قال مسؤولون بالقطاع الحكومي والخاص في الإمارات، إن الحديث عن استيراد بلادهم للغاز الطبيعي الإيراني حالياً يبدو أمراً سابقاً لأوانه، ويحتاج إلي مزيد من الوقت لإتمام اتفاق وُقع قبل 14 عاماً. وعاد الحديث حول استيراد الإمارات للغاز الإيراني إلى الواجهة مرة أخري، بعد أن أشارت تقارير صحفية إيرانية، إلي أن هناك محادثات جارية حالياً لتصدير الغاز الطبيعي للإمارات. وقالت "وكالة فارس" الإيرانية للأنباء (شبه رسمية) قبل أسبوعين نقلاً عن أحد المسؤولين بقطاع النفط والغاز الإيراني، والذى لم تكشف عن اسمه، إن إيران تجري محادثات مع شركة "نفط الهلال" الإماراتية (خاصة) لإعادة إحياء اتفاقية لتصدير الغاز الطبيعي وقعت بين الجانبين منذ 14 عاما. ووقعت شركة النفط الوطنية الإيرانية عقداً في عام 2001 ، لمدة 25 عاماً مع نفط الهلال الإماراتية، لتصدير 17 مليون متر مكعب من الغاز يومياً للإمارات من حقل سلمان الإيراني في الخليج العربي، بدءا من عام 2005. ووفق الاتفاق فإن سعر الغاز المباع كان يرتبط بمعادلة سعرية مع سعر النفط، وتسبب تأخر تفعيل الاتفاقية وضخ الإمدادات تزامنا مع ارتفاع سعر النفط، بجانب مطالبة بعض جهات الدولة الإيرانية بمراجعة أسعار الغاز مما أثار جدلا حول الاتفاقية التي توقف العمل بها. ولجأت شركة نفط الهلال الإماراتية، التي تتخذ من إمارة الشارقة مقرا لها، في نزاعها مع الشركة الإيرانية، إلى التحكيم الدولي في يوليو 2009، لتعلن بعدها عن حصولها على حكم لصالحها في أغسطس / آب 2014. وقالت الشركة حينها إن المحكمة الدولية اعتبرت أن هذه الاتفاقية سليمة وملزمة للطرفين، وقضت بفرض غرامة مالية قدرها 18 مليار دولار على إيران. وقال مسؤول إماراتي حكومي طلب عدم ذكر اسمه في تصريحات لوكالة الأناضول: "لو افترضنا أن هناك محادثات عادت من جديد في هذا الشأن، فإنها ستأخذ مزيداً من الوقت لا سيما وأن هناك مطالبات من جانب الشركة الإيرانية بتعديل العقد وبنود الاتفاقية". وأضاف المسؤول أن الجانب الإيراني يرغب في إجراء محادثات، من أجل التوصل إلى اتفاق يرضي كل الأطراف بينما تحاول نفط الهلال الحصول على الغاز بموجب قرار التحكيم الدولي. واستبعد وجود أى تدخل حكومي إماراتي في المفاوضات، علي اعتبار أن شركة نفط الهلال ملكية خاصة، ولفت إلى أنه في حال التوصل إلى اتفاق سيبدأ تدفق الغاز فوراً إلى الإمارات وهو ما سيعود بالنفع على الدولة بكاملها.
وتحولت الإمارات إلى مستورد للغاز خلال السنوات الخمس الماضية، نتيجة ارتفاع معدلات الطلب المحلي، بسبب نمو عدد السكان وتطور القطاع الصناعي بوتيرة سريعة، مما أدى إلى زيادة معدلات استهلاك الغاز ولجؤها إلى الاستيراد وخاصة في فصل الصيف. ورفض الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال الاماراتية مجيد جعفر، في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول التعليق على أنباء إجراء شركته محادثات مع الشركة الوطنية الإيرانية للغاز قائلا: "نفط الهلال من جانبها ترفض التعليق بشأن استئناف المفاوضات". وقال مسؤول نفطي آخر، إن هناك مفاوضات تجرى بين نفط الهلال والشركة الإيرانية، ولكن لم يتم التوصل إلى أي نتيجة تذكر حتى الآن. وأضاف المسؤول الذى طلب عدم ذكر اسمه في تصريحات هاتفية لوكالة الأناضول، إنه لا يتوقع أن يتم توريد الغاز الإيراني في المدى القريب، نظراً للحاجة إلى إبرام اتفاقات ثانوية في حال التوافق على إعادة إحياء الاتفاق القديم، فضلاَ عن استكمال بعض أعمال البنية التحتية الموجودة بالفعل. يشار إلى أن إيران تملك ثاني أضخم احتياطات من الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا، (36 تريليون و850 مليار متر مكعب) لكن العقوبات بسبب برنامجها النووي، تعرقل الحصول على التكنولوجيا الغربية، فضلا عن وجود عوامل أخرى تكبح تطور البلد إلى مصدر كبير للغاز. وتمتلك الإمارات سادس أكبر احتياطيات غاز في العالم ( 6 تريليون متر مكعب)، كما تحتل المركز السادس عشر كأكبر منتج للغاز (1.978 مليار قدم مكعب) في 2013، ولكن تصدر معظم إنتاجها للخارج منذ أواخر السبعينيات. وتعاني البلد العضو في منظمة "أوبك" نقصًا في الغاز يبلغ حوالي 450 مليار قدم مكعب سنوياً، وتستورد الإمارات الغاز الطبيعي من قطر عبر خط أنابيب "دولفين". وفى يناير الماضي، قالت الإمارات إنها تريد زيادة وارداتها من الغاز القطرى، وفى وقت لاحق من الشهر قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن بلاده تواجه نقصًا نسبته 50% في احتياجات الغاز الطبيعي، وستتجه إلى زيادة وارداتها وفقا لوسائل إعلام غربية. وذكر تقرير لوزارة الطاقة الإماراتية صادر في ديسمبر الماضي أن الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي المسوق بلغ حوالي 54.6 مليار متر مكعب خلال عام 2014 مقارنة بنحو 48.4 مليار متر مكعب في عام 2009 أي بنسبة زيادة إجمالية تقارب 11.9% ومعدل نمو سنوي حوالي 2.8% خلال الفترة من 2009 إلى 2014.