لقاء لصحيفة "لا باجوارديا" الإسبانية مع الكاتب والمراسل الشهير لصحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية في الشرق الأوسط "روبرت فيسك" تحت عنوان "إذا كان لدى الولاياتالمتحدةوباكستانالسلاح النووي، فلماذا إيران لا؟" ***** س: كيف ترى الوضع بالنسبة لإيران؟ هل يشبه ما حدث بالعراق؟ ج: إنني مندهش كيف لازال الناس يصدقون ما يقوله السياسيون بعد ما تم تأكيده بشأن وجود أسلحة دمار شامل بالعراق. والمشكلة الأكبر هي أن الإيرانيين لم يفعلوا أي شيء سيء، إنني أتسائل لماذا يُسمح للولايات المتحدة أو الهند أو باكستان أو كوريا الشمالية حيازة أسلحة دمار شامل، بينما لا يمكن لإيران. س: هل ستكون هناك حرب؟ ج: لا أعتقد ذلك، لدينا ما يكفي من المشاكل في العراق، لقد أخطأنا، ويكفي ما حدث حتى الآن. س: ما هي الرؤى بالنسبة للعراق عندما يرحل الجنود الأمريكيون؟ ج: قد يكون جيدًا أن نعلم متى سوف يرحلون، سوف يرحلون بلا شك آجلاً أم عاجلاً، حيث أن الوضع يزداد سوءً ويتخلل الثوار الجيش العراقي تمامًا، ليس هناك مستقبل بالنسبة للأمريكيين هناك، فإن المشروع الأمريكي يتحول إلى كارثة. س: هل تعتقد أن الأمريكيين قد يرحلون بينما يحتفظون بالبترول في الوقت ذاته؟ ج: لا أعتقد أنه يمكنهم مواصلة السيطرة على الموارد الطبيعية، فسوف يضطرون للانسحاب من كل شيء. إن للوجود في العراق ثمن سياسي، ثمن يظل يتزايد. لقد كان بإمكاني خلال إقامتي الأخيرة في الولاياتالمتحدة من أجل دعم كتابي [الحرب الكبرى من أجل الحضارة، غزو الشرق الأوسط] أن أستشعر هذه الزيادة في الضغط على الرئيس، حتى عمدة مدينة سان فرانسيسكو امتدحني لقولي أنه على الأمريكيين الرحيل من العراق. س: لا يساعد الوضع الذي يوجد فيه رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الآن كثيرًا في توقع أوقات سلام في الشرق "الأدنى". ج: عندما مات عرفات ظهرت فكرة إمكانية دعم ذلك للسلام، والآن يُقال أنه عندما يموت شارون سوف تنشأ المزيد من الصعوبات، إلا أن الحقيقة هي أن موت الزعماء لم يؤثر مطلقًا في الشرق الأوسط، إن المشكلة تكمن في الظلم أيًا كان الشخص، إن شارون رجلٌ أنشأ عشرات المستوطنات وقاد بعض المذابح التي جرت ضد الفلسطينيين، بينما كل ما قام به هو إخراج 8000 مستعمر من غزة في الوقت الذي مازال هناك كثيرون آخرون في الضفة الغربية لا ينتقلون. س: فيما يتعلق بالانتخابات الفلسطينية، يُنظر بارتياب حقيقي لفوز حماس. ج: إنها إحدى عواقب الانتخابات التي لا تنتهي دائمًا بالزعماء الأكثر ملائمة، إلا أنه إذا فاز أحد، فإن ذلك يعني أن الشعب قد اختاره. لقد ضقت ذرعًا بالاستماع لأناس يطلبون الديمقراطية في فلسطين والآن يضعون أيديهم على رئوسهم خوفًا من فوز من لا يروقون لهم، إذا فازت حماس فإن ذلك هو عاقبة الفساد الذي قام به الزعماء الفلسطينيون حتى الآن. س: تروي في الكتاب اللقاءات الثلاثة التي أجريتها مع ابن لادن. ج: إنه شيء سوف يكون عليّ أن أتحمله باقي حياتي. س: لقد جعلك تنتظر في الثلاثة مناسبات لمدة شهر، فهل قد تعاود القيام بذلك الآن؟ ج: قد يتوقف ذلك على الظروف، إلا أنني أعتقد أنه ليس في وضع مناسب لأن يرى أحد، قد يكون لقاءً يصعب للغاية إجراؤه، لكنني أعتقد أنني قد أجريه، إن ابن لادن يعد صورةً تاريخيةً هامةً للغاية. ويمكنني أن أقول لك أنني لم أقم بأي شيء من أجل لقائه، فعقب هجمات 11 سبتمبر هو الذي أراد التواصل معي وأنا لم أتمكن من تحديد الأمر، إلا أنني كنت أعلم أنه كان يريد لقاءً آخر. س: لم تذكر سيادتكم في كتابك هجمات 11 مارس في مدريد. ج: بلى لم أذكرها ولكنني لم أذكر أيضًا هجمات كثيرة أخرى مثل هجمات بالي، إلا أنني ذكرت هجمات 11 سبتمبر لعلاقاتها بالشرق "الأدنى"، ولكنني أعتقد أن ما حدث في إسبانيا كان متعلقًا بشكل مباشر بوجود جنودها في العراق، فلم يحدث أي هجوم آخر منذ انسحاب القوات. ولازالت القاعدة بالتأكيد في إسبانيا، فهي فكر لا يحتاج إلى بطاقة شخصية. س: هل تعتقد أنه قد تقع اعتداءات جديدة في الدول الأوروبية؟ ج: لقد كان هناك عصر عقب الحرب العالمية الثانية اعتدنا فيه نحن الغربيون على القيام بحروب في دول بعيدة مثل فيتنام أو كينيا، كنا نعتقد أن الأمر لن يمسنا عن قرب أبدًا، لذلك كانت هجمات 11 سبتمبر بمثابة صدمة، علينا أن نعي أن تلك الحروب المصدرة بلا مقابل تحدث الآن هنا في أوروبا، لم تعد قراءة الحروب في الصحف ذات جدوى، فإن ما يجري في العراق يؤثر علينا هنا، فلا يمكننا مواصلة غزو شعوب بلا مقابل. وأكد روبرت فيسك رؤيته للإمبريالية الغربية المتسترة خلف ستار نشر الديمقراطية خلال لقاء آخر مع صحيفة "آ بي ثي" الإسبانية تحت عنوان "العرب يريدون التحرر من الغرب ولكننا لا نتركهم": س: هل فشل الغرب في الشرق "الأدنى"؟ ج: إن السؤال ينبغي أن يكون: ماذا يفعل الغرب؟ لقد دعمنا لمدة عقود "دكتاتوريين" عرب، وفجأة قلنا أننا نريد الديمقراطية، إلا أنني لا أعتقد ذلك، فالديمقراطية تأتي دون مدافع. إن الشرق "الأدنى" يريد نوعًا آخر من الحرية: يريد التحرر منا. هناك قوات للولايات المتحدة في كازاخستان وأفغانستان والعراق والكيان الصهيوني والأردن والكويت وتركيا والجزائر ومصر وعمان وقطر واليمن والبحرين، ماذا يفعلون هناك؟ إن العرب ينشدون الديمقراطية، إلا أنهم كذلك يريدون التحرر منا، ونحن لا نعطيهم تلك الحرية. س: ليست هناك أية دولة عربية تشكل ديمقراطية حقيقية. ج: لأن الغرب لا يريد ذلك، هل نريد حقًا أن يصل الإخوان المسلمون إلى السلطة في مصر؟ إن ما نريده هو أن نحظى بدكتاتوريين سلسي الانقياد يسيطرون على شعوبهم. س: ألا يتم إنشاء ديمقراطية في العراق؟ ج: إن العراق دمار شامل، فالغرب لا يهتم بالديمقراطية في العراق أو بالعراقيين، ولم يكن باول بريمر، الحاكم المدني للولايات المتحدة، أيضًا يريد نشر الديمقراطية في العراق، لقد كان الشيعة هم من قالوا إما إجراء انتخابات أو ننضم للفدائيين. س: هل هناك صراع حضارات؟ ج: إن المسلمين يشاهدون التلفزيون ويطلقون النكات على السياسيين، مثلنا. وفي الشرق "الأدنى" توجد روابط أسرية قوية، حيث يهتمون بكبار السن ويعيش الناس ويموتون محاطين بزويهم، أيعني ذلك أنها حضارة مختلفة أم أنه علينا أيضًا أن نتعلم منهم ؟ س: هل تقوم الصحافة الغربية بعمل نزيه وغير متحيز؟ ج: لا، فهي تقدم رؤية لا معقولة عن الشرق "الأدنى"، انظر كيف يتحدثون: بدلاً من "الأراضي الفلسطينيةالمحتلة" يقولون "أراض متنازع عليها"؛ ويطلقون على الجدار [المانع] اسم "السياج"؛ وبدلاً من "مستوطنات استعمارية" يقولون "أحياء"؛ الفلسطينيون يموتون في "مواجهات"، ولكن "الإسرائيليون" "يُغتالون" من قِبل الفلسطينيين. ويدعون من ينتقد "إسرائيل" "بالمعادي للسامية"، وكل ذلك كذب، إلا أنه يحدث، فهناك أناس يخافون ويفضلون السير مع التيار. المصدر مفكرة الاسلام