اختتمت، اليوم الاثنين، الدورة ال 32 للملتقى السنوي لمسلمي فرنسا الذي ينظمه اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا (غير حكومي) في ضاحية بورجيه بالعاصمة الفرنسية باريس بعد أن استمر ثلاثة أيام تحت عنوان "محمد نبي الرحمة والسلام"، وشارك فيه نحو 50 ألف مسلم، بحسب منظميه. واتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا هو تجمع غير حكومي يضم 250 منظمة إسلامية في فرنسا. وبحسب صحيفة لوموند الفرنسية فإن الملتقى ناقش العديد من القضايا التي شغلت المسلمين مؤخرا، وأبرزها تصاعد حالة الإسلاموفوبيا بعد هجمات "شارلي ابدو"، ومحاولات منع ارتداء الحجاب في الجامعات بعد منعه في المدارس، وكذلك قلة المساجد والرغبة في مضاعفة عددها. وشهدت باريس، في 7 يناير الماضي، هجوماً استهدف مقر صحيفة "شارلي إبدو" الفرنسية والتي اعتادت نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد خاتم الأنبياء، أعقبه 3 هجمات أخرى في الأيام الثلاث التالية، أسفرت عن مقتل 17 شخصاً، بينهم 3 من منفذي الهجمات. وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية في عددها الصادر اليوم، فقد زارت آلاف العائلات المسلمة المعرض الذي قدم العديد من الأنشطة منها الترفيهية والتسويقية، حيث عرض فيه الملابس الإسلامية والأطعمة الحلال والمشغولات الفضية والحلي، كما اهتم القائمون على الملتقي بالجانب التثقيفي، إذ شهد بيع الكتب والشرائط الإسلامية إلى جانب بيع المصاحف، كما يمكن للزوار حضور العديد من الندوات التثقيفية والمناظرات الفكرية بين قادة الرأي المسلمين في فرنسا في مختلف المجالات. ونقلت الصحيفة عن عمار لصفر رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا (غير حكومي) ومنظم الملتقى، تقديراته لعدد الزوار ب50 ألف زائر. وعن تاريخ الملتقى قال لصفر "بدأت الفكرة عام 1989 عندما أردنا أن نخلق مساحة للحوار بين مسلمي فرنسا فقررنا أن ننظم معرضا يقدم العديد من الأنشطة منها الترفيهي والتسويقي والثقافي، فكان الملتقى السنوي لمسلمي فرنسا". ورصدت "لوموند" في تقرير مجمع لها اليوم أهم القضايا التي تناولها الملتقى وأبرزها مطالبة دليل بو بكر رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (غير حكومي) باحترام حرية الرأي بما لا يتناقض مع احترام الأديان في إشارة إلى الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد. ونقلت الصحيفة كلمة بوبكر في إحدى الندوات، قال فيها "لن نسمح أبدا بإهانة اسم أو شخص النبي محمد.. يجب أن يقترن الحق في حرية التعبير باحترام الأديان، والذي لا يدافع عن كرامة النبي لا يوجد لديه كرامة". كما طالب بوبكر، وهو أيضا منصب إمام المسجد الكبير بباريس، بمضاعفة عدد المساجد بفرنسا قائلا إن "المساجد الحالية غير كافية لنحو 7 ملايين مسلم بفرنسا، وهناك 2200 مسجد في فرنسا كلها، الكثير منها مجرد غرف للصلاة وكثير من المساجد لم يكتمل بنائها بعد، اعتقد اننا بحاجة إلى مضاعفة عدد المساجد بمعناها المتعارف عليه خلال العامين القادمين". وعلقت صحيفة لوموند على مطلب بو بكر قائلة إنه لم يحدد كيفية تمويل هذه المساجد الجديدة التي يطالب بإنشائها خاصة مع سعي الحكومة الفرنسية لتجنب حصول مسلمو فرنسا على التمويل من الدول الأجنبية في سياق خطتها لمكافحة التطرف و قللت من رقم ال7 ملايين مسلم الذي قاله بوبكر مقدرة عدد مسلمي فرنسا ما بين 4 و5 ملايين مسلم. كما تناولت إحدى ندوات الملتقى بحسب الصحيفة "تصاعد الإسلاموفوبيا" خاصة بعد هجمات شارلي إبدو والهجوم على متجر يهودي في باريس ومدي تأثر جيل الشباب المسلم، الذي ولد بفرنسا بهذا العداء ضدهم رغم التزامهم بالقوانين الفرنسية. وطالب المحامي الشاب المسلم، حكيم شرجي، في الندوة بأن تهتم النيابة العامة بفتح ملف "الاسلاموفوبيا" وتعمل على التحقيق فيه. وكان "مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا" التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (غير حكومي)، قد أصدر تقريره السنوى في فبراير الماضي، لفت فيه إلى تصاعد الاعتداءات على أفراد الأقلية المسلمة في فرنسا، مسجلاً 764 فعلاً معادياً للإسلام والمسلمين عام 2014 بزيادة قدرها 10.6 % مقارنة بعام 2013. كما ارتفع عدد الحوادث المرتبطة ب"الإسلاموفوبيا" في أعقاب الهجوم على صحيفة "شارلي ايبدو" بنسبة 70% في فبراير 2015 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2014. مطالب العديد من النواب الفرنسيين بحظر ارتداء الحجاب في الجامعات على غرار حظره في المدارس الحكومية بموجب قانون 2004، كان من أبرز الموضوعات التي تناولها الملتقى. وقالت، اليسا راي، المتحدثة باسم اتحاد مجابهة العنصرية بفرنسا (غير حكومي) في إحدى الندوات إن "تصاعد التمييز والعنف ضد المسلمين يغذي التطرف ولذلك فان مكافحة الاسلاموفوبيا هي في حد ذاتها مكافحة للتطرف". ووقعت آخر حوادث الاعتداءات على المحجبات في فرنسا، منتصف مارس الماضي حيث قام شخص بالاعتداء على مواطنة فرنسية مسلمة محجبة في حي روزاري شمال شرقي مدينة تولوز الفرنسية، حيث قام المعتدي بخلع حجابها وجذبها من شعرها، قائلا لها: "لا نقبل بهذا في فرنسا". وكان أكثر ما يميز الملتقى السنوي لمسلمي فرنسا لهذا العام تخصيص جناح كامل للشباب المسلم لمناقشة أهم التحديات التي تواجهه. وقال عمار الأطرش، نائب رئيس اتحاد الطلاب المسلمين في فرنسا "لقد ناقشنا قضايا التسامح والعيش المشترك وغيرها من القضايا التي تهم الشباب". كما تناولت الندوات التي عقدت بجناح الشباب ضرورة تفاعل الشباب الفرنسي المسلم في الحياة السياسية وألا يكتفوا بدور المتفرج المستقبل بل يكون لهم دور فعال من خلال المشاركة الإيجابية في أي انتخابات تشهدها فرنسا، بحسب الأطرش.