«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الله لا يرحم البعيد
نشر في المصريون يوم 23 - 10 - 2011

أتعجب أنا من العاطفة العمياء التي تحكم كثيرين منا، ولا تفكر مليًّا في أقدار الله تعالى، ولا في استحقاق بعض الناس ما يلحق بهم من الإهانة والنكال (بما كسبت أيديهم)!
فحين كاد مبارك يسقط تعاطف معه كثيرون، وقالوا: غلبان/ ارحموا عزيز قوم ذل/ دا صاحب الضربة المِشْعارِفْ إيه/ دا بطل أكتوبر (ازاي معرفش)/ دا أبونا.. دا راجل كبير يا عيني!
بل وتكونت (جروبات) تدافع عنه، وتعدد مآثره، وأياديه البيض على مصر وأهلها!
لكن الله تعالى الغالب أبى إلا أن يسلط عليه غباء رجاله، كما سلطهم هو على الشعب المشلول، فكانوا - كلما هدأت الأحوال، وبسبب من غرورهم الأعمى - يتصرفون تصرفًا غبيًّا، يشعل الناس غضبًا وثورة من جديد. وتكرر ذلك حتى كانت قاصمة الظهر (معركة الجمل) التي قال الشعب بعدها (ما بدهاش) وأصروا على خلعه، وخلع زبانيته من كبار الإرهابيين (الوطنيين) صناع الفتن والمؤامرات.
وكاد قومنا الطيبون - في لحظة عاطفة - ينسون أنه ورجاله جففوا ينابيع كل خير في البلد: الاقتصاد، والصناعة، والزراعة، والتجارة، والعمق السياسي، ونشروا الفساد، والبيروقراطية، وعذبوا الناس وجوعوهم، وأذل أعناقهم، حتى زاد العوانس عن تسعة ملايين، وحتى تفشت البطالة بشكل لا يطاق، وانتشرت المخدرات، والعنف، والبلطجة، والقتل في الشوارع، والمخافر، ومقار أمن الدولة، والسجون، وكسرت الشرطة إرادة المواطنين لحد غير متصور.. في حين دلل هو وحكوماته وأزلامه إسرائيل، ومكنوا من رقبة مصر كل من لا يذكر اسمه، حتى ميليس زيناوي ورؤساء دويلات القرن الأفريقي! و(هوّ ولا هنا).. عذب - بأمره أو بتواطئه أو بتغافله - وجوع، وأهان، وأذل 85 مليون رجلًا وامرأة وطفلًا!
والغريب أن هناك أصواتًا تعيد الموقف ذاته، وتبكي على جرذ ليبيا قذاف الدم، وتصفه بالوطنية، وحماية بلده اللي كان أهلها ما بيدفعوش كهربا ولا مية (!) الله يهديكم؟
ألهذه الدرجة تَعمى العاطفة فتلغي العقل!؟
أترْثون لذلك الحيوان الذي دك بلده بالطائرات، واستأجر مرتزقة قتلوا وجرحوا أكثر من مائة ألف شخص في الأشهر الفائتة، ودمر بلده تدميرًا يبكى عليه!؟
أتدمعون على ذلك الوحش المنتفخ المنفش المستعلي، الذي يتم أطفالًا، ورمّل نساءً، وأثكل أمهات، ودك مدنًا، وأشعل بالنفط النار يبكى عليه!؟
أترقُّون لذلك الرئيس الوطني الذي هدد شعبه صراحة أنه سيجعلها جهنم الحمر، قرية قرية ودارًا دارًا!؟
أتعطفون على الفرعون الذي احتقر شعبه، وأهانه، وأفقره، وسرق ماله، ومستقبله أربعين سنة مضت، وأربعين سنة قادمة!؟
أتلين قلوبكم لذلك الطاغية الإرهابي الكبير الذي أنجب طاغيته وإرهابيه الصغير سيف الإزلام، الذي كان يخاطب (شعبه) بأصبعه، كأنهم تلاميذ في الروضة، ويهددهم، ويتوعدهم كأنهم محاسيب عند أبيه؟
أتحدبون على الكائن الذي حول ليبيا كلها – البلد النفطي الضخم - عزبة يرتع فيها أبناؤه، وعائلته، ومن اصطفاهم؛ لمساعدته في التفقير والتجهيل، والإرهاب والقمع؟
أليس للمائة ألف قتيل وجريح في ميزانكم حساب؟
أليس لهذه القائمة الطويلة من الخيانة في عدلكم ثمن؟
وهل أنتم أرحم من ربكم الرحمن الرحيم الذي شرع القصاص، وأمر بالعدل!؟
خذوا هذه المعلومة العجيبة:
= لما أراد الله تعالى أن يغرق فرعون مصر عليه لعائن الله، وعاين الأحمق الغبي الموت قال – حين لا ينفع القول -: (آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل، وأنا من المسلمين) وكأنه الغبي يخادع ربه تعالى، متجاهلًا أنه روع المصريين، وقتل جيلًا من الأطفال الرضع، وقال لشعبه: أنا ربكم الأعلى، وعبَّدهم لنفسه وعائلته، وهامانه، وكهنته، وملئه!
