العديد من الرموز البارزة في الساحة العالمية لموسيقى الريغي، أمثال ألفا بلوندي ومورغان هيريتاج، وكي ماني، وغيرها من الأسماء الشهيرة، واكبت فعاليات مهرجان "آبي- ريغيه"، من 8 إلى 12 أبريل/ نيسان الجاري، في دورة هي الأولى من نوعها، غير أنّها ألهبت مسرح المهرجان بلوحات غنائية أثارت إعجاب المتابعين من عشاق هذه الموسيقى العالمية الشهيرة، التي تعدّ من الأنواع الموسيقية المولودة في جامايكا والشائعة بأمريكا اللاتينية والعالم، لتشكّل بذلك جسرا ثقافيا يمتدّ بين البلدين. جسر ثقافي إمتدّ من جمايكا، هذا البلد الذي يعدّ مهد ظهور الريغي في العالم، وصولا إلى أبيدجان، العاصمة الإقتصادية لكوت ديفوار، فكان أن صنع هذا الإنصهار فسيفساء جميلة لموسيقى أبهرت العالم منذ ستينيات القرن الماضي. وزير التشغيل الإيفواري، موسى دوسو، وهو صاحب مبادرة إطلاق هذا المهرجان، قال خلال حفل الإفتتاح الذي إنتظم مساء الخميس الماضي: "نتطلّع، من خلال هذا المهرجان، لأن نجعل من أبيدجان ميدانا عالميا لموسيقى الريغي، وإنطلاق الدورة الأولى لهذا الحدث، يشكّل جسرا بين كوت ديفوار وجمايكا". وأضاف "آمل أن يصنع مهرجان آبي ريغي من كوت ديفوار أرض لقاء بين جميع الأفارقة والأمريكيين، القادمين من أمريكا والكاراييب وغيرها". وإلى جانب الفنانين المعروفين على الصعيد العالمي، إستقبل المهرجان عددا من المواهب الشابة الناشطة في مجال موسيقى الريغي، ومنحهم فرصة إعتلاء خشبة المسرح، لإبراز طاقاتهم، وإستعراض قدراتهم أمام جمهور حاشد. ومع أنّ البعد الترفيهي يفرض بنفسه بشدّة في تظاهرة موسيقية ترمي إلى إستقطاب أكبر عدد من المتابعين، والترويج لموسيقى تحظى بحبّ الكثير من الإيفواريين والأفارقة بشكل عام، إلاّ أنّ "آبي ريغي" يستبطن بعدا تربويا، بحسب وثيقة التقديم التي تلقّت الأناضول على نسخة منها. فالأخيرة أوضحت أنّ المهرجان يشكّل "منصّة ترمي إلى بثّ أكبر قد ممكن من ثقافة الريغي، وهذا ما يفسح المجال لتناول هذا الموضوع من زوايا متفرّقة". رؤية تبلورت من خلال جملة من المؤتمرات تمّت برمجتها على هامش المهرجان، وقام بتنشيطها الموسيقيون والمؤرخون المختصّون. ولمنح الحدث بعدا عالميا يليق بدورة تتحضّر لأن تكون موعدا سنويا هاما، وجّه القائمون على المهرجان دعوات إلى العديد من الأسماء البارزة على الساحة العالمية للريغي، أمثال كريس بلاكويل، المنتج السابق لبوب مارلي، وجوليوس غارفي، نجل القومي الإفريقي المعروف ماركوس غارفي، والمعروف بمسيرته الإستثنائية ودوره في مقاومة الإستعمار الأنجليزي في بلده الأصلي جامايكا. غارفي الإبن، قال، خلال كلمة ألقاها في حفل إفتتاح المهرجان: "نحن سكّان جمايكا نعدّ أبناء وبنات إفريقيا، ونحمل الروح الإفريقية، وهي التي روت ضمأنا وتعطّشنا للحرية، وهذه الروح هي التي حملتنا إلى هنا وجعلتنا في هذا المكان اليوم". مواضيع عديدة طرحت، علاوة على ما تقدّم، على هامش المهرجان، أبرزها موضوع القومية الإفريقية كأداة لمقاومة قمع المستعمر، وقوة المخيّلة، وعالم الريغيه وتطوّره في كوت ديفوار. جملة من البرامج الهادفة إلى جعل كوت ديفوار وجهة لموسيقى الريغي والتآخي في العالم، وهذا ما يترجمه الإسم الذي حملته هذه التظاهرة الثقافية، "آبي ريغي"، وكلمة "آبي" تعني "صداقة"، بلهجة "البيتي" المنتشرة في الغرب الإيفواري، بحسب المشرفين على المهرجان. الريغي، هذا النوع الموسيقي الذي ظهر أواخر ستينيات القرن الماضي، يعدّ من التعبيرات الموسيقية الأكثر شعبية في جامايكا، والمختلفة بشكل كبير عن غيرها من الأساليب الموسيقية الأوروبية والأمريكية. ويتميّز بإيقاع ثقيل تمكّن من إستقطاب عشاق له لدى الأفارقة، على وجه الخصوص، المتواجدين في شتى أنحاء العالم. وعموما، فإنّ الريغي مرتبط بشكل وثيق بالحركة الراستافارية، أو الديانة التي تقبل الإمبراطور هيلا سيلاسي الأول، الإمبراطور السابق لأثيوبيا، "كتجسيد للرب" والذي يطلقون عليه اسم "جاه"، كما يراه متبعو تلك الديانة. ويأتي إسم رستفاري من راس وتعني الرأس. وهذا ما يفسّر حقيقة أنّ معظم مغنّي الريغي من أصول جامايكية وأجنبية، لا يتوانون عن إعلان أنفسهم من الراستا.