يبدو أن شباب التيار الإسلامى وجدوا فى "داعش" ضالتهم التى يبحثون عنها مؤخرًا، للتنفيس عن حالة القمع الأمنى التى يواجهونها، مصادر بالتيار الإسلامى كشفت ل"المصريون" عن انضمام المئات من شباب التيار الإسلامى إلى داعش مؤخرًا عبر السفر إلى سورياوالعراق، وهو الأمر الذى تخوف منه خبراء، مطالبين الدولة بمواجهة تلك التنظيمات. وكشف حازم خاطر منسق حركة صامدون، عن انضمام آلاف المصريين لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بالفعل، بسبب الأوضاع الاجتماعية بالبلاد وبالممارسات التى يقوم بها النظام الحالى ضد المعارضة السياسية بكل أطيافها. وأضاف أن هذا مقدمة لانضمام آلاف آخرين خلال الفترة المقبلة فى ظل استمرار الأوضاع الحالية، مؤكدا أن الدولة تعرف ذلك جيدا لأن الشباب يضطر للسفر إلى العراقوسوريا للتعبير عن غضبه من الجرائم التى ترتكب ضده. وقال عمرو عمارة، القيادى الإخوانى المنشق ومنسق عام حركة "الإخوان المنشقين"، إن هناك تحركات داخل الجماعة تنبئ بإعلان عدد من الحركات المنتمية إليها ولاءها ل"داعش"، على أن تبايع أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" خلال الساعات المقبلة. وكشف عمارة فى تصريحات خاصة أن اجتماعًا عقد بحضور قيادات من التنظيم الدولى للإخوان، من بينهم محمود عزت أمين عام الجماعة وأسامة أبو رجيلة، وتمت مناقشة الأوضاع التى تتعلق بسوريا، واتفق الحضور على إعلان عدد من الحركات الإخوانية، وهى حركات المقاومة الشعبية والعقاب الثورى وثوار بنى سويف مبايعتها للبغدادي. بينما أكد مصطفى البدرى القيادى بالجبهة السلفية، أن انضمام شباب لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" هى تحركات انفعالية عاطفية غير مدروسة ولا محسوبة العواقب، مؤكدًا أن غالبية الشباب الذين يبايعون "داعش" ليس عندهم نضوج فكرى ولا منهجي. وأضاف أن تلك الأفكار مشوشة لدى الشباب تجاه "داعش" بنيت على محاربتها الغرب وأمريكا، وهو أمر لا يمكن الاعتداد به لأن "داعش" قتلت من المسلمين بل من المجاهدين أكثر بكثير ممن قتلتهم من الكافرين والمحاربين للدين. وأشار إلى أن الشعور بأن مرحلة السلمية أوشكت على الانتهاء أو قد فات أوانها بالفعل دفعهم قطعا للتفكير فى الانضمام إلى "داعش"، خاصة أن القوة الشعبية والمجتمعية التى تنتصر بها الثورات، أصيب بعضها بالإحباط وغالبها بالجبن. وأوضح أن وسائل الأعلام التى تؤيد نظام 3 يوليو تبنى من تلك الفكرة جسورا من التوجيه المعنوى ضد شباب التيار الإسلامى وضد "داعش" نفسها، فتسعى إلى تشويه صورتها على العامة حتى لا يبقى تيار جهادى معتدل ومتوازن ويفى بالقواعد الشرعية للأمة الإسلامية. وقال الدكتور طارق الزمر رئيس حزب البناء والتنمية والقيادى بالجماعة الإسلامية، إن البيئة التى أوجدها النظام الحالى ستدفع الشباب للانضمام إلى تنظيمات عنيفة من بينها قطعًا الدولة الإسلامية "داعش"، مؤكدًا أن تلك البيئات القمعية هى أشد خطرًا على المجتمعات من "داعش" نفسها. وأضاف الزمر فى تصريحات ل"المصريون"، أن الاستبداد والديكتاتورية والقمع هى البيئة المثالية لميلاد العنف والإرهاب والتطرف وما دون ذلك من الأسباب، هى أسباب ثانوية، لذا فإن البيئة التى أنتجت "داعش" جمعت بين الاستبداد والطائفية والتدخل الأجنبى، وهو الأمر الذى يراه الجميع فى العراقوسوريا. وأوضح أن ممارسات النظام القمعية ورغبته فى دفع الشباب للعنف ولدت لدى شريحة كبيرة من شباب المجتمع الرغبة فى الانضمام لتنظيمات مثل "داعش" بحثًا عن بيئة تحوى أفكاره ويفرغ فيه نشاطه ويعبر فيها عن غضبه وسخطه على هذا الواقع. وقال الزمر: الشباب هم مصدر حيوية الشعوب ومركز نشاطها، فإذا لم تفتح أمامهم طرق التعبير عن طموحاتهم ووسائل خدمة مجتمعاتهم، سيتحولون إلى قنابل موقوتة تنتظر الانفجار عند أول ظرف مناسب، لذا فإن المجتمعات الرشيدة هى الأقدر على استثمار وتوظيف طاقات شبابها. وأكمل: "الأنظمة الفاشلة هى التى تتصور أنها يمكنها هزيمة