انطلقت، صباح اليوم الجمعة، الجولة الثانية من الحوار الليبي في مدينة الصخيرات المغربية، وسط تفاؤل أممي كبير، وتشاؤم من وفد البرلمان المنعقد في طبرق، شرقي ليبيا، حسب مراسل وكالة "الأناضول". يأتي ذلك بالتزامن مع اشتباكات تدور في غربي ليبيا بين فرقاء الوطن الواحد. وانطلق الحوار، اليوم، بعد أن تأجل انعقاده للمرة الأولى الأسبوع الماضي بسبب تغيب وفد برلمان طبرق، ثم أُجل للمرة الثانية أمس الخميس، إلى اليوم، بسبب هجوم على مطار معيتيقة بطرابلس، ساهم في تأخير وصول وفد المؤتمر الوطني الليبي العام إلى المغرب. وجمع اللقاء الأول في جولة اليوم، المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، ووفد برلمان طبرق، حسب أعضاء في الوفد تحدثوا للأناضول مفضلين عدم الكشف عن هويتهم. ومن المتوقع أن يجتمع ليون في وقت لاحق اليوم، مع وفد المؤتمر الوطني العام، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني، بحسب عضو في وقد المؤتمر فضل أيضا عدم الكشف عن هويته. ولم يعقد لحد الآن لقاءات مباشرة بين الأطراف الليبية. ومن المقرر، أن تستمر المفاوضات 3 أيام مع إمكانية تمديدها للأسبوع المقبل في حالة التوافق على الوثائق المقترحة حول حكومة وحدة، والترتيبات الأمنية، وتعزيز بناء الثقة". بدوره، قال أبو بكر بعيرة، رئيس لجنة الحوار في مجلس النواب، إن "الصراع حول شرعية المجلس يمكن أن يؤدي لفشل الحوار المنعقد بالمغرب"، مضيفا أنه لا يتوقع الخروج بنتائج خلال جولة المفاوضات الحالية. وفي تصريحات ل"الأناضول"، أضاف بعيرة إن "المفاوضات (التي انطلقت اليوم) لن تناقش الشرعية التشريعية، لكنها تظل عقبة كبيرة في سبيل تقدم الحوار"، معتبرا أن "شرعية المؤتمر الوطني الليبي العام (منعقد في طرابلس) مزيفة، وهو يفرض نفسه على المشهد السياسي بدون وجه حق". ودعا أبو بكر بعيرة، المؤتمر الوطني، إلى "الانسحاب من المشهد السياسي، لأن رفضهم الانسحاب سيؤدي إلى فشل الحوار". وقال أيضا: "هناك صعوبات وعراقيل كبيرة ستحول دون الوصول الى نتائج خلال الحوار الليبي المنعقد بالمغرب"، موضحا: "من وجهة نظري الشخصية هو أن الأمر لا يزال صعبا، ولا تزال هناك عراقيل كثيرة، ولا اعتقد أن نخرج بنتائج وشيء نهائي خلال هذه الجولة". وعن الصعوبات التي تكتنف عملية الحوار، قال إنها "تتعلق بدرجة أولى بشرعية مجلس النواب، خصوصا أن البرلمان (بطبرق) تم انتخابه شرعيا، والطرف الأخر (المؤتمر الوطني) لا يزال يبرز نفسه على المشهد السياسي، على الرغم من أن مدته انتهت منذ مدة طويلة، وهذا الخلاف على الشرعية لا يزال يخلق مصاعب كبير". وبخصوص التوافق على حكومة وحدة وطنية بغض النظر على السلطة التشريعية، قال إن "أول سؤال يطرح نفسه هو من يعطي هذه الحكومة الثقة، نحن نقول البرلمان وهم يقولون المؤتمر وهو ما يطرح صعوبات". وتابع أن "البرلمان منتخب بشكل شرعي، ولا يجب ألا ننازعه في هذه الصلاحية"، معتبرا أن "وفد البرلمان يتمسك بهذه الحقيقة التي توجد على أرض الواقع". فيما قال صالح المخزوم، النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني، ورئيس وفده للحوار في المغرب، اليوم، إن وفد المؤتمر "غادر طرابلس تحت قصف طيران قوات خليفة حفتر، لكن عزم المؤتمر على المضي قدما في الحوار جعل الوفد يصل المغرب". وفي تصريحات صحفية، تابعها مراسل وكالة الأناضول أكد المخزوم على "ضرورة المفاوضات المباشرة مع الأطراف الأخرى، من أجل الوصول إلى رؤية شاملة للخروج من الأزمة الليبية". وأوضح أن "هناك خطوات عملية في اتجاه التوافق على جدول أعمال (الحوار) خصوصا أن الجدول السابق خلال الجولة الماضية لم يكن واضحا"، ملحا على "ضرورة إيجاد حل حتى لا يبقى مستقبل ليبيا مجهولا". وبخصوص الصراع على الشرعية، قال إن "الأمر لم يحسم، وإن المحكمة الدستورية حكمت لصالح المؤتمر الوطني الليبي العام بكونه المؤسسة الشرعية بليبيا"، مضيفا: "برلمان طبرق تم انتخابه في فترة سابقة، وأبطلت المحكمة العليا هذا البرلمان (حكمت ببطلان انتخاباته)". بدوره، أبرز عمر