التعليم العالي: 87 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    السيسي يعزي بوتين في ضحايا حادث تحطم طائرة شرق روسيا    انفجار لغم يشعل صراعا بين كمبوديا وتايلاند.. اشتباكات حدودية وغارات جوية    كاميرون إسماعيل: شرف كبير أن أمثل منتخب مصر.. وحلمي التتويج بالألقاب بقميص الفراعنة    نتيجة الثانوية الأزهرية بمحافظة كفر الشيخ.. رابط مباشر    إنقاذ سيدة من محاولة إنهاء حياتها في حي كيمان فارس بالفيوم    كشف ملابسات مشاجرة فى القاهرة وإصابة أحد الأشخاص    تخرج دفعات جديدة من المعينين بالهيئات القضائية والطب الشرعي بالأكاديمية العسكرية    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 24 يوليو 2025 بأسواق المنوفية    المشاط تبحث مع مديرة ITC تعزيز دعم المشروعات الصغيرة والتحول الرقمي    وزير الري يتابع جاهزية المنظومة المائية خلال موسم أقصى الاحتياجات    استكمال أعمال رصف طريق بني غالب- جحدم في أسيوط بتكلفة 17 مليون جنيه    76 مركزاً تقدمتهم مصر بين 2019 و2014 بمؤشر المشروعات المتوسطة والصغيرة.. و«التخطيط»: تمثل 43% من الناتج المحلي الإجمالي وتستوعب ثلث القوى العاملة    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد في انتخابات الشيوخ    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    مدير الفريق الطبي المتنقل في غزة: طفل من بين كل سبعة يعاني من سوء تغذية حاد    بيان مشترك: مصر ودول عربية وإسلامية تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على الإعلان الداعي لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    مصطفى شلبي يودع الزمالك برسالة مؤثرة ويعلن انضمامه للبنك الأهلي    بعد أزمة العروض.. وسام أبو على يودع جماهير الأهلى بطريقته الخاصة    تحليل رقمي.. كيف زاد عدد متابعي وسام أبو علي مليونا رغم حملة إلغاء متابعته؟    القليوبية تُطلق حملة مراكز شباب آمنة للوقاية من حوادث الغرق    منتخب جامعات مصر للتايكوندو يحصد فضية الألعاب الصيفية للجامعات بألمانيا    «خدمة المجتمع» بجامعة القاهرة يناقش التكامل بين الدور الأكاديمى والمجتمعى والبيئي    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    وزير الأوقاف: فيديوهات وبوسترات لأئمة المساجد والواعظات لمواجهة الشائعات والأفكار غير السوية بالمجتمع    «الأرصاد» تحذر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد وتستمر حتى الثلاثاء المقبل    جهود قطاع أمن المنافذ بالداخلية خلال 24 ساعة لمواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    3 أفلام ل محمد حفظي ضمن الاختيارات الرسمية للدورة ال 82 لمهرجان فينيسيا (تفاصيل)    نقابة المهن السينمائية تشيد بمسلسل "فات الميعاد"    «سعد كان خاين وعبد الناصر فاشل».. عمرو أديب يرد على منتقدي ثورة 23 يوليو: "بلد غريبة فعلا"    عمرو الورداني: النجاح ليس ورقة نتيجة بل رحلة ممتدة نحو الفلاح الحقيقي    لو لقيت حاجة اقعدها وقت قد ايه لحين التصرف لنفسي فيها؟.. أمين الفتوى يجيب    علي جمعة يوضح معنى قوله تعالى {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ}    713 ألف خدمة طبية قدمتها مبادرة «100 يوم صحة» خلال أسبوعها الأول في القليوبية    "السبكي" يبحث مع "Abbott" نقل أحدث تقنيات علاج أمراض القلب    لماذا يستيقظ كبار السن مبكرا؟ إليك ما يقوله العلم    تفاصيل عملية دهس قرب بيت ليد.. تسعة مصابين واستنفار إسرائيلي واسع    مصادر: سول تقترح استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار بأمريكا في إطار محادثات الرسوم الجمركية    «تطوير التعليم بالوزراء» وأكاديمية الفنون يطلقان مبادرة لاكتشاف وتحويل المواهب إلى مسارات مهنية    الدفاع الجوي الروسي يدمر 39 مسيرة أوكرانية    غدا.. تامر حسني والشامي يشعلان ثاني حفلات مهرجان العلمين    من اكتئاب الشتاء إلى حرارة الصيف.. ما السر في تفضيل بعض الأشخاص لفصل عن الآخر؟    إصابة 4 عمال إثر سقوط مظلة بموقف نجع حمادي في قنا.. وتوجيه عاجل من المحافظ- صور    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    «كتالوج»... الأبوة والأمومة    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    إيران تحذر مدمرة أميركية في خليج عمان.. والبنتاغون يرد    92 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال آخر جلسات الأسبوع    اليوم، تعديلات جديدة في مواعيد تشغيل القطار الكهربائي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    هل انتهت الأزمة؟ خطوة جديدة من وسام أبو علي بعد أيام من غلق حسابه على إنستجرام    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    هل يجوز أخذ مكافأة على مال وجدته ضائعًا في الشارع؟..أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هم العدو فاحذرهم
نشر في المصريون يوم 01 - 10 - 2011

أعجبُ حين أرى الناس تنخدع في أعدائها، تشكر جلادها، تهتف لسجَّانها!.
ينخدعون، ويُساقون إلى الذبح وهم ينظرون.
يُسْلخون فلا يُسيئون الظنَّ بمَن يسلخهم.
يُقتلون فيبتسمون لمَن يقتلهم!.
يُخدعون مرة بل ألف مرةٍ.
والحجة دائمًا شعارات زائفة، وأسماء لامعة مصنوعة بامتياز لمهمة تنتظرهم، في خديعة الأمة والقضاء على هويتها.
وأمتنا دائمًا تنجح في خلع الظلم والطغيان عن كاهلها، تنجح في محاربة الباطل، غير أنَّها في عصورها الراهنة على غير عادتها أراها تفشل في حصد ثمار تضحياتها.
تثور وتنتصر ثورتها ثم تكون هي أولى ضحايا ثورتها!.
تزرع ويحصد غيرها.
تُنْتِج لتجوع ويأكل غيرها.
هذا حالُها في أيامنا هذه باختصارٍ شديدٍ، ولم تصل أمتنا لهذه الحالة لجهلٍ أصابها، فلا زالت عقولها مستنيرة بنور العلم، رائدة في ميادينه كلِّها؛ لكنها فرَّطَتْ في منهاجها وعمودها الفقري الذي لا قائمة لها بدونه، إنه الإسلام.
الإسلام الذي مَيَّزَ لها صديقها مِن عدوها، فإِنْ هي أخذتْ به فَقِهَتْ الصديق مِن العدو؛ وإِنْ هي تَخَلَّتْ عنه تاهت في جحور الأفكار المظلمة، وقتلتها سهام الكارهين لإسلامها، الجاحدين لفضله على سائر البشرية.
الإسلام الذي مَيَّزَ لها العدو فلم يدَع له مجالا للهرب خلف شعارٍ برَّاق، أو الاختفاء وراء عنوان زائف فارغ المحتوى.
فهم العدو أينما كانوا وساروا، نعرفهم بأوصافهم التي تعلمناها مِن إسلامنا، لا ننخدع بهم، مهما كان سَمْتُهم.
فهم أهلُ جهالةٍ وإِنْ علا صوتُهم، وتضخَّمَتْ أجسادُهم، فما الصوت ولا الجسد بقادرٍ على إحقاق باطلٍ أو إبطال حقٍّ.
وانظر إلى قوله سبحانه وتعالى: «وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» [المنافقون:4].
هم العدو وإِنْ أعجبتك أجسامُهم ، هم العدو وإِنْ أعجبك منطقهم؛ فإنما يسلقونك بألسنةٍ حداد، كما قال سبحانه وتعالى: «أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا» [الأحزاب:19].
