يرى خبراء مختصون في الشأن الإسرائيلي، أن مستقبل الوضع السياسي والإنساني في قطاع غزة، قد يرتبط بنتائج انتخابات الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، المقررة غدا الثلاثاء. واتفق هؤلاء في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول، أنه في حال فوز حزب "الليكود" (يمين) برئاسة بنيامين نتنياهو، سيشهد قطاع غزة "انفراجة" فيما يتعلق برفع الحصار المستمر للعام الثامن على التوالي، الذي سيسعى لتثبيت هدنة طويلة الأمد مع حركة حماس. وفي حال فوز حزب المعسكر الصهيوني، (الحزب الوسطي) برئاسة يتسحاق هرتسوغ، فإن تحسن أوضاع غزة رهن تطبيق "المصالحة الفلسطينية". وتخوض 26 قائمة إسرائيلية الانتخابات البرلمانية بعد أن قرر نتنياهو في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي حل الكنيست (البرلمان). وكانت الانتخابات العامة الإسرائيلية الماضية جرت في شهر يناير/كانون الثاني عام 2013. وينص القانون الإسرائيلي على إجراء الانتخابات العامة كل 4 سنوات، ما لم يتقرر إجراء انتخابات مبكرة. ويرى مخيمر أبو سعدة، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية ستؤثر بشكل، أو بآخر، على مستقبل قطاع غزة. ومن شأن الخارطة السياسية أن تتشكل وفق الأفضل بالنسبة لسكان قطاع غزة في حال فوز اليمين، رغم تطرفه وشنه لحرب قاسية شرسة صيف العام الماضي. إذ يرى أبو سعدة، أن نتنياهو هذه المرة في حال فوزه وتشكيله للحكومة القادمة، سيسعى للتخلص من "صداع غزة"، وتجنب خوض أي حرب جديدة معها، وقد يقود من وراء الكواليس، مبادرة بدعم دولي لتثبيت هدنة طويلة الأمد مع حركة حماس. وتابع: "ما أثير مؤخرا، عن هدنة بين حماس، وإسرائيل لا أعتقد أنه بمنأى عن خطة سينفذها حزب الليكود، وهي فصل قطاع غزة عن الضفة، التي هي أصلا من الأهداف الراسخة للحزب". وقال موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، يوم الإثنين الماضي، إنه حصل على وثائق، من جهات دبلوماسية غربية، تبين أن حركة "حماس" عرضت هدنة 5 سنوات مع إسرائيل، مقابل رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وهو ما نفاه المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، في تصريحات سابقة لوكالة الأناضول. وقال أبو زهري إن "أطرافا دولية"، لم يسمها، "هي التي قدمت مقترحا لها (لحماس) بشأن اتفاق هدنة مع إسرائيل، لكنها لم ترد عليه حتى الآن"، وأن الرد يجب أن يتم عن طريق "التوافق الوطني". ويقول نظير مجلي، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن فوز حزب اليمين، قد يعطي انفراجة لقطاع غزة، ليس بسبب برنامجه وأهدافه القائمة على التطرف، والتنكيل بالفلسطينيين بل لأن الحزب خسر أصواتا كثيرة بفعل الحرب التي شنها نتنياهو على غزة. وانطلاقا من خسارته تلك سيسعى حزب اليمين، وفق مجلي، إلى استئناف المفاوضات مع حركة حماس، قد تؤدي إلى تخفيف الحصار عن غزة، وتثبيت اتفاق الهدنة، بحسب مجلي. وفي 26 أغسطس من العام الماضي، توصلت إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، برعاية مصرية، إلى هدنة طويلة الأمد بعد حرب امتدت ل"51 يوما"، وتضمنت بنود هذه الهدنة استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية غير المباشرة في غضون شهر واحد من بدء سريان وقف إطلاق النار. وكان وزير الخارجية النرويجي يروج برندي، قال في وقت سابق لوكالة الأناضول إن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ستستأنف بعد الانتخابات البرلمانية (الكنيست) الإسرائيلية القادمة والمقررة في مارس/ آذار المقبل. ولكن في حال فوز المعسكر الصهيوني، الأوفر حظا للفوز بالانتخابات وفقا لاستطلاعات الرأي العام، فإن تحسن الوضع الإنساني في قطاع غزة سيبقى رهن تطبيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، فالحزب الوسطي لن يقدم أي تسهيلات لغزة بعيدا عن العنوان الرئيسي المتمثل بالسلطة والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وأظهر استطلاعان للرأي نشرت نتائجهما، يوم الجمعة الماضي، تقدم "المعسكر الصهيوني" ب 4 مقاعد على "الليكود" في انتخابات الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي في اليوم الأخير الذي يسمح به القانون بنشر استطلاعات الرأي. وعادة لا يكلف زعيم الحزب الفائز في الانتخابات بالضرورة بتشكيل الحكومة (ما لم يحقق الأغلبية) بل يتم اختيار الشخصية الأقدر على بناء تحالف، والتحالفات الممكنة الكثيرة تجعل من الصعب التكهن باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل. ويتفق الباحث والخبير في الشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، مع ما ذهب إليه مجلي في أن تحسين الأوضاع في قطاع غزة في حال فاز الحزب الوسطي، مرتبط بمدى تطبيق المصالحة التي تمهد الطريق أمام السلطة وحكومة الوفاق لتولي إدارة وشؤون قطاع غزة. وأضاف:" فوز الحزب الوسطي، يعني مفاوضات جديدة مع السلطة، قنوات سياسية، وعودة إلى المفاوضات، هذه كلها عوامل قد تحسن من أوضاع الفلسطينيين بشكل عام". وبعد جهود وساطة أمريكية بين الطرفين استمرت 9 أشهر، انتهت أواخر أبريل/ نيسان الماضي مهلة كانت مقررة للمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، من دون تحقيق أية نتائج، سبقها عدد من الجولات التفاوضية الفاشلة على مدار نحو 20 عاما. وشهد عام 2014، زخما داعما لتأسيس الدولة الفلسطينية، على حدود ال4 من يونيو/ حزيران 1967، بفضل اعترافات رمزية متتالية من 5 برلمانات أوروبية، سبقها اعتراف رسمي من دولة السويد في أكتوبر تشرين أول الماضي. وخلال المفاوضات قد تقوم الحكومة الجديدة في حال تشكيلها من الحزب الوسطي، بتقديم تسهيلات للسلطة، والتي من شأنها أن تنعكس بالإيجاب على غزة، غير أنها تبقى وفق تأكيد شلحت رهن سيطرة السلطة على المعابر ومقاليد الحكم في القطاع. وكانت حركتا فتح وحماس، قد وقعتا في 23 أبريل/نيسان الماضي، عقب قرابة 7 سنوات من الانقسام (2007-2014) على اتفاق للمصالحة، نص على تشكيل حكومة توافق لمدة 6 شهور، ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن. ولم تتسلم حكومة الوفاق الفلسطينية أيا من مهامها في غزة، منذ تشكيلها في يونيو/ حزيران الماضي، بسبب الخلافات السياسية بين حركتي فتح وحماس، فيما تتبادل الحركتان الاتهامات بشأن تعطيل المصالحة، وتطبيق بنودها.