حميدان، الناطق باسم المؤتمر الوطني العام، اليوم، أن "الوصول إلى حل سياسي شامل في هذه الجولة من الحوار الليبي بالمغرب، سيجنب العالم تسرب المجموعات الإرهابية وانتشارها إلى النطاق الإقليمي والدولي". وفي مؤتمر صحفي على هامش الحوار الليبي بالمغرب، قال حميدان إن "المعركة الميدانية التي يخوضها الجيش الليبي التابع لرئاسة الأركان العامة بالمؤتمر الوطني العام ضد الإرهابيين والمتطرفين، لا تسمح بإضاعة الوقت دون الوصول إلى حل سياسي شامل في هذه الجولة، يجنب العالم تسرب هذه المجموعات وانتشارها إلى النطاق الإقليمي والدولي". وأضاف أن "ما يدعو إلى القلق ويبعث على عدم التفاؤل التصلب الذي يبديه الطرف الأخر (في إشارة إلى برلمان طبرق)، وعدم إبدائه المرونة في الوصول إلى حل للأزمة التي تشهدها البلاد، وهو ما يلقي بظلاله القاتمة على مجريات الحوار ويضع العقبات الكبيرة التي ستؤدي إلى ضياع الجهود الدولية الساعية لإنهاء حالة عدم الاستقرار في المشهد الليبي". ورغم التشاؤم الذي سيطر على بعض أطراف الحوار الليبي في المغرب، بدا المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، متفائلا، حيث قال إنه يتوقع توصل أطراف الحوار يوم الأحد المقبل ل"اتفاق على الوثائق المقترحة حول حكومة وحدة والترتيبات الأمنية، وتعزيز بناء الثقة". وفي مؤتمر صحفي عقده، اليوم، بمدينة الصخيرات المغربية، قبيل انطلاق الجولة الثانية من الحوار الليبي، اعتبر ليون أن التوصل إلى اتفاق سيمهد الانتقال الى التفاوض على التفاصيل خلال الأسبوع المقبل. وأوضح أن المفاوضات سوف تستمر ثلاثة أيام، وستتركز على: الترتيبات الأمنية والحد من إطلاق السلاح والاستقرار، ومراقبة وقف إطلاق النار، اضافة إلى التوافق حول حكومة وحدة وطنية. وبخصوص مناقشة رفض المؤتمر الوطني الليبي العام تعيين خليفة حفتر قائدا لأركان للجيش من قبل مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق، شرقي ليبيا، قال المبعوث الأممي خلال المؤتمر، الذي تابعه مراسل وكالة الأناضول، إن المفاوضات لن تتطرق لهذا الأمر، دون أن يستبعد إمكانية التطرق إلى بعض الملفات الأخرى (لم يحددها) مستقبلا. ودعا الأطراف المشاركة إلى "تحمل مسؤوليتها التاريخية" للتوصل إلى اتفاق. ولفت إلى أن بعض مؤشرات الإرهاب بدأت تهدد ليبيا والمنطقة، معربا عن أمله في التوصل الى حل. وبينما بدأ الحوار السياسي في المغرب بين الأطراف الليبية كانت اشتباكات تدور في المنطقة الغربية من ليبيا بين فرقاء الوطن الواحد. وفي تصريحات ل "الأناضول"، قال حسين بودية، آمر غرفة عمليات المنطقة الغربية التابعة للمؤتمر الوطني إن نفيرا عاما أعلنته رئاسة الأركان (التابعة للمؤتمر الوطني) عقب اجتماع موسع ظهر اليوم بين مكونات "فجر ليبيا". وأوضح بودية أن حالة النفير جاءت عقب تسلل مفارز من قوات الصواعق والقعقاع الموالية لحفتر إلى منطقة العزيزية والساعدية جنوبطرابلس وورشفانة غرب طرابلس واشتبكت منذ مساء الأمس مع قوات فجر ليبيا. وعن أخر التطورات الميدانية قال "لا تزال قواتنا تتعامل مع هذه المفارز ولا نعتقد أنها تشكل خطر كبير". ومنذ سبتمبر الماضي، تقود الأممالمتحدة، متمثلة في رئيس بعثتها للدعم في ليبيا، برناردينو ليون، جهودا لحل الأزمة الليبية الأمنية والسياسية في ليبيا، تمثلت في جولة الحوار الأولى التي عقدت بمدينة "غدامس"، غربي ليبيا، ثم تلتها جولة أخرى بجنيف قبل أن تجلس الأطراف بمدينة الصخيرات المغربية على طاولة واحدة. فيما توجت جولة حوار بين قادة سياسيين وشخصيات ليبية جرت بالجزائر منذ نحو 10 أيام، بالتوافق على وثيقة من 11 نقطة، تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، والتمسك بحل سياسي للأزمة، يبدأ بحكومة توافقية من الكفاءات. وتتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان هما: الحكومة الموقتة التي يقودها عبد الله الثني المنبثقة عن مجلس النواب في طبرق، وحكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني التي يقودها عمر الحاسي ومقرها طرابلس.