اللهم اجعل دمي لعنة عليه إلى يوم القيامة ,اللهم اني في سبيل وفي نصرة دينك ,اللهم ان هذا الطاغوت قد طغى وتجبر" لا أدري هل دعى سيد قطب بهذا الدعاء حقا ,أم أن أنيس منصور تخيل أنه قد دعى به ,الشئ الذي أثق به يقينا أن هذا الدعاء لم يدع به سيد بلال قبل أن يموت مقتولا ولكن لا شك أن هذا الدعاء قد أصاب الطاغية بشكل ما ,بشكل ما يعتبر سيد بلال أخر ضحية تعذيب في عهد الطاغية المخلوع الذي لا أدري هل أصابته دعوة أرملة سيد بلال أم سهام ليل أم خالد سعيد ؟ أم تراها دموع ألاف من رعيته الذين زج بهم في سجونه بلا رأفة ولا رحمة ؟ أم تراها دعوات أم فقدت ولدها في معتقلاته التي تبتلع الجميع بلا رحمة ؟ كنت أقرأ قصة سعيد بن جبير مع الحجاج بن يوسف الذي قال عنه عمر بن عبد العزيز "لو تخابثت الأمم بجائت كل أمة بخبثها وجئناهم بالحجاج لغلبناهم" ولكن عمرا لم ير خبثنا ورب يوم بكيت منه فلما مضى بكيت عليه ,المهم أن ختام قصة سعيد بن جبير لم تفارق مخيلتي أثناء مشاهد الثورة كلما ذكرت سيد بلال ,السبب أن خاتمة القصة كما رواها رواة السير أن الحجاج حين أمر الحجاج بقتله دعا عليه الله عز وجل وقال "اللهم لا تسلطه على أحد بعدي يقتله" فأصابته دعوة سعيد فما قتل رجلا بعدها ولم يكد يمر عليه أياما قلائل حتى كان يحتضر وفي احتضاره كان يصرخ ويقول "مالي ولسعيد بن جبير ماسك بخناقي ويقول لي فيم قتلتني" أترى هذا ما أصاب طاغيتنا ؟ وهو يترك أما مكلومة على ولدها خالد سعيد ,وزوجة قد فقدت زوجها وعائلها وتجهض جنينها حزنا على مقتله ويا ليتهم إذ قتلوه أحسنوا القتلة ولكنهم قتلوه بكل خسة ودناءة صعقا بالكهرباء ,فما دها قاتله ؟ ألم يذكر فيه الله ؟ هل تراه حقا يؤمن بوجود الله من يعذب إنسانا حتى لو كان يعتبره مجرما ؟ كيف طابت لنفسه قتله ؟ كيف ينظر لوجهه في المراّة ؟ إن المرء لا يكاد يحتمل مشهد الحوذي وهو يضرب حماره بعصاه فكيف يتحمل المرء أن يقتل بيديه رجلا بريئا ؟ كيف طابت له نفسه أن يبيع أخرته بدنيا غيره ؟ كيف رضيت نفسه أن يقتل أو يعذب إنسانا من أجل تثبيت ملك رجل أخر ؟ كيف قبلت زوجته أو أولاده أو أباه الجنيهات التي يتحصل عليها أخر الشهر جزاء جرائمة ؟ ألم يكن أشرف له أن يكون لصا عن أن يفعل ما فعل؟ كيف يؤخذ راتبه أخر الشهر ؟ كيف يصرف حوافزه وهو يعلم أن هذه الجنيهات نظير قتله لهذا البرئ؟ كيف لا يبصر الدم في كل جنيه ؟ ألم يجل بخاطره صورة ولد سيد بلال ؟ ألم يتخيل مشهد أم خالد سعيد ؟ ماذا يفعل إن جائه بلا إله إلا الله يوم القيامة؟ كيف به إذا تعلق بخناقه وقال له لم قتلتني ؟ ماذا يفعل يوم القيامة لو تعلق به ابن سيد بلال وقال له فيم يتمتني ؟ لماذا حرمتني من والدي ؟ وسط كل هذه الخواطر المفزعة أشاهد محاكمة هذا الطاغية وكبير جنوده ووزير داخليته ,هذا الشيخ المسن المريض الجالس على سرير هو الذي أعطاهم الضوء الأخضر ,لا أسمح لأي إنسان أن يتعاطف معه ,هذا الرجل قد تركهم يعيثون في البلاد فسادا فينتهكون الأعراض ويستبيحون الدماء المعصومة ويحاربون دين الله ,لا مجال للتعاطف مع هذا الرجل ,أملي الوحيد أن يتعذب طوال حياته ,سأكون جزلا بكل لحظة ذل في حياته وإن كنت أسف أننا لن نستطيع أن نوفيه حقه ,لا نملك أن نعذبه كما عذب رجلا واحدا ممن عذب ,لسنا برابرة مثله لنقلي به في غياهب المعتقلات بلا تهمة وبلا جريمة ولا أجل محدد يخرج بعده لن نستطيع أن نغرقه في عبارة أو نصعقه حتى الموت ,لن نستطيع أن نصدم رأسه بالرخام حتى يتهشم تماما ,ليس عندنا القدرة لتركه بلا طعام ولا شراب إلا الخبر العفن والماء القذر ,للأسف هذه من المرات التي يأسف فيها المرء على كونه متحضرا وعلى كونه لا يستطيع أن يعلقه كالدجاجة كما كان يصنع جلادوه في الناس ,لن يملك أحد الجرأة على أن يصنع به ما صنع بعماد الكبير ,للأسف لا نستطيع أن نأخذ منه أولاده بدون أن يعرف عنهم خبرا ثم يحاول السؤال عنه فيتعرض للضرب حتى الموت.للأسف لن نكون من الهمجية مثله كي نغرقه في الماء الساخن أو نجرده من ثيابه في الجو البارد. لا يمكن أن أشعر بأي تعاطف معه أو أيا من زبانيته ,لن أشعر في يوم بأي استعداد لتقبل أيا من رجاله في مصر الجديدة حتى لو كان مجرد ساع في مكتب احد رجال حزبه ,هؤلاء لا مجال لقبولهم ولا مجال لترف قبول الأخر معهم ,مصيرهم اليوم هو التجاهل التام كل ما نستطيع فعله الأن أن نحاول أن نعاقبه بالقانون هناك عشرات التهم التي من الممكن أن يحاكم عليها وشهودها بالملايين فقط لو كنا جادين في الرغبة في محاكمته ,ولكن له موعد يوم لا يخلفه عند من لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد فعند الله الموعد ولله الأخرة والأولى لكن أمامنا تحد جديد ونحن نبني مصرنا الجديدة ,أماما تحديات كبرى ونحن نبني مصرا بغير حسني مبارك ,إن كان حسني مبارك الأصلي قد احترق سياسيا وواقعيا أيا كانت نتيجة محاكمته ,ولكن بيض الحية في كل مكان ,أفراخه الصغار في كل مكان في كل مصلحة حكومية وأولها القطاعات الأمنية المختلفة ,في المؤسسة القضائية سواء بين وكلاء النيابة أو بين القضاة ,أذرعته موجودة في لجان تخصصية دقيقة تتعلق بالصحافة والإعلام والأحزاب وهناك أكثر من حسني مبارك يتبوئون أرفع المناصب في الجامعات والنقابات والأزهر ودار الإفتاء ووزار الأوقاف,بعض هؤلاء يرتدون أفخر البذلات وبعضهم يرتدون العمم الأزهرية ,الأخيرون بالذات شديدو الخطر ,هؤلاء كانوا للوقت القريب حجر الأساس لتحويل المؤسسة الدينية الرسمية إلى أكشاك فتاوى وخطب محفوظة مسبقا يكتبها ضباط أمن الدولة ,هؤلاء هم الذين ساهموا في تدمير الأزهر ودار الإفتاء وتحويلها إلى أحد المؤسسات الأمنية أو الرئاسية ,هؤلاء قد يكونوا أشد خطرا من أي وقت مضى, بعض التيارات العلمانية