«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا أرفض مقاطعة الدنمارك ؟
نشر في المصريون يوم 10 - 02 - 2006

بثت فضائية (البي بي سي) خبرا في مقدمة نشرتها الإخبارية صباح 8/2 يقول أن المجلة الفرنسية (شارلي هبدو) ستعيد نشر الرسوم الكاريكاتورية المستهزئة بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وستضيف إليها مجموعة رسوم أخرى من عندها. وليس هذا فحسب .. بل إن القضاء الفرنسي رفض إلتماسا من مسلمي فرنسا بالتدخل لمنع نشر هذه الرسوم. بتعبير آخر، فإن القضاء الفرنسي الذي يجرم معاداة السامية والسخرية من اليهود ، أعطى المجلة الفرنسية وغيرها من المنابر العنصرية في فرنسا ضوءا أخضر للسخرية من الإسلام ورسوله. صحيح أن جاك شيراك أدان هذا الفعل من جانب المجلة الفرنسية ، ولكنه لم يعتذر. فماذا نحن فاعلون ؟ لاشئ .. لأننا لا نقدر على فرنسا كما لم نقدر على أميركا من قبل .. إنها قصة الحمار والبردعة ، وهي أسوأ ما في قضية الرسوم المسيئة ، وأهم الأسباب التي تدفعني إلى رفض مقاطعة الدنمارك. لقد بدأت القضية بنشر جريدة (يولاندس بوستن) اليمينية 12رسما كاريكاتوريا ساخرا عن سيدنا محمد (ص) في عدد 30سبتمبر، أثارت مشاعر مسلمي الدنمارك الذين هبوا لإنشاء "اللجنة الأوربية لتكريم الرسول" والتي تضم تحت لوائها 27 منظمة مسلمة في الدنمارك. قامت اللجنة بصياغة بيان إحتجاجي جمعت عليه 17ألف توقيع، وتوجهت به إلى مكتب رئيس الحكومة مطالبة بإنصاف المسلمين من الصحيفة. تجاهلت كل من الصحيفة ورئيس الحكومة مطالب المسلمين ، فما كان منهم إلا أن توجهوا إلى عدد من السفراء العرب للتدخل في المسألة. وعندما طلب السفراء مقابلة رئيس الوزراء ، رفض الاجتماع بهم. طوال شهري أكتوبر ونوفمبر، ظلت القضية محصورة داخل الدنمارك دون أن يشعر بها أحد في الخارج. وبسبب تعنت وعجرفة كل من الصحيفة ورئيس الوزراء وعدم وجود منابر إعلامية دنماركية معروفة دوليا يمكن للمسلمين عن طريقها نشر إحتجاجاتهم ، وبسبب قيام اليمين الدنماركي بإرسال صور أخرى مسيئة للرسول ، أشد صفاقة مما نشر، إلى المسلمين عقابا لهم على تحركاتهم ، قررت اللجنة المسلمة تصعيد المسألة ، وذلك بتشكيل وفد يطلب النصرة من الحكومات العربية. قامت اللجنة بتجهيز ملف للقضية من 43 صفحة توجه به الوفد إلى القاهرة في أوائل ديسمبر حيث إجتمع بشيخ الأزهر ووزير الخارجية والسيد عمرو موسى. كما تحدث أعضاء الوفد إلى الإعلام المصري ، وظهروا في برنامج (العاشرة مساء). وذهب وفد آخر إلى بيروت اجتمع بمفتي لبنان الشيخ رشيد قباني والزعيم الشيعي الشيخ حسين فضل الله ، وظهروا على فضائية (المنار). وحمل وزير خارجية مصر ملف اللجنة الدنماركية المسلمة معه إلى مكة لعرضه على مؤتمر القمة الإسلامي الذي إنعقد منذ شهرين. كل هذه التحركات كانت كافية لرفع القضية من المستوى المحلي إلى المستوى الإقليمي ، مما أدى إلى صدور دعوات مقاطعة المنتجات الدنماركية في دول الخليج ، وإنطلاق التظاهرات والاحتجاجات والهتافات وحرق الأعلام . وكان ذلك معناه رفع القضية وكل ما يصاحبها من صخب وقلق إلى المستوى الدولي. عندئذ قرر عدد من الصحف الأوربية الرد على إحتجاجات العرب والمسلمين بتصعيد التحدي معهم. فكانت البداية من صحيفة نرويجية قامت في 10 يناير بإعادة نشر الرسوم المسيئة ، وأعلن رئيس تحريرها أنه إتخذ هذا الإجراء لإظهار التضامن مع الدنمارك و"لمواجهة الإسلام المتطرف". وسارت صحف أخرى في إسبانيا وإيطاليا وهولندا وألمانيا وأخيرا فرنسا على