وأثناء غرقه رآه سيدنا جبريل (ملاك الوحي والحياة والرحمة) وهو يحاول أن يسلم وينطق بشهادة التوحيد التي عاش عمره كله يحاربها، فأخذ جبريل طميًا من قاع البحر، وطفق يحشو به فم فرعون؛ حتى لا ينطق بالشهادة، فربما أدركته رحمة الله تعالى! تصور!
في مسند أحمد، والترمذي، وصحيح الجامع، والسلسلة الصحيحة، والنوافح العطرة، وغيرها، بأسانيد صحيحة، عن ابن عباس رضي الله عنه، عنه صلى الله عليه وسلم: (لما أغرق الله فرعون قال: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} قال صلى الله عليه وسلم: قال لي جبريل: يا محمد: لو رأيتني وقد أخذت حالًا من حال البحر فدسيته في فيه؛ مخافة أن تناله الرحمة)!
لا يريده أن يسلم فيُرحم، لبشاعة جرائمه المتراكمة المتطاولة الممتدة الشنيعة!
سبحان الله: جبريل يفعل ذلك، وإخواننا يعتقدون أنهم أرحم من جبريل عليه السلام!
= سيدنا نوح صلى الله عليه وعلى أنبياء الله جميعًا، وسلم تسليمًا كثيرًا يدعو على قومه؛ بعد أن لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، فما آمن معه إلا قليل، فقال من قلبه: (رب: لا تذر على الأرض من الكافرين ديارًا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك، ولا يلدوا إلا فاجرًا كفارًا) سيدنا نوح عليه السلام، أحد أهم خمسة رجال في تاريخ البشرية، وأرحمهم، وأبرهم، يدعو على قومه، أن يأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر..
وبعض إخوتنا يظنون أنهم أرحم من نوح صلى الله عليه وسلم!؟
= ومحمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه ربه رحمة للعالمين، يدعو على رعل، وذكوان، وعصية، القبائل التي خانت الكلمة، وغدرت بالمسلمين: ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رعل وذكوان وعصية وبنو لحيان، فزعموا أنهم قد أسلموا، واستمدوه على قومهم، فأمدهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين من الأنصار، قال أنس: كنا نسميهم القراء، يحطبون بالنهار، ويصلون بالليل، فانطلقوا بهم، حتى إذا بلغوا بئر معونة غدروا بهم، وقتلوهم، فقنت صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو على رعل وذكوان وبني لحيان، في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة، يدعو عليهم، ويؤمِّن من خلفه!
= ومحمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه ربه رحمة للعالمين، دخل مكة المكرمة فأمّن أهلها كلهم، وعفا عنهم، رغم ما فعلوه به صلى الله عليه وسلم، وبأصحابه رضي الله عنهم من تشريد وتعذيب وقتل ومصادرة وتشويه، وتأليب للعرب عليه، يدخل عام الفتح، وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: يا رسول الله: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال صلى الله عليه وسلم: اقتلوه؛ وإن كان متعلقًا بأستار الكعبة!
أنحن أرحم منه صلى الله عليه وسلم؟!
أتعجب والله ممن يرثون لقذاف الدم، ولا يرثون لبحور الدم التي أهرقها، رغم أنه ظل متفرعنًا مستكبرًا لآخر لحظة، يقاتل، ويهدد، ويستأجر، ويرسل مدافعه وراجماته على الناس جحيمًا، ويسلط قناصته لاصطياد رؤوس أهل وطنه، بل أهل مدينته سرت! ولم تظهر منه بادرة ندم، أو إشارة اعتذار، أو علامة تراجع، كما ظهر من صدام مثلا، أو حتى المجرم بن علي الذي قال لشعبه: فهمتكم.. فإن هذا أبى حتى أن يفهم!
ودعني أُجْرِ مقارنة هنا بين قذاف الدم وبين صدام، وكلاهما كان جبارًا عنيدًا عنيفًا، لكن أحدهما استمر جبارًا عنيدًا، في حين لان الآخر وتراجع؛ ما أدى إلى أن يتعاطف معه كثيرون:
= = في آخر سنوات صدام كان قد بدأ يتراجع عن كثير من جبروته، وبعثيته، وحمقه، ويعود إلى دينه، ويتواصل مع العلماء، وأهل الدين، ما أقلق الغرب كثيرًا، وكان من أسباب التعجيل بضربه!
