بعد استعادة القوات الحكومية العراقية المدعومة من الحشد الشعبي (قوات شيعية موالية للحكومة) السيطرة على مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين شمالي البلاد، قبل نحو أسبوعين، ومناطق أخرى في المحافظة خلال الأشهر القليلة الماضية، تقلص تواجد "داعش" في المحافظة لأقل من 20% من مساحتها بعد أن كان يسيطر على أكثر من 80% من مساحة المحافظة بعد اجتياحه لمناطقها في يونيو/حزيران من العام الماضي. وبحسب رصد وكالة "الأناضول" استناداً لمصادر مطلعة للأوضاع في صلاح الدين، فإن مناطق السيطرة في المحافظة ما بين القوات العراقية والحشد الشعبي والبيشمركة الكردية(جيش إقليم شمال العراق) و"داعش" باتت كالتالي: أولا: القوات العراقية والحشد الشعبي: المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش والشرطة والحشد الشعبي هي مدينة "تكريت"، ومدينة "سامراء" وبلدتا "الدجيل" و"بلد" جنوبها بالإضافة الى بلدة الدور شرق تكريت. وعلى الرغم من أن القوات العراقية تبسط سيطرتها على تلك المدن والنواحي التابعة لها، إلا أن اشتباكات متقطعة تحدث بين خلايا من "داعش" لا تزال موجودة في تلك المناطق، مع القوات التي تمسك الارض. وانسحب مقاتلو "الحشد الشعبي" من تكريت بعد مشاركتهم القوات العراقية في استعادتها من "داعش"، الشهر الماضي، إلا أنهم لا يزالون يسيطرون على محيطها. انسحاب "الحشد" بأمر من رئيس الحكومة حيدر العبادي بعد وقوع اعمال سلب ونهب واحراق للممتلكات الخاصة في تكريت عقب طرد مقاتلي "داعش" منها، واتهم عناصر الحشد بالقيام بذلك، على الرغم من نفيهم القاطع لتلك التهمة. في حين أن ما يزال الحشد في داخل باقي المدن في المحافظة إلى جانب قوات الجيش والشرطة العراقية. ثانيا: "داعش": ما يزال تنظيم "داعش" يسيطر بشكل كامل على مدينة الشرقاط أقصى شمال المحافظة وأجزاء من مدينة بيجي الواقعة ما بين تكريت (جنوبا) والشرقاط، وانحسر التنظيم إلى المدينتين بعد استعادة القوات العراقية والحشد الشعبي السيطرة على تكريت الأسبوع الماضي ومناطق مجاورة لها خلال الفترة القريبة الماضية. ويتقاسم "داعش" السيطرة على بيجي مع كل من "الحشد الشعبي" والقوات العراقية، وتصر الحكومة العراقية على أن تكون المدينة خاضعة لسيطرتها كون يقع فيها مصفى بيجي الذي يعد أكبر المصافي لتكرير النفط في شمالي العراق وهو يخضع لسيطرة قوات الجيش العراقي إلا أن محيطه ما يزال بيد "داعش" في ظل محاولات لطرده منها. ثالثا: البيشمركة: تقتصر سيطرة قوات البيشمركة الكردية (جيش اقليم شمال العراق) على مدينة طوزخورماتو ومحيطها شرق تكريت بشكل كامل، منذ يونيو/ حزيران الماضي، وذلك كونها مجاورة لمحافظة كركوك النفطية (شمال) التي سيطرت عليها البيشمركة بعد اجتياح "داعش" لمناطق شمال وغرب العراق في يونيو/حزيران من العام الماضي. إلا أن "الحشد الشعبي" تمدد مؤخراً في عمق بعض المناطق في طوزخورماتو ليتخذ منها مركزاً للانطلاق عبرها لمهاجمة "داعش" في المناطق التي يسيطر عليها جنوب محافظة كركوك التي يجمعها مع طوزخورماتو حدود طويلة. رابعا: جيوب "داعش": ما يزال في المحافظة جيوب تابعة ل"داعش" في عدد من المناطق، إلا أنها لا تشكل مناطق سيطرة لصغر مساحتها، وأبرز تلك المناطق التي تتواجد فيها تلك الجيوب ناحيتي دجلة والزلاية في محيط سامراء وكذلك في محيط تكريت(حي القادسية) ومحيط بلدة بلد ويشن التنظيم عبر تلك الجيوب هجمات على القوات العراقية والحشد الشعبي في المناطق القريبة منها. ويسكن محافظة صلاح الدين (175 كلم شمال بغداد) أغلبية عربية سنية بالإضافة الى خليط من العرب الشيعة، والتركمان والأكراد. ولمحافظة صلاح الدين التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.3 مليون نسمة، أهمية كبرى لدى الشيعة لوجود مزارات مقدسة فيها خاصة في سامراء حيث يوجد فيها مرقد الإمامين العسكريين، والذي أدى تعرضه للتفجير من قبل مجهولين عام 2006 لنشوب اقتتال دامي بين السنة والشيعة استمر حتى عام 2007 وأوقع المئات من القتلى بين الطرفين. كما يوجد أهمية كبيرة لمدينة تكريت التي ينحدر منها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين (سني)، الذي أعدم بعد 3 سنوات من الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وهي تعد أحد معاقل السنّة في البلاد وكذلك للمنتمين لحزب البعث الحاكم سابقاً. وحاولت القوات العراقية مرارا استعادة تكريت خلال الأشهر التسعة الماضية من قبضة تنظيم "داعش"، إلا أنها فشلت في ذلك قبل أن تتمكن مطلع الشهر الجاري من استعادة السيطرة عليها بعد طرد مقاتلي "داعش" منها. وتتهم السلطات العراقية ونواب شيعة تنظيم "داعش" إلى جانب عشائر سنية في تكريت بإعدام 1700 جندي عراقي غالبيتهم من الشيعة في القاعدة العسكرية الجوية "سبايكر" القريبة من تكريت، عقب اجتياح التنظيم المدينة في يونيو/ حزيران من العام الماضي.