"أيد واحدة لا تصفق" هكذا قالوا قديمًا فى الأمثال، وهكذا تبين للرئيس عبدالفتاح السيسى بعد قرابة العامين من قيادة سفينة مصر بعد أحداث 3 يوليو منفردًا، بعد الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين وتصنيفهم على قوائم الإرهاب واستبعاد أى مبادرات جادة للتصالح مع فصيل سياسى معترف به بحسب وصف مراقبين للمشهد. وشهدت الآونة الأخيرة، محاولات عدة من جانب السيسى تمد يدها للجماعة ولكن خلف الستار، البداية كانت بإقرارات التوبة داخل السجون ومرورًا بتلميحاته بمصالحة الجماعة إذا أراد الشعب ذلك، ووصولاً برحلته للسعودية وما تردد عن طرح مبادرة مع الإخوان ثم جلوسه مع الإخوان المنشقين وأخيرًا بإقالة وزير الداخلية محمد إبراهيم. وعندما صعب على "السيسي" ذلك لجأ إلى المنشقين عن الجماعة لمحاولة تشكيل كيان مواز للجماعة يعمل على استقطاب الإخوان لاسيما الشباب الذين بدورهم رفضوا هذه المحاولات واعتبروها لن تفلح فى استقطاب شباب الجماعة، موضحين أن هذا الأمر سبقه إليه الرؤساء السابقين وفشلوا فى ذلك، مؤكدين أن المنشقين ليس لهم رصيدا فى الشارع ويبحثون عن شهرة وغير موثوق فيهم. وكشف مصدر قريب، من دوائر صنع القرار، أن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى مع عدد من قيادات الإخوان المنشقين، وهم كمال الهلباوى وثروت الخرباوى ومختار نوح، انصب على سبل احتواء أزمة جماعة الإخوان والقيادات الوسيطة. وأوضح المصدر، أن الهلباوى والخرباوى ونوح قدموا قائمة للسيسى تضم أكثر من 100 كادر إخوانى وقيادة وسيطة قامت بعملية "عزلة شرعية"، لمراجعة مرحلة حكم جماعة الإخوان. ولفت المصدر، إلى أن قيادات الإخوان المنشقة أوضحت للسيسى خلال لقائهم أن المجموعة التى تضمها القائمة توصلوا بعد عملية "العزلة الشرعية"، إلى أن الجماعة وقعت فى أخطاء عديدة أثناء عام حكم الإخوان وأن ما حدث فى "30 يونيو"، ثورة شعبية وليست انقلابًا عسكريًا. وأشارت المجموعة، التى التقت السيسى - بحسب المصدر الذى طلب عدم ذكر اسمه- إلى أن المجموعة التى تضمنتها القائمة لديها القدرات التنظيمية الكفيلة باحتواء شباب الإخوان والخروج بهم لمجال العمل العام تحت سمع وبصر الدولة بدلاً من العمل تحت الأرض، وهو ما يضر بالبلاد. ونوه المصدر، إلى أن السيسى وعد قيادات الإخوان المنشقة بمراجعة موقف شباب الإخوان المحبوسين والإفراج عن شباب الإخوان الذين لم يتورطوا فى قضايا الدم، فى ظل سعى الدولة لاحتواء شباب الثورة وشباب مصر بشكل عام. واختتم المصدر تصريحه المقتضب بالقول: "السيسى طلب من الهلباوى والخرباوى ونوح العمل على مساعدته من خلال خطة ممنهجة للخروج بشباب الإخوان من إطار المظلومية التى تحاول الجماعة شدهم إليه"، مشيرًا إلى أن السيسى وقيادات الجماعة المنشقين يسعون للمصالحة مع شباب الإخوان وفصلهم عن القيادة المتورطة فى قضايا الإرهاب والجاسوسية والتى تأخذ شباب الجماعة رهينة لتحقيق مصالحهم والقيام بعمليات إرهابية.
أكد هذا الأمر أحد المقربين لجماعة الإخوان المسلمين والمتواجد حاليًا بتركيا، وكشف أن أحد أنصار النظام قدم له عرض بالعودة لمصر مقابل الكف عن مهاجمة السيسى ونظامه مقابل الإغراءات المادية. وقال محمود الدموكي، أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين، وعضو حركة 18 الرافضة للنظام، إن هذه المحاولات تستهدف تشتيت الرأى العام للتخلى عن موضوعات معينة، مشيرًا إلى أن هذه الطرق لن تلهيهم عن هدفهم الرئيسى وهو إسقاط ما وصفه ب"الانقلاب العسكري". وأشار إلى أنهم لن يتنازلوا عن كلمة الحق ولو بآخر نقطة دم بأنفسنا- بحسب وصفه- قائلاً: "طلعنا قولنا لا للظلم وسنظل نقولها بصوت عال"يسقط حكم العسكري". وبدوره استنكر إمام يوسف، القيادى بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية، لجوء النظام لمثل هذه المحاولات التى وصفها ب"الرخصية" لمحاولة عمل انشقاق داخل جماعة الإخوان المسلمين، مستبعدًا تأثر الجماعة بهده الدعوات لأنهم يسعون للشهرة أكثر من أى شيء آخر- بحسب قوله. وأوضح يوسف، أن المنشقين عن الجماعة أعطوا انطباعًا سلبيًا لدى فئات عريضة من الشعب، خاصة وأنهم قضوا جل أوقاتهم داخل الجماعة وبعضهم رشح للبرلمان على قوائمهم ولمجرد الخلاف معهم يحاولون تشويه صورهم قائلاً: "هؤلاء ليس لهم وزن". قال الدكتور مختار غباشي، نائب مدير المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن هذه المحاولات قام بها الرؤساء الثلاثة السابقين (عبد الناصر والسادات ومبارك) وفشلوا فى ذلك، مؤكدًا أن هذه الطريقة لم تنجح فى استقطاب شباب الجماعة ولن تؤثر فى مسارهم. وأضاف، أن قادة الإخوان المنشقين وأبرزهم "محمد حبيب، ومختار نوح، وكمال الهلباوي" لم يتركوا الجماعة عن قناعة أو رفض لأفكارها بل لأنها فشلت فى تحقيق أهداف ذاتيه وشخصية، وبالتالى فإن شهادتهم ستكون مجروحة أمام محاولاتهم فى استقطاب شباب الجماعة. وأوضح المحلل السياسي، صعوبة خلق قيادات جديدة تنهى القيادات القديمة والموجودة حاليًا خلف القضبان، مشددًا على ضرورة التفاهم أو طرح مصالحة بين الطرفين وترك الحرية للشعب فى اختيار من يحكمه. ورأى غباشي، أن الحل هو أن يرتقى أطراف الصراع فوق الصراعات السياسية، وفتح أبواب مغلقة وأن تكون الحلول بقدر من الاحتراف من جانب الحكومة والإخوان.