ناقش الكونجرس الأمريكي مشروع قانون بالموافقة على دعم مالي وعسكري لتطوير القوات العسكرية لفصائل البشمركة الكردية والفصائل السنية في العراق وهو ما اعتبره البرلمان العراقي محاولة لتنفيذ مخطط جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، لتقسيم العراق إلى ثلاث دول، كردية وسنية وشيعية. وقال خبراء إن تدخل مصر بات ضروريًا للغاية من أجل رأب الصدع الموجود بين الفصائل الثلاثة في العراق لمنع تنفيذ المخطط الأمريكي في ظل حالة الانقسام التي يشهدها المجتمع العراقي، وذلك لإمكانية انصياع الفصائل الثلاثة للنظام المصري وتمتعها معه بعلاقات طيبة. ويسعى الكونجرس الأمريكي إلى تقديم مساعدات أمريكية مباشرة للطرفين، ويتضمن القانون منح مساعدات لبغداد بقيمة 715 مليون دولار لتطوير القوات العراقية وتوصية قوات البشمركية الكردية والفصائل المسلحة السنية بمحاربة تنظيم داعش، مع إنشاء قوتين منفصلتين في العراق من أجل تحقيق توازن القوة في ظل وجود قوتين منفصلتين من الجماعات المسلحة الشيعية. ويري مراقبون أن القانون محط التصويت يعطي الولاياتالمتحدة مجالاً أوسع لتجنب التعامل مع الحكومة العراقية وتقديم الدعم المباشر للسنة والأكراد وتدريب قواتهم على يد القوات الأمريكية لأن الحكومة العراقية رفضت ذلك سابقًا. وتشير بعض تقارير وسائل الإعلام الأمريكية، إلى أن القانون يشمل فقرة تتحدث فيها عن وقف واشنطن تقديم الدعم للجماعات المسلحة الشيعية وتدعو المقاتلين الشيعة للانضمام للحرس الوطني. واقترح تكتل الجمهوريين في الكونجرس تخصيص ميزانية لتمويل قوات البشمركة الكردية والقوى السنية التي تقف مع الحكومة العراقية، حيث أعلن مسئولون أمريكيون أن هناك حاجة ماسة لتأهيل القوات العراقية لتشمل قوات برية قادرة على استعادة المناطق التي حصل عليها داعش. ويتطلب مشروع القانون ضمانات من وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين بأن تعطي حكومة بغداد الأقليات غير الشيعية دورًا في قيادة البلاد، وفي حال مرور 3 أشهر بعد تمرير المشروع، ولم تتمكن بغداد من موافاة بعض الشروط سيتم تجميد المساعدات للقوات الشيعية. وأوضح الموقع أن النواب الجمهوريين طالبوا بتقديم مساعدات ب429 مليونًا من الميزانية تذهب مباشرة للأكراد والجماعات الأخرى من القبائل المشاركة في الحرب ضد داعش وقوات الأمن، أي ما يمثل حوالي 60% من الميزانية تذهب لهذه القوات بشكل مباشر. وقال الدكتور نعمان المنذر، المحلل السياسي العراقي والباحث المتخصص في الشأن العراقي، إن الوضع في العراق أصبح صعبًا للغاية، خاصة بعد أن أوشك على اندلاع فتنة طائفية جديدة بعد سيطرة القوات الشيعية على منطقة النخيب الواقعة بين مدينتي كربلاء الشيعية والأنبار السنية منذ ساعات، والتي تعتبر ملكًا لمدينة الأنبار السنية، مما يؤجج الصراع الطائفي بين الجانبين. وأوضح، أن الفصائل العراقية المتمثلة في اتحاد القوى الوطنية العراقية والذي يمثل التكتل السني في البرلمان العراقي والفصائل الكردية والفصائل الشيعية تفتقد إلى الثقة بين بعضها البعض، مما يعزز من وجود انقسامات داخل البرلمان، ظهرت بوضوح أثناء مناقشة مشروع قرار الكونجرس الأمريكي الذي يدعو إلى تسليح قوات البشمركة الكردية والقوات السنية. وأضاف أن هذا المشروع هو تنفيذ لمخطط جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، من أجل تقسيم العراق إلى ثلاث دول لخلق نفوذ جديد للولايات المتحدةالأمريكية في العراق، وذلك بعد تقدم القوات العراقية في المواجهات مع تنظيم داعش وسيطرتهم على مدينة الموصل وتكريت، مما يعد ضربة للنفوذ الأمريكي، والذي تتهمه الفصائل العراقية بأنه