طالب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بضرورة عقد لقاءات للمثقفين والأزهر والكنيسة للوصول إلى تصور محدد ومعرفة حقيقية لمشكلة التعليم والبحث العلمي ووضع حلول للمشكلات ترتبط بواقع هذا المجتمع، مشددا على أنه في غياب الرؤية المشتركة لا مفر من توحيد المرجعية في توافق ثقافي. وحذر الطيب من شيوع "الفكر المتشدد عالي الصوت الذي لا يأخذ من الدين سوى القشور، والذي يترافق معه فكر غربي بعيد كل البعد عن الشخصية والهوية المصرية التي كانت دائما تراعي التنوع والتعددية والاختلاف"، معتبرا أن مصر أصبحت ضحية لكلا الاتجاهين. وطالب خلال افتتاح مؤتمر "التوافق الثقافي في ضوء وثيقة الأزهر" أمس بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية بضرورة تحقيق توافق ثقافي يرتكز على ثوابت إسلامية صحيحة ويراعي متغيرات العصر، وذلك من خلال التنسيق بين رموز الثقافة والتعليم والأزهر والكنيسة والإعلام وكل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية لوضع تصور محدد للثقافة. ودعا إلى تحديد رؤية للشباب ترتبط بواقع المجتمع، وإقرار الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية، وصولا إلى ثقافة جادة معبرة عن كل الحراك في المجتمع المصري. وأشار إلى سمات الثقافة الإسلامية التي تميزت بأنها "ثقافة إنسانية تهتم بهموم وقضايا ووجدان الإنسان، وكذلك لاهتمامها بحق الاختلاف في الرأي والاعتقاد وحرية التعبير وإقرارها التساوي بين الناس جميعا بلا تفرقة في جنس أو لون أو دين"، مبينا أن الثقافة الإسلامية سبقت الثقافات الأخرى في تحقيق التقدم الحضاري، غير أنها تراجعت لبعدها عن أصولها الحضارية . وشدد شيخ الأزهر على ضرورة تعاون كل أفراد المجتمع لإعادة بناء مصر وانتشالها من الظروف التي تمر بها بعد ثورة 25 يناير لتعود - مصر درة الشرق وأم الدنيا - وتواصل مسيرتها لدعم قضايا أمتها العربية والإسلامية موضحا أن وثيقة الأزهر هي النتاج الثقافي لمستقبل مصر . من جانبه، أكد الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية أن "وثيقة الأزهر" عبرت عن أرضية مشتركة بين الجميع كرد على المشاكل التي ظهرت بعد ثورة 25يناير بوضوح في اجتماعات النخبة في الحوار الوطني كأحادية التفكير والرفض للتعددية التي هي أساس الديمقراطية والصراع بين الفكر الإسلامي والعلماني والفتنة الطائفية. وأضاف أن مكتبة الإسكندرية قامت بطبع كتيب يحتوى وثيقة الأزهر مترجمة إلى ثلاث لغات هي الإنجليزية والفرنسية والألمانية، بالإضافة إلى لغات أخرى غير منتشرة مثل الصينية، نظرا لأهمية الوثيقة على المستوى العربي والعالمي. وانتقد سراج الدين تركيز الإعلام في الفترة الأخيرة على التيار الإسلامي وخاصة السلفي والجماعات الإسلامية، مشيرا إلى أن ذلك قد يسيء إلى الدين الإسلامي ككل رغم أنه برئ من هذا التشدد، مؤكدا أن الأزهر سيعيد الأمور إلى نصابها. وهاجم ما دعاها ب "السلفية العلمانية" ل "انغلاقها على أنفسهم وعلى بعض الأفكار"، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي لابد فيه من الاستئناس بأفكار الآخرين إلا انه يجب الأخذ في الاعتبار أنها وليدة أوضاع خاصة لشعوب مختلفة من حيث الاحتياجات . بدوره، أكد الدكتور عبد الله بن بيه نائب رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، أن مصر قلعة العالم وصلاحها يكون بصلا العالم العربي وفسادها يكون فساد للعالم العربي لأنها النموذج الذي يحتذي به في الشرق الأوسط والدول الإسلامية، بعكس الغرب الذي يتصدى له الأزهر بوثيقته التي تحتوي على كل المبادئ والقيم التي ستقف بمصر على أول طريق البناء والتعمير والديمقراطية العادلة. وحذر بن بيه من إقصاء أي فصيل ديني أو سياسي أو غيره، مؤكدا أن منطق الإقصاء سيكون ضد النظام الوطني لافتا إلى أن الإقصاء يخلق الحقد والكراهية والتطرف والإرهاب.