لاشك أن الظروف المحيطة أو الواقع المحيط يؤثر فيما تريد أن تصنعه أو تتخذه من قرارات , فما كان يجرى فى عهد عبد الناصر يختلف عما جرى عليه الحال فى عهد السادات أو مبارك , فكل واقع له معطياته فما جرى بالأمس ليس بالضرورة أن ينطبق على معطيات اليوم , ومن هنا كان عنوان مقالى هذا المختصر كى أوضح بعض ما يدور فى رأسى من نقاط . فالمجلس العسكرى قبل الثورة كان يدير شئونه العسكرية فى إطار القواعد واللوائح التنظيمية التى تعارفت عليها القوات المسلحة , فالشورى غير ملزمة للقائد لكونه مؤهلاً للوظيفة , ومحققاً للحد الأدنى من المعلومات عن كافة التخصصات التى تقع تحت قيادته , مما يعطيه الحق فى النظر والتصديق على الرأى التخصصى , وكذلك على الخطة العامة الموضوعة . ولكن الظرف اختلف بعد ثورة 25 يناير إذ أن المجلس العسكرى أصبح فى مقام رئاسة الجمهورية , وبالتالى فإن القرار لم يصبح فنياً , بل يحتاج إلى قواعد جديدة لابد وأن يعرفها الكافة , حتى لا ينفرد شخص برأيه وهو غير مؤهل لذلك , فيتحمل مسئولية قرار هو فى الواقع من اختصاص الآخرين , أو ينظر الناس إليه باعتباره مسئولاً وهو فى الحقيقة مجرد مستشار , والذى أعنيه باختصار هنا أن آلية اتخاذ القرار داخل المجلس العسكرى لابد وأن تكون واضحة للكافة , هل هى بالأغلبية ؟ أم أنها من اختصاص رئيس المجلس وحده ؟ أم ماذا ؟! كل هذه التساؤلات يسأل عنها المواطن بقصد معرفة من الذى يدير المرحلة ؟ ومن الذى سيكون مسئولاً عن نتائجها مستقبلاً ؟ . ثم أوجه حديثى إلى الحكومة الراهنة , وهى حكومة تسيير أعمال تقوم بدور انتقالى لحين تسليم السلطة , وبالتالى الوضع مختلف عن كونها حكومة تعمل فى ظروف عادية لها خطة خمسية وخطط متوسطة الأجل وبعيدة المدى الخ... ولكن الذى يجب أن تهتم به الحكومة هى الخطط العاجلة لموجهة الأزمات المتوقعة فى مثل هذه المرحلة الدقيقة , والتى يشعر بها المواطن لكونه يهتم بالأساسيات والضروريات للحياة .. وهو الشئ الملموس الذى يشكو منه الجميع بالرغم من جهود وهموم الحكومة الذى نراه مجسداً فى عيون رئيس الوزراء والوزراء المجهدين من كثرة العمل , فالأمر يحتاج إلى توضيح وتقويم للأداء تعرضه الحكومة على الشعب بعد مرور أكثر من ستة أشهر من توليها للسلطة . وأيضاً لابد من كلمة لشعب مصر وشبابها بأن الوضع مختلف فيما بين مرحلة قبل الثورة وما بعدها .. فلقد كنا فى المرحلة السابقة نقاوم حاكماً مستبداً ونظاماً فاسداً حتى تم إسقاطه , أما الآن فأمامنا مشوار بناء وإصلاح يحتاج إلى إسلوب تعامل جديد يتميز بالحكمة واليقظة والتعاون .. فالحكمة تكون بمشاورة أهل الرأى والخبرة وصولاً إلى القرار الصائب الذى يعود على مصرنا بالنفع والفائدة . واليقظة تقتضى عدم الغفلة عن أهداف الثورة ومطالبهاً التى أصبحت لافتة كبرى نقف جميعاً تحتها ندافع عنها ونبذل من أجلها المزيد من التضحيات . أما التعاون فهو يكون فى مواضع الخير والبناء الذى نحتاج إليه كثيراً ويكفى ما جرى من تخريب وفساد فى عهد حسنى مبارك أوقعنا فى مشكلات كبرى نحتاج إلى تكاتف الجهود للخروج من المأزق والعبور إلى المستقبل المشرق الذى نريده لبلدنا الحبيب . وختاماً فهذه هى النقاط التى أردت أن ألفت النظر إليها كى تكون الأمور واضحة أمام الجميع فلا يؤآخذ شخص بجريرة غيره , ولا يُسأل مسئول عن قرار لم يشارك فيه , أو ينفرد شخص بقرار ليس من اختصاصه . والله المستعان