الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد خاتم الأنبياء وسيد المرسلين ، وعلى أله وصحبه أجمعين ، وبعد : أنتشر في هذا الزمان التبرج ، والحجاب الذي يظهر عورة المرأة ومفاتنها وبعدت المرأة عن الحجاب الشرعي الذي يحفظها من نظرة اللئام وضعاف النفوس ومحبي إشاعة الفتنة فاستغل هؤلاء المرأة لتكون مصيدة الشيطان فهم أعوانه وحزبه وأصبحت المرأة بلا عقل ألعوبة ودمية يحركها كيف يشاء . قال الله تعالى : " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون " النور : 19 . فاعلمي يا أمة الجيار أن الحجاب فرض من رب العالمين بالأدلة القطعية من الكتاب والسنة وعلماء الأمة وللحجاب الشرعي شروط وهي : " أن لا يكون ضيقاً يصف الجسم ، أن لا يشبه لباس الرجال ، أن لا يشبه لباس الكافرات ، أن لا يكون زينة في نفسه ، أن لا يكون خفيفاً يصف ما تحته ، أن لا يكون لباس شهرة " . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم . وفي رواية لمالك رحمه الله :" وريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام" قال الإمام النوري : هذا الحديث من معجزات النبوة فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان . وفيه ذم هذين الصنفين ، وقيل : معناه كاسيات من نعمة الله عاريات من شكرها ، وقيل : معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهاراً بحالها ونحوه وقيل : معناه تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها . وأما مائلات فقيل معناه عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه ، مميلات : أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم فقيل : مائلات يمشين متبخترات مميلات لأكتافهن ، وقيل : مائلات يمشطن المشطة المائلة وهي مشطة البغايا ، مميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة ، ومعنى رؤوسهن كأسنمة البخت أن يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوها . صحيح مسلم 14 / 110 . قال الحافظ المنذري : " قوم معهم سياط : هم الشرطة فقد كانوا إلى عهد قريب يحملون بأيديهم السياط وتسمى عندنا في دمشق ( الكرابيج ) . مميلات مائلات : أي كاسيات في الحقيقة ، عاريات في المعنى ، لأنهن يلبسن ثياباً رقاقاً ، يصفن البشرة . أو كاسيات لباس الزينة عاريات من لباس التقوى ( مميلات ) للقلوب بغنجهن ( مائلات ) متبخترات في مشيتهن . كأسنمة البخت : هي جمال طوال الأعناق ، وهو كناية على أنهن يكبرن رؤوسهم يعظمنها . وكان الشراح يفسرون ذلك بقولهم : يلف عمامة أو عصابة أو نحوها على الرأس أما اليوم فقد تفسر الحديث بموضة جمعهن شعورهن على رؤوسهن حتى لترتفع عليه نصف شبر أو أكثر ويسميه البعض : موضة السد العالي . وذلك كله من معجزات صلى الله عليه وسلم الكثيرة ، "فتعساً لمن لا يعتبرها ". مختصر صحيح مسلم 1 / 368 . هذا الحديث الشريف من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخبر بالنساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات وأخبر أنه لم يراهن في زمانه المبارك وقد انتشرت في زماننا هذا وامتلأت بهن الشوارع في كل مكان ، حتى أن الكثير من المحجبات ينطبق عليهن هذا الحديث لأنهن ارتدين الملابس الضيقة التي تصف الجسم والتي تظهر العورة ( كالبنطلون ) وغيره من الألبسة الغير شرعية . وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة ، والمرأة تلبس لبسة الرجل ، والمتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء ، والمخنثين من الرجال والمترجلات من النساء . لذا يجب على أولياء الأمور والأهل والأزواج منع النساء من التكشف وإظهار الزينة وأمرهن بالستر والعفاف . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع ، وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ، وهو مسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ، وهي مسئولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده ، وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته ، فكلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته" . " صحيح الجامع الصغير" . وعلى العلماء وعظهن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء " . مختصر صحيح مسلم . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الدنيا حلوة خضرة وأن الله مستخلفكم فيها ، فينظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فان أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " . مختصر صحيح مسلم . قال الله تعالى : " وليضربن بخمرهن على جيبوهن " . النور : 31 . ورد في تفسير ابن كثير : عن صفية بنت شيبة قالت : بينا نحن عند عائشة قالت فذكرنا نساء قريش وفضلهن ، فقالت عائشة رضي الله عنها : إن لنساء قريش لفضلاً ، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً بكتاب الله ولا إيماناً بالتنزيل لقد أنزلت سورة النور ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أنقلب إليهن رجالهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها ويتلو الرجل على امرأته وأبنته وأخته ، وعلى كل ذي قرابته فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به تصديقا وإيماناً بما انزل الله في كتابه فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان . " رواه أبو داوود من غير وجه عن صفية بنت شيبة ". الخمر : جمع خمار وهو ما يخمر به أو يغطي به الرأس وهى التي تسميها الناس المقانع . "تفسير ابن كثير 3 / 376-377. " عن عمارة بن خزيمة قال : بينما نحن عند عمرو بن العاص في حج أو عمرة قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشعب ، إذ قال : " أنظروا هل ترون شيئاً ؟ " فقلنا : نرى غربان : منها غراب أعصم أحمر المنقار والرجلين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان " . مجمع الزوائد . أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، واخبر أيضاً الصادق الأمين ، الذي لا ينطق عن الهوى أن أكثر أهل النار من النساء بل عامة أهل النار من النساء . فأين أنت أيتها المرأة المسلمة ؟ هل أنت من أهل الجنة أم من أهل النار ؟ إذا أردت الجنة فالتزمي بالحجاب الشرعي وكوني مثل نساء الأنصار أشد تصديقاً لكتاب الله وإيماناً بالتنزيل . قال الله تعالى : " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " النور: 31 . قال ابن كثير رحمه الله : أي افعلوا ما أمركم به من هذه الصفات الجميلة والأخلاق الجليلة واتركوا ما كان عليه أهل الجاهلية من الأخلاق والصفات الرذيلة ، فإن الفلاح كل الفلاح في فعل ما أمر الله به ورسوله وترك ما نهيا عنه . والله تعالى هو المستعان . "تفسير القرآن العظيم 3 / 379 "