على عكس صاحبنا العقير قذاف الدم، الذي ظل لآخر لحظة - مثل فرعون - مستكبرًا منتفخًا، يهدد ويتوعد!
= = حين أخذوا العقير من ماسورة مجاري الجرذان، قال لهم في ترجٍّ وذلة: يا أولادي لا تقتلوني/ حرام عليكم/ حرام عليكم/ إنتو ما تعرفوا الحرام؟!
بينما رفع صدام رأسه، هازئًا بأولاد الرفضة، الطائفيين الذي كانوا يشمتون به، وكان يهينهم، ولم تطرف له عين، وجهر بلا إله إلا الله محمد رسول الله، سمعتها الدنيا كلها!
وفي المحكمة كان صدام كان جريئًا عزيزًا، لم يرج المحكمة، ولم يذل نفسه لأحد، بل كان يجبههم، ويقارعهم، ويهينهم، ويقرأ في المصحف أمام كاميرات تلفزيونات العالم!
= = وقف العالم كله ضد صدام، بينما وقف العالم كله – حتى بعض الدول العربية – مع العقير، وثبتوه، وشجعوه، وأطالوا أمد فساده، ودماره، تسعة اشهر، وأمدوه بالأسلحة جهارًا نهارًا، ولا عليكم من شغل النيتو الذي دمر البنية التحتية معه، ولا عليكم من الشجب الإعلامي لبعض الأنظمة، التي آوت رجاله وعائلته، وأخفت جرائمه.
= = إسرائيل كانت تخاف صدام، وتأخذ تهديداته بجدية، ولم تدخل العراق إلا بمعونة الروافض، وبعد إعدامه صار الصهاينة يحكمون العراق منذ اللحظة الأولى لغزوها... في حين أن العقير استأجرهم لحمايته، بشكل صريح معلن، سبق أن كتبت عنه!
= = لم يُصحِّر صدام بلده، ولم يغلق الجامعات، ولم يقص أعناق العلماء، بل كانت العراق بلدًا ينتج مئات وألوف العلماء، والأكاديميين، والشعراء، والفنانين.. أما العقير فقد تركها صحراء بلقع، ليس فيها معلم حضاري، ولا جامعة ذات شأن، ولا مدينة متحضرة، ولا قانون أو دستور، ولا شعب كريم مستور!
أيها العاطفيون الباكون على قذاف الدم.. راجعوا أنفسكم من فضلكم!
--------------
في مطلع ثرثرته الشعرية: شاهد على زمن الطغاة: خطب الدكتاتور الموزونة، كتب محمود درويش: .... سأختار أفراد شعبي/ سأختاركم، واحدًا واحدًا/ سأختاركم كي تكونوا جديرين بي/ إذن، أوقفوا الآن تصفيقكم كي تكونوا جديرين بي، وبحبي/ قفوا - أيها الناس - يأيها المُنتقون كما تُنتقى اللؤلؤة: لكلِّ فتىً امرأة/ وللزوج طفلان: في البدء يأتي الصبي/ وتأتي الصبية من بعد.. لا ثالث/ وليعم الغرامُ، على سُنَّتي/ فأحبوا النساء، ولا تضربوهنَّ إن مسَّهُنَّ الحرامُ/ سلامٌ عليكم.. سلامٌ.. سلامُ!
سأختارُ من يستحق المثول أمام مدائح فِكري/ ومن يستحق المرور أمام حدائق قصري/
سأختار شعبًا محبًّا، وصلبًا، وعذبًا/ سأختار أصلحكم للبقاء، وأنجحكم في الدعاء لطول جلوسي/ فتُبّا لما فات من دولٍ مزقتها الزوابعْ! لقد ضقت ذرعًا بأميّة الناس/ يا شعبي الحرّ، فاحرسْ هوائي من الفقراءِ، وسرب الذباب، وغيم الغبار/ ونظِّفْ دروب المدائن من كلِّ حاف، وعارٍ، وجائعْ/ فتُبّا لهذا الفساد، وتُبّا لبؤس العِباد الكسالى، وتُبا لوحل الشوارعْ!
