ربما يجهل الكثير منا بأصول أشياء تتعلق بوجداننا وذاكرتنا طوال فترة حياتنا، كالوطن الذي يعد أغلى شيء لدى شعوبه، فقد لا نعلم من قام بتصميم شعار بلادنا "العلم" أو كتب كلمات النشيد الوطني. تعد المملكة العربية السعودية الحاضنة للبيت الحرام ومسجد رسول الله صل الله عليه وسلم، من أشهر البلاد العربية والإسلامية، يقدم إليها الوفود من شتى بلاد العالم في موسم الحج، فالكثير يذكر جيدًا شكل علم الدولة التي تربها بها رسول الله صل الله عليه، ولكن يغيب عن ذاكرتنا من الشخص الذي صمم هذا الشعار وكيف نفذ الفكرة ومن ساعده.
هل تعلم أن من صمم علم المملكة العربية السعودية، من حي المصري الفقير "بولاق" في عام 1307ه 15 يوليو 1889م ونشأ في أسرة متوسطة الحال، إنه حافظ وهبة.
النشأة والتعليم
ألتحق حافظ وهبة ب "الكتَّاب" وعمره ستة أعوام فتعلم الكتابة والحساب والقرآن وأتم حفظه وعمره 11 عاما، أدخله والده الأزهر ثم انتقل إلى مدرسة القضاء الشرعي وقد أخذ العلم على كثير من المشايخ منهم الشيخ محمد عبده، علي حسين البولاقي، محمد بخيت، محمد حسنين مخلوف والد مفتي الديار المصرية حسنين مخلوف، والشيخ الخضري.
النفي إلى الخليج
نفي حافظ وهبة إلى دول الخليج بين الكويت والبحرين بعد أن نفاه البريطانيون من مصر، اشتغل بداية مدرسًا للغة العربية وعمل بالتجارة وأدخل لاصقًا طبيًا أمريكيًا إلى الخليج سمي فيما بعد ب "لزقة حافظ"، وخلال وجوده في الكويت تعرف على الملك عبد العزيز ثم سافر إلى الهند ورجع بعدها إلى الكويت وحل ضيفًا على عيسى بن قطامي.
رحلته مع السعودية
خدم الدولة السعودية في بدايات تأسيسها، بعد حضوره إثر دعوة تلقاها من الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، وكان على اسمه حافظًا للعهد وأمانة المسئولية التي ألقيت على عاتقه من الحكومة السعودية الوليدة في أيام لم يكن العمل المؤسسي سهلاً على واضعيه. أُبعد عن بلاده الأم (مصر) وجال ودار في العالم حتى حل ضيفًا على الملك المؤسس، فأصبح مستشاره وسفيره في الدولة التي أبعدته في يوم من الأيام. ساعد على تطوير نظام تعليمي للدولة الناشئة، وألف كتابين يستند إليهما الكثير من الباحثين لأخذ معلومات تاريخية متعددة عن تلك المرحلة، ففي هذين الكتابين وثق رحلات الملك عبد العزيز، وحياة العظماء من أبناء القبائل في الجزيرة العربية.
تصميم العلم الذي لا ينكس
أراد الله أن يصمم الرجل المصري الذي نفاه البريطانيون، العلم حبا وعرفانا لتراب الأرض الحرام، جعل العلم مستطيل الشكل عرضه يساوي ثلثي طوله، أرضيته خضراء وتتوسطه عبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله بخط الثلث، وتحتها سيف عربي تتجه قبضته نحو سارية العلم، ولعل من الأمور التي ثبتها هذا الرجل، أنه أضاف جملة التوحيد التي جعلت العلم السعودي خفاقًا لا ينكس، لذلك استمرّ العلم خفاقًا بما يحمل من مدلولات ورمزية ذات صلة عميقة بهوية البلاد التي يشير إليها، وفوق ذلك كله يتميز عن بقية أعلام دول العالم بخصائص لا تخضع لكثير من البروتوكولات والأعراف الدولية احترامًا للخصوصية الدينية التي يمثلها. وتميز العلم السعودي بأنه العلم الوحيد في العالم، الذي لا يمكن تنكيسه لأي سبب وفي أي ظرف، لأنه يحمل الشهادتين.
وفي عام 1393ه تحوّلت الأعراف الخاصة بالعلم السعودي والتقدير العفوي إلى نظام تمّ تصديقه من قبل مجلس الوزراء وتعميمه على الأجهزة الحكومية.
وبالتالي استُكملت الإجراءات التي يُعامل بها العلم في الداخل والخارج ضمن نظام واضح.