والديانات، والانتماءات السياسية، والسن، ليرسموا للعالم سنة الاجتماع تحت قضية إنسانية، ونشكركم جميعا جزيل الشكر على ذلك". وتابع شقيقه "كما تعلمون، محمد قد مر بسجن انفرادي دام سنتين، وإضراب دام 490 يوما قد أضر بصحته ولذلك، وخلال الوقت القادم، سيركز محمد في العلاج واسترداد صحته التي تدهورت بشدة، ونرجو توجيه أي أسئلة". وأشار إلى أن "العامين الماضيين لم يريا العالم فقط ما أمكنه البعض من إصابة الآخرين بالأذى، ولكن أريا العالم التجمع تحت راية واحدة وغاية إنسانية تهدف إلى تنفيذ مبادئ الكرامة الإنسانية ولكننا سنظل عاجزين عن ذكر وشكر كل من ساهم وساعد في هذه القضية في تحرير محمد، ونتمنى أن تسعد جميع أسر المعتقلين كما نسعد اليوم".