الحكومة تائهة بين «المكاتب الاستشارية» واتفاقية «المبادئ» في أزمة سد النهضة وضعت الحكومة المصرية نفسها في موقف حرج مع المكاتب الاستشارية التي تم اختيارها لدراسة الآثار المترتبة على سد النهضة الإثيوبي، بعدما أعلنت أنها بصدد توقيع "اتفاقية المبادئ" أو تقاسم مياه نهر النيل بين الدول الثلاثة المستفيدة والمتضررة من إقامة السد الإثيوبي. ففي الوقت الذي أعلنت فيه مصر، أنها توافق على بناء سد النهضة والتوقيع على اتفاقية "المبادئ" شريطة أن تضع إثيوبيا نصب عينيها موقف مصر من بناء السد، قالت مصادر بوزارة الموارد المائية والري، في تصريحات إلى "المصريون"، إن هناك حالة من التخبط شديد داخل الوزارة في التعامل مع المكاتب الاستشارية التي تم اختيارها. وأضافت المصادر، أن "وزير الري أوصي باختيار مكتبين من ضمن المكاتب الخمسة المرشحة، وتم الاستقرار على أسماء تلك المكاتب، فيما لم يُفصح الوزير أو مكتبه على أسماء تلك المكاتب أو الدول التي تنتمي لها". وكانت الحكومتان المصرية والسودانية اتفقتا على تحديد 23مارس الجاري لتوقيع اتفاقية "المبادئ" مع إثيوبيا وأن تقوم "الخرطوم" بدور الوسيط في المفاوضات، حتى في الاتفاق علي المكتب الاستشاري الوحيد الذي سيُقيم أضرار السد الإثيوبي، حيث خرج اجتماع الخرطوم في 6مارس الماضي دون أن تستطع الدول المشاركة اختيار المكتب. وفي تعليقه على فشل المفاوضات (المصرية –الإثيوبية) وانتهاء جولة المفاوضات لصالح إثيوبيا، قال الدكتور حسام مغازي، وزير الموارد المائية والري، إن "التوقيع على الاتفاقية كان في الأساس لأهداف فنية تهدف إلى تحقيق المصالح المشتركة وعدم حرمان الجانب الإثيوبي من التنمية، ولكن هذا الهدف الفني سيتحول إلى هدف سياسي". واعترض الدكتور بكري عطية، مؤسس "الجبهة الشعبية لحماية مياه نهر النيل"، على اتفاقية المبادئ المقرر توقيع مصر عليها، معتبرًا أن "تلك الاتفاقية تضر بمصر وتعني ضياع حقوقها من المياه، وأن مبادئ الوثيقة لابد من الإعلان عنها قبل التوقيع". وقدمت مصر فرصة ذهبية لا تعوض لإثيوبيا، لتمويل بناء السد، وذلك بعد دعوة الوفد الإثيوبي لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، حيث وجدت إثيوبيا نفسها محاصرة بمئات المستثمرين الأجانب، وبالتالي فإن فرصة تمويل وزيادة الاستثمارات في سدها الإثيوبي أصبحت أكثر إلحاحًا. واستنكر الدكتور نادر نور الدين، الخبير في ملف الزراعة والري، دعوة إثيوبيا إلى المؤتمر الاقتصادي، قائلاً: "لا أدري سبب توجيه الدعوة أساسًا لإثيوبيا سوى لإعطائها فرصة ذهبية للقاء أكبر تجمع لملوك ورؤساء وحكومات ومستثمرين ورجال أعمال لا يمكن أن تجدهم في أي مكان آخر". يُذكر أن أهم ملف يواجه الحكومة حاليًا هو ملف سد النهضة، الذي تعهد الرئيس السيسي بحله في السنة الأولي لحكمه، ومع اقتراب دخول عامه الأول في الحكم، فإن الحكومة أرادت حل الملف بأي طريقة، فوجدت أن الطريقة الأسهل والأضمن هو الاعتراف بوجود السد الإثيوبي مقابل وثيقة تتعهد بها إثيوبيا بضمان حصة مصر من مياه نهر النيل. لكن خبراء في ملف المياه، شككوا في التزام إثيوبيا ببنود اتفاقية "تقاسم مياه نهر النيل"، إذ ذهب هاني رسلان، الخبير في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام" إلى التأكيد علي أن إثيوبيا لن تتعهد لمصر بأي شئ ولا بضمان حصتها الحالية من المياه بدليل أنها أصرت على تمديد عمل المكتب الاستشاري لسنة كاملة بدلا من خمسة أشهر، وجمدت المفاوضات لأربعة أشهر والعمل يجري ليل ونهار.