ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن "تصريحات وزير العدل المصري المستقيل محفوظ صابر, أكدت مجددا أن مصر مازالت بعيدة عن تحقيق العدالة الاجتماعية, رغم أن هذا المطلب كان أحد أبرز أهداف ثورة 25 يناير 2011 ". وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 12 مايو أن الأنظمة المتعاقبة في مصر لم تتمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية, فيما تصاعدت الطبقية وعدم المساواة, وتجاهل المسئولين ورجال الأعمال احتياجات الفقراء, خاصة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وتابعت الصحيفة "هذه التصريحات تعكس غطرسة واضحة, وتفسر أيضا الأحكام القاسية التي تصدر ضد معارضي النظام الحالي في مصر", على حد قولها. وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن هذه التصريحات أحرجت أيضا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, باعتبارها تتناقض مع خطاباته, التي يؤكد فيها اهتمامه بالفقراء ومحاربته للفساد. وكان رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب أعلن في 11 مايو قبوله استقالة وزير العدل محفوظ صابر, بعد أن أدلى بتصريحات أثارت موجة عارمة من الغضب أكد فيها رفضه تعيين أبناء عمال النظافة في القضاء. وقال محلب, في تصريح أدلى به لوكالة أنباء الشرق الأوسط من باريس, حيث بدأ زيارة تستغرق ثلاثة أيام, إنه استقبل صباح الاثنين الموافق 11 مايو قبل مغادرته إلى فرنسا وزير العدل, الذي "قدم استقالته", مؤكدا أنه "قبلها". وكان وزير العدل المستقيل قال في حواره ببرنامج "البيت بيتك" على قناة " "ten مساء الأحد الموافق 10 مايو ، ردا على سؤال حول ما إذا كان ابن عامل النظافة يمكن أن يصبح قاضيا :"مع احترامي لكل عامة الشعب، القاضي له شموخه ووضعه ولا بد أن يكون مستندا لوسط محترم ماديا ومعنويا". وأضاف صابر "ابن عامل النظافة لو أصبح قاضيا سيتعرض لعدة أزمات منها الاكتئاب، ولن يستمر في هذه المهنة"، وتابع القول إنه يثني على عامل النظافة الذي يربي ابنه للحصول على شهادة لكن هناك وظائف أخرى تناسبه، "فالقضاء لديه شموخ وهيبة مختلفة". وتخالف هذه التصريحات نص الدستور المصري الذي تم إقراره بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، خاصة المادة الرابعة عشرة التي تنص على أن الوظائف العامة حق للمواطنين دون محاباة أو وساطة. كما نصت المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكل شخص بالتساوي مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده". والعام الماضي، تم رفض طلبات 138 متقدما للعمل بالنيابة العامة، لأن آباءهم لا يحملون شهادة جامعية، ما أثار انتقادات واسعة حينها. وأثارت تصريحات صابر موجة من الجدل، حيث توالت ردود الفعل من قبل سياسيين معارضين ومؤيدين للنظام الحالي, على حد سواء. وضمن ردود الفعل, قال محمد البرادعي النائب السابق لرئيس الجمهورية :"عندما يغيب مفهوم العدالة عن وطن فلا يتبقى شيء"، أما رئيس حزب الفجر الديمقراطي عيسى المطعني فقال إن وزير العدل فقد العدالة وأهدر الدستور الذي ينص على المساواة بين المواطنين، حسب تعبيره. ووصف عبد الغفار شكر -نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان- تصريحات الوزير بأنها "تعطيل لنص واضح في الدستور المصري"، مضيفا أن المجلس سيتضامن قضائيا مع أي شخص مضار حال تم تنفيذ هذا التصريح بشكل عملي. وفي الأثناء، قال مصدر بمجلس القضاء الأعلى إن المجلس هو المختص وحده باختيار معاوني النيابة دون تمييز. وفي سياق هذا الجدل، انتشر بسرعة وسم "هاشتاج" على مواقع التواصل الاجتماعي يقول "أقيلوا وزير العدل"، حيث صار هو الأكثر استخداما في مصر خلال ساعات من إطلاقه. وأعرب ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم على وزير العدل، حيث قال أحدهم :"ابن عامل النظافة يموت مقاتلا على الجبهة ولكن لا يُسمح له بأن يصبح وكيل نيابة".