هؤلاء هم شرُّ الدواب؛ كما قال سبحانه وتعالى: «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ البُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ» [الأنفال:22]. وقال سبحانه: «أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا» [الفرقان:44].
هؤلاء يكذبون على الله عز وجل؛ كما قال سبحانه: «مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ» [المائدة:103].
هؤلاء يسخرون منكم ومن دينكم؛ كما قال سبحانه: «وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ» [المائدة:58].
هؤلاء يهرفون بما لا يعرفون؛ إِذْ هم الصُّمُّ حقيقة؛ وإِنْ طالتْ آذانهم، يقول سبحانه: «وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ» [البقرة:171]. ويقول عز وجل: «وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ» [يونس:42].
فعليهم الرّجْس: قال الله عز وجل: «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ» [يونس:100].
وما لهم لا يعلوهم الرّجس وقد أقروا بالحق ثم جحدوه بجهالتهم وحماقتهم؟ يقول الله عز وجل: «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ» [العنكبوت:63]. ويقول سبحانه: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ» [آل عمران:23]. ويقول جلَّ شأنه: «وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ» [النور:48 – 51]
عجيبٌ أمرهم ، يأتون ساعة مصلحتهم، ثم يعودون لجهالتهم مرة أخرى.
يدعونه سبحانه عند الشدائد بإخلاصٍ وتضرُّع، فإذا نجاهم عادوا لجحودهم، كما قال سبحانه وتعالى: «وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ» [لقمان:32].
هنا تقف الأمة تشاهد الصورةَ كلها بنور الإيمان، فتعرف أعداءها بأوصافهم وأفعالهم، ولا تمرّ عليها ألاعيبهم، مهما زخرفوا قولهم، وحسّنوا منطقهم.
إذْ قد شاهدتهم وهم ينكصون على أعقابهم، يكذبون ويخلفون ويخونون ويتلوّنون؛ فتهتدي لمعرفتهم بقوله صلى الله عليه وسلم: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». رواه البخاري (33)، ومسلم (59).
شاهدتهم يزخرفون القول، فجلست ترقبُ أقوالهم، وتتفرَّس منطقهم، فإذا هم يلحنون، ويغترّون، فتعرفهم بسَمْتِهم المذكور في قوله سبحانه وتعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ» [الأنعام:112] وبقوله سبحانه: «وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ» [محمد:30].
يزخرفون القول فتعرفهم.
يلحنون فيه فتعرفهم.
يختفون خلف لافتة برّاقة، أو أسماء لامعة، فتُخْرِج حقائقهم بنور إسلامها ومنهاجه الذي علَّمَها إِيَّاه، يقول سبحانه: «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ» [محمد:29].
هم العدو ، هم الخائنون ، وإِنْ أعجبك كلامهم وأجسادهم ، فليستْ سوى مظاهر زائفة تخفي خلفها سُمًّا قاتلا ونَفْسًا خبيثة خائنة، لا تعرف معنًى لوفاءٍ، ولا قيمة لعهد أو مصداقية.
هم السجانون وإنْ بُحَّتْ أصواتُهم بنداء الحرية.
هم القتلة ، ترى دماءنا على أيديهم يكويها ليل نهار، بينما يحاولون غسلها مرات ومرات، لكنهم يفشلون.
هم الكاذبون رغم ما يدعونه مِن صِدْقٍ؛ لكنَّه صِدْقُ ذِئْبٍ يحاول خديعة فريسته.
هم المفسدون في الأرض يحرقون ربيعها؛ فإذا جاء الخريف ارتفعتْ أفراحهم؛ لأنَّهم يعشقون الرقص فوق أجساد الآخرين! وتستهويهم الفرحة بين حسرات المُعَذَّبين!.
هم المذنبون في أثواب عُبَّادٍ صالحين!.
هم الفاشلون في صورة أساتذة جامعيين!.
فلا يليق بنا معشر المسلمين أنْ نُلْدَغ منهم مِن جديدٍ، فأجسادنا مكتظة بسهامهم، وقد آن أوان الشفاء مِن رحلة اللدغ الطويل.
خاصة وقد قال نبيُّنا صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ» . رواه البخاري (6133)، ومسلم (2998).