أفكار الشباب عبر حربهم وكتم آرائهم وهى تصورات خاطئة وستدفع لمزيد من الخسائر". ومن جانبه، قال حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن حالة اليأس التى يعيشها شباب هذا الجيل بدفعهم إلى القيام ببعض التصرفات المتطرفة والعشوائية تجعلهم من الخارجين عن القانون، مثل انضمام البعض من شباب الإخوان وغيرهم من الشباب الثورى إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وسفرهم إلى العراقوسوريا هربا من الواقع الذين يعيشون فيه بسبب سوء الأحوال المصرية. وطالب نافعة، الحكومة المصرية، بأن تحاول السيطرة على هذا الأمر من خلال محاولة جذب الشباب وضمهم إلى العمل السياسى للمشاركة فيه، وخاصة فى الانتخابات البرلمانية القادمة وإقامة مشروعات تنموية تشغل وقت فراغهم بدلا من استغلالهم فى الأفكار المتطرفة العشوائية حتى لا يكونوا عرضة للأفكار المتطرفة الخارجة عن القانون. فيما أكد المحلل السياسى حسنى السيد، أن انضمام شباب جماعة الإخوان المسلمين وآخرين مستقلين إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" فى العراقوسوريا يرجع إلى الملاحقات الأمنية التى يتعرضون إليها من قبل قوات الجيش والشرطة والتى تلاحقهم فى كل مكان، وخاصة سيناء التى اعتادوا التجمع فيها لتنظيم العمليات الإرهابية التى تخدم "داعش". وأضاف السيد أن أحد دوافع اللجوء لتلك التنظيمات، هو قانون الكيانات الإرهابية الذى أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسى أمس برقم 8 لسنة 2015 الذى أثار رعبهم، خاصة بعد تعريفه كلا من "الكيان الإرهابى والإرهابى والأموال والتمويل وتجميد الأموال"، حيث يقصد بالإرهابى كل شخص طبيعى يرتكب أو يشرع فى ارتكاب أو يحرض أو يهدد أو يخطط فى الداخل أو الخارج لجريمة إرهابية بأى وسيلة كانت ولو بشكل منفرد أو يساهم فى هذه الجريمة فى إطار مشروع إجرامى مشترك أو تولى قيادة أو زعامة أو إدارة أو إنشاء أو تأسيس أو اشترك فى عضوية أى من الكيانات المتطرفة، حسبما قال. وأوضح السيد ل"المصريون"، أن حالة البطالة والجهل التى يعانى منها الشباب فى الآونة الأخيرة تعد دافعا قويا جعلت الكثير من أصحاب النفوس الضعيفة ينضمون إلى "داعش" أو الجماعات الجهادية بغرض تحقيق بعض المفاهيم المغرضة التى بثتها تلك الجماعات فى عقول الشباب. وأشار السيد إلى أن حالة اليأس والبطالة التى يعانى منها الشباب لا يجب أن تؤثر عليهم، قائلاً: "عمر البطالة ووقف الحال ما يبقوا مبرر للخروج عن القانون"، مؤكدا أن هذا الأمر من الممكن أن يؤثر على بعض الشباب وبعض الجماعات الأخرى ويجعلهم ينضمون إلى "داعش"، وخاصة مع سيطرة عدد كبير منهم على مواقع التواصل الاجتماعى التى يجذبون من خلالها الشباب، لذلك على الدولة أن تحسب حساب هذا اليوم وتحاول استقطاب الشباب إليهم من خلال المشروعات التنموية التى تجذب الشباب. وأشار محمد نور الدين الخبير الأمنى ومساعد وزير الداخلية الأسبق، إلى أن الدولة سوف تتعامل مع المحرضين إلى الانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" فى العراقوسوريا بكل حسم وقوة فى الفترة الحالية خاصة بعد سفر البعض من شباب جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من المصريين إلى العراقوسوريا وتنفيذهم العديد من العمليات الجهادية هناك فى الآونة الأخيرة. وأوضح نور الدين خلال تصريح خاص ل"المصريون"، أن الخطة الأمنية بدأت بقانون الكيانات الإرهابية الذى سنه الرئيس عبد الفتاح السيسى أمس، والذى من خلاله ستعمل الأجهزة الأمنية بمحاصرة أى شخص يتم الشك فى أمره بتفتيش منزله والتحرى عنه، ثم القبض عليه للكشف عن المتورطين معه. وأكد نورالدين، أن الدولة لا تخشى جماعة الإخوان المسلمين لأنها قادرة على التصدى لها، قائلاً إن الأمن الوطنى لديه ملفات وحصر كامل لما يقرب من 300 ألف إخوانى والبعض من المتعاطفين معهم، لذلك أى تصرف غريب سيصدر منهم فى الفترة الحالية سيتم التعامل معه وفقا لقانون الإرهاب الجديد.