يكتب الشيخ عبود الزمر " أحد القيادات الاسلامية المعروفة والتاريخية " مقالاته هنا فى " المصريون " وأتابعها أولاً بأول ولى على طرحه عدة ملاحظات أرجو أن يتسع صدره لها : الجماعة الاسلامية بالنظر الى مجمل المشهد هى أهم شريك وحليف للاخوان ويعلم الشيخ عبود كيف اعتمد عليها الاخوان فى ملفات كثيرة طوال الفترة الماضية ، ورغم البدء قبل شهور طويلة فى مباشرة العنف والصدام مع الدولة ومؤسساتها ورغم الاعلان عن ذلك رسمياً مع انطلاق الذكرى الرابعة ل25 يناير بتبنى عمليات قطع الطرق واستهداف شبكات ومحولات الكهرباء وأحداث كرداسة والمطرية وزرع المتفجرات من خلال المتحدث الرسمى الجديد للاخوان فى مداخلة هاتفية مع أحد القنوات التى تبث من تركيا . ورغم لهجة الخطاب التكفيرية التحريضية من قيادات الجماعة الاسلامية بالخارج – وخاصة الهاربين بتركيا " بدون ذكر أسماء – ورغم اشتعال العنف والتفجيرات من أسوان " لضرب السياحة " الى الاسكندرية الى القاهرة والتى سقط فيها عشرات الضحايا ومئات المصابين من مدنيين وعسكريين ، فى جميع محافظات مصر تقريباً . ورغم معرفة الشيخ عبود بأن هذه الأعمال حتى ولو لم يعلن متحدث الاخوان عن تبنيها وحتى ولو لم نرَ توجيهات قيادات الجماعة الاسلامية الهاربين لمجموعات العقاب الثورى والمقاومة الشعبية على صفحاتهم الخاصة ، فانها تنتمى فكرياً للنهج القطبى وتتماثل مع خطة " رد الاعتداء عن الحركة الاسلامية " التى وضعها الشيخ سيد قطب لتنظيمه المسلح فى أواسط الستينات والتى تحدث عنها فى كتابه " لماذا أعدمونى " بضرورة استهداف رأس الدولة وكبار المسئولين فيها واستهداف المنشآت الحيوية من " كهرباء " ووسائل مواصلات وقطارات وكبارى لشل حركة الأجهزة الأمنية فور وقوع الضرر بالحركة الاسلامية واعتقال قاداتها .. الخ . رغم ذلك كله وأكثر يستمر الشيخ عبود الذى يتولى منصباً قيادياً فى جماعة هى الحليف والشريك الأكبر للاخوان فى غموضه ، وفى مقال أخير يلمح للتفجيرات التى قال أنه لم يتوقعها ! ولا يصرح بمسئولية الاخوان ! ولا يقوم باتخاذ موقف وصريح وحاسم ، سواء من مواقف وتصريحات قيادات الجماعة بالخارج ولا من الاخوان حليف الجماعة وشريكتها . الشيخ عبود يحتل موقعاً قيادياً والمنتظر منه ليس " مقالاً تنظيرياً " انما " قراراً تنظيمياً " تأخر صدوره أكثر من عام ونصف ، وكان من المفترض الخروج به فور ظهور بوادر الخطاب التحريضى وتصعيد لهجة البيانات والمقالات ، وليس حتى مع اطلاق أول رصاصة وزرع أول لغم أو عبوة ناسفة . سيتحجج الشيخ عبود بأن القرار ليس فى يده وأنه يؤخذ بالتشاور ، ويعلم قبل أى أحد ما فى هذا الكلام من خداع ، فالجماعة لم تنتقل بعد الى هذا المستوى من العمل المؤسسى الديمقراطى المزعوم ولا تزال تدار بسلطة ونفوذ المشايخ وتأثيرهم وكذلك حال الحزب .. واذا لم يتدخل القادة ويستعملوا نفوذهم وتأثيرهم فى أزمات وأحداث بهذا الحجم ، فمتى يتدخلون ؟ وحتى لو كان الأمر شورى واختار الأعضاء السكوت والغموض والخداع التكتيكى والمناورة ومناصرة الاخوان فى الصدام مع الدولة ، فهل هذا رأى راشد يوافق عليه القادة ؟ يأتى الشيخ عبود بعد شهور طويلة من هذا التدهور والعنف والدماء والتفجيرات ليتحدث بغموض شديد وبتلميحات ، وهناك من جماعته مسجونون على ذمة قضايا تحريض وعنف ، وهناك ارتباط وتحالف معلن مع الاخوان وهناك ممارسات قيادات الخارج .. بينما موقعه القيادى ورمزيته كانت تحتم عليه تحركاً مبكراً حتى قبل وقوع الأحداث وصولاً الى هذا الانهيار وتعقد الأزمة وتفكك الجماعة ؛ فالسياسى والقائد هو من يتنبأ ببصيرته الناقدة بما قد يقع فى المستقبل القريب ويتحرك مع من معه بحسم وسرعة لتفادى المخاطر . الشيخ راشد الغنوشى رغم أنه محسوب على الاخوان الا أنه كان حاسماً سريعاً واضحاً فى أنه تعلم من تجربة الاخوان فى مصر وأنه قرر التنازل والقبول فى البقاء فى المشهد السياسى على نهج " الاسلام المشارك " لا " الاسلام المواجه " حفاظاً على الحركة وتقديماً لمصلحة الوطن ومن باب التضحية لتنجح التجربة . يا شيخ عبود .. لم نقرأ للغنوشى مقالات أثناء الأزمة – رغم أنه منظر ومفكر معروف – انما شاهدنا له مواقف وقرارات حاسمة سريعة من منطلق موقعه القيادى.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.