نعم؛ نكبو كما يكبو الجواد ثم نفيق فننهض سريعًا، وقد نتغافل لكن لا نغفل، فلا الغفلة سمْتُنا ولا نحن أهلها، فإذا أدركتنا فليوقظنا منهجنا الإسلامي الرصين.
يوقظنا بما جعله لنا مِن أدلة وبراهين نعرف الناس مِن خلالها، ونميز بها الصديق مِن العدو، ففي كل شيءٍ لنا آية، وعلينا أنْ نعي آيات الله عز وجل. يقول سبحانه: «وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» [العنكبوت:35]، ويقول عز وجل: «وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ» [الأنعام:55]. ويقول تبارك وتعالى: «وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الحَقَّ للهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ» [القصص:75].
ولتكن اليقظة بإسلامنا هي سبيلنا الدائم، ومنهجنا الأصيل، الذي لا نُبَدِّل فيه ولا نُحَرَّف، إِذْ هي طوقُ نجاتنا، وعليها تُعَلَّق آمالنا في العصمة مِن الغفلة التي غرقنا فيها طويلا.
غرقنا فيها حتى نسينا أحداثًا تكررتْ بصفتها ومفرداتها، حتى كأنها هي هي، فلم ننتبه.
لم ننتبه لمصيرنا رغم عشرات الجنائز، وعشرات مَن نُودِّع.
لم ننتبه لما يُحاك لنا رغم عشرات الوقائع التي تكررتْ في تاريخنا، وكان بإمكاننا الاستدلال بأولها على ما يجري في آخرها.
لم ننتبه ومضينا في غفلتنا ، تلفحنا حرارة الشمس ونحن نبحث عن الطريق.
لفحتنا حرارة الشمس بحثًا عن طريقٍ لم ننتبه إلى وجوده أمامنا.
لفحتنا حرارة الغربة بحثًا عن هادٍ وجدناه بداخلنا نعرفه فيما نحفظ مِن آيات ربنا عز وجل، وأحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم.
عطشنا والماء بأيدينا!.
ضَرَبَنا الجوع في بلاد النيل الزراعية!.
تعرَّينا في بلاد القطن والغزل والنسيج والملابس!.
كلا؛ بل تعرَّينا حين غفلنا عن إسلامنا، واستمرأنا الغفلة عنه حتى صارتْ لذتنا وراحتنا.
وقد آن أوان الرجوع لإسلامنا، لنهضتنا، ليقظتنا، لعقولنا، لخيرنا.
آن لنا أنْ نُبْصِرَ الأشياء تحت سَمْع الإسلام وبصره، فنراها كما يراها، ونراقب ما يجري لنهتدي به فيما سيجري ويكون.
آن لنا أنْ نستيقظ مِن كابوس كئيبٍ فرَّقَ بين الأحبة، وصَوَّرَ لنا بعضَ الأمة صورَ شياطين فإذا بهم أطيب الناس قلبًا، وأجمل الناس خُلُقًا، وأسرع الناس نُصْرَةً لقضايا الأمة.
آن لنا أنْ نشكرَ مَن جاء ليحرسنا عندما هرب حارسُنا. أَنْ نشكرَ مَن لم يجد ما يُنْفقه علينا فوهبنا دموعه الصادقة، وروحه البريئة.
كما آنَ لنا في الوقت نفسه أَنْ نعرف مَن صدَّع أدمغتنا بحديثه عن العدالة الاجتماعية فإذا به أول السارقين لنا، أن نعرفَ أدعياء الحرية الذين ساهموا في تعليق أولادنا على مشانق الظلم والغدر، أنْ نعرف أدعياء المساواة الذين طفَّفوا الميزان، أن نعرف لصوص الأرض التي جُرِّفَتْ فعقِمَتْ.
نعم؛ آنَ لنا أنْ نعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، وأنْ نحذرَ أعداء ديننا وأمتنا وأرضنا وزراعتنا وصناعتنا.
وحين يأتي ضوء الشمس يحترق ظلام الليل فيزول ولابد. ويستمر الإسلام. والحمد لله أولا وآخرًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.