نفس المنوال ، وكله بدعوى حرية التعبير. وكان رئيس تحرير مجلة (دي فيلت) الألمانية الشهيرة من أهم من رفعوا شعار "تحدي الإسلام المتطرف" عندما قال أن "نشر الرسوم يقع في قلب ثقافتنا ونحن لا نستطيع التوقف عن ممارسة حرية التعبير في إطار القانون". أي أن المسألة كلها مرتبطة بوجود القوانين القادرة على كبح جماح العنصرية الأوربية. فما يمنعه القانون هو فقط العنصرية تجاه اليهود والسود والشواذ جنسيا. عدا هذه المجموعات ، كل شئ مباح. في هذا السرد السريع لتصاعد الأزمة يتضح أن المحرك الرئيس لها كان مسلمو الدنمارك الذين إستفزتهم عجرفة الصحيفة ورئيس الحكومة الدنماركية. وهنا علينا أن نتساءل لماذا لانرى تحركات مشابهة من مسلمي أميركا. فمنذ واقعة 11 سبتمبر، والإسلام ورسوله يوجه إليهما السباب يوميا في ولاية ما بالولايات المتحدة ، سواء كانت صحيفة أو مجلة أومحطة إذاعية أو تلفزيونية .. ولم يحدث أن قام مسلمو أميركا بإرسال وفد يطلب النصرة من حكومات العرب. علينا أيضا أن نتساءل لماذا إستجابت الأنظمة العربية لطلب النصرة؟ أظن أن الإجابة واضحة وضوح الشمس. من الناحية الأولى ، فقد رأت الأنظمة في هذه القضية فرصة لا تعوض لصرف أنظار الشعوب عن قضيتها الأساسية مع طغيان الداخل، والإيحاء للجماهير المنفعلة بأن معركتها يجب أن تكون مع عنصرية الحاكم الأوربي ، وليس مع تسلط وفساد الحاكم العربي. إستجابت الأنظمة (وخاصة نظام مبارك) وهي تعلم أنه لا يوجد ما تخسره في مواجهة دولة صغيرة كالدنمارك. ولهذا سكتت هذه الأنظمة عندما هددها الاتحاد الأوربي بأنه لن يسكت على مقاطعة عضو من أعضائه. ومن الناحية الثانية ، فقد تحرك مسلمو الدنمارك لعلمهم بأن بلدهم صغير لا حول له ولا قوة ، وأنه مهما كانت عجرفة رئيس حكومته ، فهو لن يستطيع في النهاية أن يصمد أمام ضغوط العرب الاقتصادية. أما مسلمو أميركا من الناحية الثالثة ، فهم يعلمون بأنهم مهما تحركوا بهدف حشد تأييد الأنظمة العربية ضد الإهانات الموجهة للإسلام في الولايات المتحدة ، فلن يجدوا إلا أذنا من طين وأخرى من عجين. كما أنهم ليسوا في حاجة للتحرك لأن كل ما يجري في أميركا معروف ويجري نشره عبر وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت (وهو ما كان يفتقده مسلمو الدنمارك). ماذا فعلت الأنظمة العربية عندما علمت بأن حراس جوانتانامو كانوا يركلون المصحف بأقدامهم ويدوسون عليه بأحذيتهم؟ هل جرؤ زعيم عربي على مطالبة بوش بالاعتذار؟ لقد خرجت حكومة حزب مبارك بتصريحات توحي وكأنها تغار على رسولنا الكريم لدرجة أنها طالبت كما أعلن السيد مفيد شهاب بعدم ترشيح أي دنماركي لأي منصب دولي وعدم ترشيح الدنمارك لعضوية لجنة التمييز العنصري ، وحثت دول العالم العربي والإسلامي على المشاركة في هذا الموقف. فأين كانت غيرتها تلك طوال السنوات الأربعة الماضية عندما كان جيري فولويل وبات روبرتسون (وهما من قيادات اليمين المسيحي الأمريكي الذي ينتمي إليه بوش) يسبان الإسلام والرسول ؟ أين كانت هذه الغيرة عندما كان سب الإسلام والرسول ينشر في كبريات الصحف من أمثال الواشنطن تايمز الأمريكية والديلي تلجراف البريطانية والجيروزاليم بوست الإسرائيلية؟ إن المجتمعات الأوربية لا يوجد لديها مقدسات من أي نوع .. حتى كنيسة المهد عندما حاصرها الإسرائيليون و قصفوها لم يحتج أحد في أوربا ، وكان المسلمون هم الأكثر تألما لما يجري لكنيسة مهد المسيح عليه السلام. ولهذا لم يستوعب رئيس وزراء الدنمارك سبب ثورة المسلمين ، وأصر على إعلاء "حرية التعبير" فوق أي إعتبار آخر. وبالتالي إذا كان ما فعلته الدنمارك يمكن إدراجه كخطأ، على أساس جهل الصحيفة ورئيس الوزراء بقدسية الرسول عند المسلمين ، فإن ما فعلته صحف أوربا الأخرى ، التي أعادت نشر الرسوم وأضافت إليها رسوم أخرى أكثر بذاءة ، كان جريمة متعمدة مع سبق الإصرار والترصد ، لأنهم فعلوا ذلك وهم عاقدون النية على إهانة المسلمين. فأي الفريقين أولى بالعقاب؟ لقد إحتشد الحكام العرب ضد الدنمارك ورئيس حكومتها وهي الدولة الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة بينما لا يجرؤ حاكم واحد منهم على تكرار موقفه هذا مع بوش ولا حتى شيراك. فيا لها من شجاعة أن يتركوا الحمار ويضربوا البردعة. هل تستطيع حكومة مبارك أن تعلن رفضها ترشيح أي فرنسي لأي منصب دولي (وهو موقفها الذي أعلنته تجاه الدنمارك) بناء على ما نشرته مجلة (شارلي هبدو) وتأييد القضاء الفرنسي لها ؟ أظننا نعلم الإجابة لأن نظام مبارك أجبن من أن يواجه فرنسا (ولن أقول أميركا). نعم لقد أخطأ رئيس وزراء الدنمارك وأخذته العزة بالإثم وظل يعاند حتى إقتنع أنه لا مفر من إعلان الأسف على إيذاء مشاعر المسلمين . وظلت الصحيفة تكابر وتعاند حتى إضطرت للإعتذار على صفحة كاملة في (الأهرام) وغيرها من الصحف. حتى الصحيفة النرويجية التي نشرت الرسوم في 10يناير إعتذرت بقوة. وهذه إنجازات كبيرة معناها واضح ، وهو أن الرسالة وصلت وأن الدنماركيين أدركوا مدى تقديس المسلمين لدينهم ورسولهم . هنا كان يجب على المسلمين وضع نهاية للمشكلة مع الدنمارك ، ثم تصعيدها مع الإتحاد الأوربي بمطالب محددة وواضحة يأتي على رأسها إدانة الإتحاد وبرلمانه لجميع الصحف والمجلات التي تعمدت الإساءة إلى المسلمين بإعادة نشر الصور، ثم إعلان الإدانة لكل ما يرتبط بظاهرة الإسلاموفوبيا في أوربا (التحريض على كراهية الإسلام والسخرية من رسوله وشعائره وتقاليده) كما هوالحال مع معاداة السامية والتشكيك في المحرقة النازية. لقد أصدر "المركز الأوربي لمراقبة العنصرية وكراهية الأغيار" تقريرا في إبريل2004 عن تفشي معاداة السامية في أوربا ، علق عليه رئيس البرلمان الأوربي بمطالبته للقوى السياسية الأوربية بالتوقيع على "ميثاق الأحزاب السياسية الأوربية لمجتمع غير عنصري" من أجل التعامل مع "سرطان معاداة السامية". وأكد تقرير المركز الأوربي على أن "الأحداث العنصرية تنخفض عندما يشدد القادة السياسيون على الملأ بأنه لا تسامح مع كراهية الأغيار." وما نريده من أوربا هو مواقف غير متسامحة مع الصحف العنصرية التي تصر على سب المسلمين وإهانتهم ، ومطالبة الدول التي تجرم معاداة السامية ، وعلى رأسها فرنسا ، بتجريم معاداة الإسلام. إما هذا وإما إتخاذ موقف قوي وواضح من كل من يرفض إدانة أو تجريم العداء للإسلام والتحريض على كراهيته. إذن فإني أرفض مقاطعة الدنمارك للأسباب التالية : أولا: أن هذه التجربة هي الأولى التي تسئ فيها الدنمارك للمسلمين, وأرى أنه يجب وضع نهاية لها باعتذار الصحيفة. وعلينا ألا نأخذ البرئ بذنب المذنب إلا إذا تكررت الإساءات ، وتبين أن هناك إصرارا على الجرم. ثانيا: أن الأولى من مقاطعة الدنمارك هو مقاطعة فرنسا التي منح قضاؤها ضوءا أخضر للإساءة للإسلام في صحافتها ، ومقاطعة إيطاليا التي سب رئيس وزراءها الإسلام علنا. وإذا علمنا أن أسواقنا مليئة بمنتجات أوربية ، فهل المطلوب هو مقاطعة منتجات الدولة المعتذرة والتي إرتكبت الجريمة عن جهل ، لكي نشتري منتجات الدول غير المعتذرة والتي إرتكبت جريمتها عن عمد وسبق إصرار على إهانتنا ؟ أي منطق سقيم هذا؟ ثالثا: أرفض مقاطعة الدنمارك لأنه إجراء غير ممنهج ، ورد فعل إنفعالي تقرر بناء على مصادفة لا يد لأحد فيها إلا مسلمي الدنمارك. أقاطع إذن عندما تكون المقاطعة سياسة ثابتة تجاه كل من يهين ديني ورسولي.. عندما يكون لديّ آلية لمراقبة صحافة وإعلام الغرب وتصريحات مسئوليه والتصدي لكل كلمة مسيئة تصدر عن أي صحيفة أو تلفزيون أو مسئول ، كما يفعل اليهود. أما أن أنفعل وأغضب بناء على مصادفة ، ثم أقاطع إنتقائيا فهذا أمر أرفضه. رابعا: أرفض المقاطعة على خلفية تدخل حكومة حزب مبارك الفاسدة باستغلالها السياسي للقضية. عندما تكون لدى هذه الحكومة الشجاعة اللازمة للمطالبة بعقاب مسئولي أميركا وفرنسا على ما يصدر في بلادهم من إساءات للإسلام ، سيختلف الأمر. خامسا: المقاطعة فعل إحتجاجي سلبي يحتاج إلى فعل إيجابي مصاحب له يخرج هذه الشعوب من جهلها بالإسلام ودعوته. بدون هذا الفعل الإيجابي من جانبنا ، فإن شعوب أوربا التي إعتبرت إسرائيل الخطر الأول على السلام العالمي ستنقلب علينا ، بينما القرآن يحثنا على أن ندفع بالتي هي أحسن (.. فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم). سادسا: دعوة المقاطعة التي تستند إلى رفض رئيس وزراء الدنمارك الإعتذار أرفضها لأن الرجل محق عندما يرفض الإعتذار عن خطأ لا علاقة له به. والذين يصرون على إعتذار رئيس الحكومة لا يتبينون للأسف بأن هذه سنة ليس في صالحنا إقرارها دوليا ، وإلا كان على حسني مبارك أن يعتذر لليهود كلما كتب مصري عن الهولوكوست بأسلوب يعتبرونه مهينا. فهل نقبل ذلك؟ إن مبارك عندما يُسأل في رحلاته إلى الولايات المتحدة عما يكتبه المصريون عن اليهود والمحرقة ، يرد عليهم بقوله : "إنها
حرية صحافة لا أستطيع التدخل فيها". فهل نقبل بأن يعتذر مبارك عما نكتب وبالتالي يعطي لنفسه حق التدخل فيه؟ منذ ما يقرب من ربع قرن ، وأنا أتابع الصحافة الأجنبية. ولذا لم تكن الرسوم المسيئة للرسول في الصحيفة الدنماركية مفاجئة لي . بل إن أول تجربة لي في الكتابة إلى الصحف الأمريكية كانت عام 1983 عندما قمت بالرد على مقال كتبته سيدة يهوديه تسب فيه سيدنا محمد في صحيفة محلية بمدينة فيلادلفيا. وطوال هذه السنوات ، أصبحت معتادا على مطالعة ما يخطه العنصريون الصهاينة في الغرب ضد الإسلام ورسوله ، والذي إرتفعت وتيرته وكثافته بعد واقعة 11/9. وكان رأيي دائما أن أفضل وسيلة للتعامل مع هؤلاء الجهلة هو الصبر على سفاهاتهم بضبط النفس والابتعاد عن الانفعال وما يصاحبه من غوغائية والرد العقلاني عليها كلما أمكن ذلك ، أو كم تقول الآية القرآنية (.. ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور). ولهذا كما قلت الأسبوع الماضي ، فإني أرى أن إتقان الإنجليزية أصبح فريضة على المسلمين لأنهم بدون هذا السلاح الفعال لن يبقى أمامهم إلا أحد أمرين : إما الإنفعال والصراخ العقيم ، وإما كبت الغضب حتى ينفجر في الاتجاه الخطأ.. أو كما فعلت قلة مخبولة من مسلمي بريطانيا عندما تظاهرت في شوارع لندن وهي تهتف بقطع رؤوس من يهينون الإسلام. وأخيرا أشدد على أن الرسول لم يهان.. فهو عليه الصلاة والسلام أكرم الأكرمين. إنما الإهانة تلحق بنا نحن الذين خذلنا دعوته وسلمنا قيادنا لأنظمة مجرمة خربت البلاد وأفسدت العباد وزورت الإنتخابات وإنحطت بالأوطان إلى الصفر في كل المجالات حتى أضاعوا هيبتنا وإحترامنا. [email protected]

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.