أدركت مبكرا فائدة هؤلاء ,هؤلاء وفتاواهم الواسعة وخبراتهم الكبيرة في مكافحة التيار الإسلامي كبيرة جدا ,سيكونون مفيدين جدا عند الحديث عن موقع الدين حقيقة في مصر الجديدة وهؤلاء لا يوجد ما يوقفهم ,الأجمل من ذلك أنهم سيستخدمون لضرب التيار الإسلامي بقسوة فهؤلاء هم المتشددون المتنطعون الذين يزايدون على دور المؤسسات "الوطنية" الدينية ,الجميع عنده رغبة حقيقية في تطهير كل مؤسسات الدولة من فلول النظام السابق إلا المؤسسات الدينية ,إن دورها الذي لعبته في الماضي صالح تماما ليلعب ثانية ,لا شك أن الخدمة الوحيدة التي قدمها نظام مبارك لهؤلاء هو إفسادة للمؤسسة الدينية تماما ,عبر عقود تم تهميش كل من يظهر عليه مظاهر الصلاح الجاد ,بعض من تقلد المناصب العليا في تلك المؤسسة يبغض الدين أكثر مما يفعل مبارك نفسه وبعضهم عمل على تدمير كل مظاهر التدين في مصر بحماس وبلا كلل كما لو كان يعتبر نفسه حاخاما ! يحتاج الشرفاء في تلك المؤسسة للكثير من المجهود والمساعدة ليتمكنوا من تبوأ المكانة التي يستحقونها إلا أن الأمر لا ينتهي عند ذلك فأبنائه بيننا في كل مكان ,بعضهم غير جلده وبعضهم تنصل من وجهه القبيح القديم بعضهم استبدل بوقاحة يحسد عليها شعاره من "من أجلك أنت" إلى "من أجل الثورة المجيدة" بلا حياء ,هذه العصابة هي مافيا كاملة بلا زيادة ولا نقصان كل ما ينقصها حسني مبارك جديد وسيمارسون نفس دورهم القذر الذي كانوا يمارسونه ,الحل الوحيد هي ثورة تطهيرية ضخمة جدا ثورة تطهيرية في كل القطاعات قائمة على استبدال رؤوس القطاعات كلها بمن تم اضطهادهم في العصور السابقة نتيجة لمكافحتهم فساد هذه العصابة وعلى هؤلاء أن تكون مهتمهم الأولى تطهير مؤسساتهم من كل حسني مبارك ومن كل فرخ له ,هذا أهم كثيرا من إصلاح التعليم والاقتصاد وحل أزمات الإقتصاد والاعتصامات المتوالية ,هذا أهم كثيرا جدا من تحديد أي سياسة جديدة لأي قطاع فهؤلاء مشروع دولة فاسدة صالح للقيام في أي لحظة لو توفرت لهم الظروف المناسبة ,هؤلاء عبارة عن بكتريا متحوصلة صحيح أن الظروف ليست مواتية لها لتبدأ نشاطها لذلك هي في مرحلة خمول بانتظار أن يصبح الوسط مناسبا لنشاطها القذر مرة أخرى ,لا يجب أن نترك لهم هذه الفرصة بل المطلوب ضربة وقائية لهؤلاء ولكل أبنائهم في الداخلية والقضاء والجامعات والمؤسسات الحكومية لا يمكن أن نترك أي موتور من النظام الجديد ليدمره مرة أخرى ,هؤلاء يجب إحالتهم للمعاش المبكر وطردهم من الحياة العامة تماما وبناقص علمهم – إن كان عندهم علم – أو خبرتهم – إن كانت في شئ سوى الظلم والسرقة والنهب إن لم نفعل ذلك فنحن نخاطر باستئصال الورم ونترك المزيد من الخلايا السرطانية التي مع إهمالها ستتحول إلى ورم كامل ولكن هذه المرة لن يجدي معه استئصالا ووقتها سنندم حيث لا ينفع الندم عضو حزب الإصلاح وجبهة الإرادة الشعبية