الممول لتنظيم داعش، وذلك من خلال قيامه بغض الطرف عن دعمهم بالأسلحة ومشاركة القوات الأمريكية في اختطاف قوات الجيش العراقي النظامي وقوات الحشد الشعبي لصالح تنظيم داعش. وأوضح أن هناك مطالبات في الوقت الحالي من قبل العشائر السنية في العراق بضرورة تدخل "عاصفة الحزم" في العراق لوقف نزيف الدم السني وتقسيم الدولة، خاصة بعد المطالبة الصريحة من قبل الأكراد على لسان مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، بإقامة دولة مستقلة. وشدد على ضرورة تدخل مصر لوقف مخطط تقسيم العراق لاسيما وأن لها تأثيرًا قويًا على الفصائل المختلفة في العراق، والذي يأتي من منطلق دعم الشيعة للنظام المصري بقيادة الرئيس السيسي، والذين ينظرون إليه على أنه بطل قومي وأنه غير متورط في علاقات طائفية مثل المملكة السعودية وقطر وتركيا، بجانب دعم مصر المتواصل لهم والذي تمثل بإرسال وزير الخارجية المصري سامح شكري للعراق للاطمئنان على الشيعة بعد مذابح نفذت بحقهم من تنظيم داعش. وأضاف، أن الفصائل السنية أيضًا تقدر الرئيس السيسي وتدعمه لاسيما وأنه رئيس عسكري وغالبية قيادات الفصائل السنية ذات مرجعية عسكرية. كما أن الأكراد تدين لمصر باحتضانها للاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال طالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني منذ الثمانينيات مما يدعم الجهود في تحقيق توافق مع الأطراف الثلاثة ومنع تنفيذ المخطط الأمريكي لتقسيم العراق إلى ثلاث دول. واستبعد المنذر، أن يكون لجامعة الدول العربية تأثير على حل الأزمة في العراق، وذلك بسبب المشاحنات الموجودة بين الحاكم في العراق والمدعوم من إيران وبين دولتي السعودية وقطر ومشاركتهما في عاصفة الحزم لضرب الحوثيين المواليين لإيران في اليمن. ومن جانبه، قال الدكتور حسن الجنابي، المحلل السياسي العراقي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن اتجاه الولاياتالمتحدة إلى توجيه الدعم المسلح إلى الأكراد والسنة هي محاولة لتنفيذ مخطط تقسيم العراق إلى عدة دول والسيطرة على نفوذها داخل العراق من خلال دعم السنة بالسلاح وتوجيههم كسلاح استراتيجي لمحاربة الشيعة الإيرانية لتحقيق مكاسب سياسية لدى إيران والتي مكنتها الولاياتالمتحدة من العراق منذ البداية حتى أصبحت إيران تتحكم في مفاصل الدولة من خلال النظام الشيعي الحاكم، ونجاحها في السعي لفرض سيطرتها على المنطقة العربية ومجابهة النفوذ الأمريكي في المنطقة، لاسيما أن إيران باتت تعبث في 12 دولة عربية وهي من تقوم بالعمليات العسكرية في سورياوالعراق واليمن ولبنان. وأوضح أن إقليم كردستان منفصل بشكل تام ولديه علاقات مع الولاياتالمتحدة منذ 25 عامًا إلا أن المشكلة تكمن في بعض المناطق المشتركة بين السنة والشيعة، وهناك بعض المحافظات انفصلت عن الحكومة المركزية بسبب تهميش الحكومة لها وسعيها لحرقها وتدميرها عبر 1.250 مليون جندي عراقي تابعين للشيعة الفارسية. وأكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي من ساعدت الشيعة وإيران وقوت نفوذهم في المنطقة العربية بعد مساعدتها لدخول أفغانستانوالعراق. ولفت إلى أن وقف تقسيم العراق لن يكون إلى بسرعة إنشاء جيش عربي موحد للحفاظ على الحدود الإقليمية للدول العربية ودون التحرك من أجل مصالح شخصية من الدول العربية، مؤكدة أن تحالف "عاصفة الحزم" هو خطوة أولى لإنشاء الجيش العربي الموحد وإن كانت تأخرت هذه الخطوة كثيرًا. وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على ضرورة عودة مصر لدورها الريادي الذي كان في عهد جمال عبد الناصر وقيادتها للدول العربية لمنع محاولات التقسيم.