كان لدي من حسن النية بالمجلس العسكري أو من في يده القرار بمصر الآن ما جعلني أنتظر الإفراج عن الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن المسجون في أمريكا ضمن الصفقة التي أجراها هؤلاء بالإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي "جرابيل" مقابل الإفراج عن خمسة وعشرين سجينا مصريا في إسرائيل خاصة وأن جرابيل يحمل الجنسية الأمريكية إلى جانب جنسيته الإسرائيلية فهو إذن مواطن أمريكي في الأساس . وكان لا بد أن يكون اهتمام أمريكا بالإفراج عنه لا يقل عن اهتمام إسرائيل بالأمر ذاته . ولكن أولى الأمر في الجانب المصري تجاهلوا ذلك . وتجاهلوا معه الشيخ الضرير الذي بلغ من العمر عتيا . فلم يعد له من الخطورة ما كان له في السابق . بعد أن أضناه المرض ، وأقعدته الشيخوخة الملعونة , ورغم ذلك كله فلم يشغل بال المسئولين المصريين . كما شغله عدد من تجار المخدرات والمهربين . وتجار السلاح الذين انصب اهتمام المسئول المصري على الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية مقابل الجاسوس "جرابيل" ربما كان الشيخ عمر عبد الرحمن في نظر المسئولين الأمريكان يستحق السجن والاعتقال لمجرد أنه أصدر فتواه الشهيرة بإهدار دم الرئيس السادات . رجل أمريكا في الشرق الأوسط . والذي منح ربيبتها إسرائيل الاعتراف وحق الوجود . ولكن ما هو مبرر التجاهل الذي تبديه الحكومة المصرية حيال هذا الشيخ المسكين . خاصة وأنها أفرجت عن عبود الزمر وكل من شاركه في اغتيال السادات ، فكيف إذن يتسامح المسئول المصري مع من قام بالاغتيال ونفذه . ولا تتسامح مع من أفتي بذلك حتى وإن كان قد أخطأ في اجتهاده ؟ ألم يكن الشيخ الضرير يستحق من حكومته المصرية الاهتمام الذي منحته لتجار المخدرات ومهربي السلاح . وإذا كانت حكومتنا المؤتمنة على الأمن القومي للوطن قد تسامحت مع جاسوس أضر بهذا الأمن وأفرجت عنه . ألم يكن الشيخ عمر أولى بهذا التسامح الذي منحته حكومتنا لجاسوس إسرائيلي وبخلت به على شيخ ضرير؟ هل أضر الشيخ عمر بمصر وأمنها القومي أكثر مما أضر الجاسوس "جرابيل" . أم أن ذنب عمر عبدالرحمن أنه لم يكن تاجر مخدرات أو مهربا لينعم بتسامح الحكومة معه كما تسامحت مع تجار المخدرات الذين اهتمت الحكومة بالإفراج عنهم؟! وإذا كان الشيخ عمر عبد الرحمن لا يستحق الرحمة أو الشفقة في نظر حكومتنا - الوطنية - والممثل الشرعي لثورة يناير . ألا يستحقها هؤلاء من أنصار الشيخ عمر ومريديه الذين قرروا منذ أكثر من شهرين الاعتصام أمام السفارة الأمريكية وفي الطريق العام مطالبين بالإفراج عن شيخهم متحملين في سبيل ذلك كل أنواع التعب والمشقة . وفيهم الشيخ الكبير . والمريض ؟ وإذا كانت السلطات الأمريكية قد أصمت أذنها عن نداء هؤلاء ومناشدتهم . فلماذا يكون موقف السلطات المصرية هو نفسه موقف السلطات الأمريكية من هؤلاء وهم المواطنزن المصريون . خاصة وأنهم التزموا بالطريق السلمي في التعبير عن مطلبهم . ولم يسلكوا أي سلوك شائن يجرمه القانون ؟ هل تخاف الحكومة المصرية من الشيخ عمر عبد الرحمن ؟ وإذا كانت تخاف بالفعل منه وهو الشيخ الضرير والذي أقعده المرض .. فهي حكومة تخاف من خيالها .. فهل يحق لحكومة هذا هو حالها أن تحكم مصر .. حكومة تتسامح مع الجواسيس وتجار المخدرات ولا تتسامح بنفس القدر مع رجل الدين مهما كان مخطئا .. أو مريضا .. أو ضريرا؟! [email protected]