سأختاركم وفق دستور قلبي: فمنْ كان منكم بلا علّة فهو حارسُ كلبي/ ومنْ كان منكم طبيبًا أعيّنه سائسًا لحصاني الجديدْ/ ومنْ كان منكم أديبًا أعيّنه حاملاً لاتجاه النشيد/ ومنْ كان منكم حكيمًا أعيّنه مستشارًا لصك النقود/ ومنْ كان منكم وسيمًا، أعيّنهُ حاجبًا للفضائحْ/ ومنْ كان منكم قويًّا أعيّنهُ نائبا للمدائحْ/ ومنْ كان منكم بلا ذَهبِ، أو مواهب فلينصرفْ/ ومنْ كان منكم بلا ضَجَر ولآلئ فلينصرفْ/ فلا وقت عندي للقمح والكدح.. ولأعترفْ/ أمامك يأيها الشعب يا شعبي المُنتقى بيديّ بأني أنا الحاكمُ العادلُ/ لابد من برلمان جديد، ومن أسئلة: مَنِ الشعبُ، يا شعبُ؟ هل كلُّ كائنْ/ يُسمى مواطنْ؟/ تُرى هل يليق بمَن هو مثلي قيادة لص، وأعمى، وجاهلْ؟/ وهل تقبلون لسيّدكم أن يساويَ ما بينكم، أيها النبلاء، وبين الرعاع اليتامى الأرامل؟/ وهل يتساوى هنا الفيلسوف مع المتسوّل؟ هل يذهبان إلى الاقتراع معًا كي يقود العوام سياسة هذا الوطنْ؟ وهم أغلبيتكُم، أيها الشعب، هم عددٌ لا لزوم له إن أردتُمْ نظامًا جديدًا لمنع الفِتنْ!
إذنْ، سأختار أفراد شعبي: سأختاركم واحدًا واحدًا كي تكونوا جديرين بي، وأكون جديرًا بكمْ/ سأمنحكم حق أن تخدموني/ وأن ترفعوا صوري فوق جدرانكم/ وأن تشكروني لأني رضيت بكم أمّةً لي/ سأمنحكم حق أن تتملوا ملامح وجهي في كلِّ عام جديد/ سأمنحكم كل حق تريدون: حق البكاء على موت قط شريد/ وحق الكلام عن السيرة النبوية في كلِّ عيد!
لكم أن تناموا كما تشتهون: على أي جنب تريدون.. ناموا/ لكم حق أن تحلموا برضاي وعطفي، فلا تفزعوا من أحدْ/ سأمنحكم حقكم في الهواء، وحقكم في الضياء، وحقكم في الغناء/ سأبني لكم جنّة فوق أرضي.. كُلوا ما تشاؤون من طيباتي/ ولا تسمعوا ما يقول ملوك الطوائف عني/ وإني أحذركم من عذاب الحسدْ!/ ولا تدخلوا في السياسة إلا إذا صدر الأمر عنِّي/ لأن السياسة سجني/. هنا الحُكْمُ شورى:/ أنا حاكمٌ مُنتخبْ/ وأنتم جماهير مُنتخبة/ ومن واجب الشعب أن يلمس العتبة/ وأن يتحرى الحقيقة ممن دعاه إليه، اصطفاه، حماه من الأغلبية/ والأغلبية مُتعِبة مُتْعَبَة/ ومن واجبي أن أوافق، من واجبي أن أعارض، فالأمر أمريَ والعدل عدلي، والحق مُلكُ يديّ/ فإما إقالته من رضاي/ وإما إحالته للسراي/ فحق الغضبْ/ وحق الرضا لي أنا الحاكم المُنتخبْ/ وحق الهوى والطرب/ لكم كلكم..
أنا الحاكم الحرُ والعادل/ وأنتم جماهيري الحرّة العادلة/ سننشئ منذ انتخابي دولتنا الفاضلة/ ولا سجن بعد انتخابي، ولا شعرَ عن تعب القافلة/ سألغي نظام العقوبات من دولتي؛ فمن أراد التأفف، خارج شعبي، فليتأفف/ ومن شاء أن يتمرّد، خارج شعبي، فليتمردْ/ سنأذن للغاضبين بأن يستقيلوا من الشعب، فالشعب حرٌّ/ ومن ليس منّي ومن دولتي، فهو حرّ/ سأختاركم واحدًا واحدًا مرّة كل خمس سنين، وأنتم تُزكونني مرّة كل عشرين عامًا إذا لزم الأمر، أو مرّة للأبدْ.. وإن لم تريدوا بقائي، لا سمح الله، إن شئتم أن يزول البلدْ/ أعدت إلى الشعب ما هبَّ أو دبَّ مِنْ سابق الشعب كي أملك الأكثرية، والأكثرية فوضى/ أترضى، أخي الشعب؟! أترضى بهذا المصير الحقير.. أترضى؟ معاذك!
قد اخترتُ شعبيَ، واختارني الآن شعبي/ فسيروا إلى خدمتي آمنين/ أذنت لكم أن تخروا على قدمي ساجدين/ فطوبى لكم، ثم طوبى لنا أجمعين!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.