اتهمت وزارة الخارجية السودانية، اليوم الأربعاء، بعثة حفظ السلام المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة في إقليم دارفور (غرب) والمعروفة اختصارا باسم "يوناميد" ب"تصفية" 4 مدنيين في مقر تابع للبعثة في مدينة كاس السودانية (غرب) يومي الخميس والجمعة الماضيين. وقال جمال الشيخ مدير دائرة السلام والشؤون الإنسانية بوزارة الخارجية السودانية، في مؤتمر صحفي عقده بالخرطوم، اليوم الأربعاء، إن "بعثة يوناميد قامت بتصفية 4 مدنيين في مقر البعثة بمنطقة كاس". ووصف الشيخ رواية للبعثة نشرتها يوم الأحد الماضي حول اشتباكات بينها ومسلحين مجهولين حاولوا الاعتداء على قوة من البعثة بأنها "غير صحيحة مطلقا"، وقال إن "المدنيين الذين اعتدت عليهم قوات البعثة لم يحاولوا الهجوم عليها". وأشار إلى أن عدد الضحايا من المدنيين في الأحداث التي شهدتها منطقة كاس يومي الخميس والجمعة الماضيين "7 قتلى وليس 4 كما زعمت بعثة يوناميد". وتأتي إفادات الشيخ عقب مشاركته في لجنة شكلتها الرئاسة السودانية للتحقيق في الأحداث وبدأت زيارة ميدانية للمنطقة منذ الإثنين قبل أن تصدر تقريرها اليوم. وقالت بعثة يوناميد في وقت سابق إن قواتها صدت هجومين لمسلحين مجهولين يومي الخميس والجمعة وقتلت 4 منهم فيما أصيب 6 من جنودها بجروح. وأضافت البعثة أن كلا الهجومين وقعا في منطقة كاس، إلا أن أهالي المنطقة رفضوا رواية البعثة وحاصروا مقرها قبل أن تفلح السلطات المحلية بفض تجمهرهم بعد أن وعدتهم بالتحقيق ومساءلة المتورطين. والأحد الماضي، قالت البعثة في بيان لها ردا على تصريحات مسؤولين محليين اتهموها بالتورط في قتل المدنيين أن "قوات يوناميد في كلا الحادثين لم تفعل سوى الرد على إطلاق النار عليها، ولم تبادر قطّ بإطلاق النار، ولم تفعل القوات سوى أن دافعت عن نفسها". وأضافت أن "رد قوات يوناميد كان متكافئا ومنضبطا ومتناسبا مع طبيعة الهجومين". وأوضح الدبلوماسي السوداني خلال المؤتمر الصحفي أن حكومته تتواصل الآن مع الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة لمساءلة المتورطين، وقال "لن يكون هناك تهاون في حقوق مواطنينا". وتأتي هذه الاتهامات وسط مفاوضات بين الحكومة والأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي لإعداد استراتيجية خروج متدرج للبعثة من الإقليم، لكن دول غربية على رأسها واشنطن ترفض أن تفضي إلى خروج كلي. وبدأت المفاوضات في مارس/آذار الماضي في خضم خلافات حادة بين الحكومة والبعثة بسبب مساعي الأخيرة للتحقيق في مزاعم اغتصاب جماعي اتهمت بها قوات حكومية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأمس الثلاثاء، عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه "إزاء الزيادة الأخيرة في الهجمات على قوات حفظ السلام الذين يخدمون في عملية الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي المختلطة في دارفور"، وانتقد ما وصفه "محدودية التعاون الذي تقدمه حكومة السودان في التصدي لتلك الحوادث". ويشهد إقليم دارفور نزاعا بين الجيش وثلاث حركات متمردة منذ 2003 خلف 300 ألف قتيل وشرد نحو 2.5 مليون شخص بحسب إحصائيات أممية.
وتنتشر بعثة يوناميد في الإقليم منذ مطلع العام 2008 ويتجاوز عدد أفرادها 20 ألفا من الجنود العسكريين وجنود الشرطة والموظفين من مختلف الجنسيات بميزانية بلغت 1.4 مليار دولار للعام 2014.
ومنذ انتشارها فقدت البعثة 61 من جنودها في هجمات نسب أغلبها لمجهولين حيث تنشط كثير من العصابات التي تستغل انعدام الأمن في عمليات نهب وقتل واختطاف للأجانب العاملين في الإقليم وإطلاق سراحهم مقابل فدية.
وتسبب النزاع في دارفور في إصدار المحكمة الجنائية الدولية في العام 2009 مذكرة اعتقال بحق الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قبل أن تضيف لهم تهمة الإبادة الجماعية في العام 2010.
ويرفض البشير الاعتراف بالمحكمة ويقول إنها أداة استعمارية موجهة ضد بلاده والأفارقة.