(1) في يوم 27 رجب سنة 583 ه، الموافق 2 أكتوبر سنة 1187م، دخل البطل الفاتح صلاح الدين الأيوبي مدينة القدس مستعيدًا إياها للمسلمين، ومنهيًا عذابها الذي إستمر ثمانية وثمانين عامًا تحت حكم الصليبيين، فإرتج العالم الإسلامي من مشرقه لمغربه لهذا الفتح المبين، وخلد مكانة السلطان صلاح الدين بين الخالدين من أبطال المسلمين الكبار، خاصة بعدما نجح لاحقًا في صد الحملة الصليبية الثالثة التي شنها أكابر ملوك أوروبا لمحاولة إستعادة المدينة المقدسة، وفشلوا وعادوا إلى بلادهم.
(2) وعندنا دخلت القوات الفرنسية دمشق عام 1920 عقب معركة ميسلون توجه الجنرال الفرنسي جورو إلى قبر صلاح الدين وقال مخاطبًا إياه: "ها قد عدنا يا صلاح الدين!".
(3) وفي شهر مارس عام 2015 تم إلغاء درس "صلاح الدين الإيوبي" من منهج اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي، في إطار تغييرات أخرى تستهدف (تطهير) المناهج التعليمية من الموضوعات التي يمكن أن تحث على العنف أو تشير إلى أي توجهات سياسية أو دينية أو أي مفاهيم يمكن أن تستغل بشكل )سيئ(، وفي إطار الثورة اللادينية الكبرى التي تجتاح مصر تحت رعاية العهد الجديد، الذي يركب موجة غلاة العلمانيين الذين يريدون تهميش الدين من الحياة كجزء من الحرب السياسية ضد تيار الإسلام السياسي، والتي تلاقت مع رغبة القوى الكبرى من إخراجه من معادلة النضال في المنطقة، لأنه الخطر الوحيد على سيطرة الغرب على العالم وموضع المقاومة الأخير كما تنبأ بهذا فوكوياما في كتابه (نهاية التاريخ)، ولسان حال هؤلاء الذين عانوا الهزيمة الإنتخابية تلو الأخرى حتى جاءوا أخيرًا على ظهور الدبابات يقول بعد هذا الحذف (ها قد عدنا يا صلاح الدين) !.
(4) مثلت يا صلاح الدين رمزًا لأشياء كثيرة نريدها أن تختفي، حاربت الصليبيين، وهم الآن حلفاء العهد الحالي في الداخل والخارج، لذلك يجب أن تختفي يا صلاح الدين، لأنه ليس زمانك، هذا زمان التحالف مع الصليبيين الذي دخلوا وتمكنوا، ولسان حالهم يقول: ها قد عدنا يا صلاح الدين !.
(5) مثلت يا صلاح الدين رمزًا لإستعادة القدس، والقدس الآن آمن ما يكون في قبضة الإحتلال، وقد أمن العرب من كل إتجاه، خاصة من مصر التي إنطلقت أنت منها يا صلاح الدين لتحرر القدس، جئتنا من مصر فجئناك الآن في مصر !!.......طردتنا من القدس فطردناك حتى من مصر !!...ها قد عدنا يا صلاح الدين.
(6) ومثلت روح الجهاد الإسلامية، ونحن الآن نطارد كلمة الجهاد في كل مكان حتى تصبح منبوذة هي وكل رموزها وأنت منهم وعلى رأسهم، لتذهب إلى زوايا النسيان أنت وعقبة بن نافع وخالد وموسى بن النصير وطارق بن زياد، لقد ولى زمانكم، فلا تزرعوا بذورًا في أرض لم تعد لكم، هذه أرضنا فدعونا نرتع فيها ونزرع الخنا والهوان، لم تعد أرضك يا صلاح الدين ولن نسمح لبذورك أن تنبت فيها، لقد كان من هنا حتى في عهود ضعفهم يتذكرونك فيحيون في قلوبهم روح الجهاد، أنت الآن يجب أن تنصرف....إنه زماننا يا صلاح الدين.
(7) هذا زمن (بانجو) و(برايز) يا صلاح الدين، هؤلاء هم الأبطال الذين نحتفي بهم الآن، فلا مكان لمثلك، هذا زمن تمردنا عليك وعلى ما تمثله، هذا زمن التنكيل بمن في الداخل، وليس زمن الجهاد ضد أعداء الخارج، هذا زمن حاكم دمشق الجبان ووالي عكا الخائن، وليس زمن بطل حطين وفاتح القدس، لن نسمح أن نترك مصر حتى يخرج لنا منها صلاح الدين الجديد، بل نحن جئنا يا صلاح الدين.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.