توقع مسؤولون عراقيون اليوم الأحد، أن تقود الخلافات المالية بين الحكومة الاتحادية في "بغداد" وإقليم شمال العراق، إلى تقويض الاتفاق النفطي الذي أبرم بين الجانبين بنهاية العام الماضي، والذي قرر على أساسه الأكراد المشاركة في حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي. وقضى الاتفاق الذى أقر بنهاية العام الماضي بين إقليم شمال العراق والحكومة الاتحادية، بأن يتولى الإقليم تصدير 550 ألف برميل نفط يوميا من حقول كركوك (شمال) عبر خطوط الأنابيب التي تمتد في شمال العراق، ومن الحقول النفطية للإقليم، مقابل تعهد الحكومة الاتحادية بتخصيص 17 % من قيمة الموازنة الاتحادية للإقليم، إلى جانب دفع رواتب موظفي الإقليم وقوات البيشمركة (جيش إقليم شمال العراق). ويرى الأكراد أن الخلافات بين "بغداد" و"أربيل"، بدأت بالاتساع مع رفض "بغداد" مقترحا كرديا لزيادة الصادرات النفطية على مراحل وإجراء مراقبة فصلية (ربع سنوية) للصادرات بدلا من المراقبة الشهرية التي تصر عليها الحكومة الاتحادية في بغداد. وقال كاوه محمد النائب عن كتلة التغيير الكردية في مجلس النواب العراقي (البرلمان)، إن الخلافات بين "بغداد" و"أربيل" أخذت منحيين، الأول فني متعلق بكميات الصادرات النفطية وآليات المراقبة للصادرات، والثاني سياسي متعلق بانعدام الثقة بين الطرفين. ونشأ الخلاف بين الطرفين بعد توقيع الاتفاق، حيث لم تسلم الحكومة المركزية في بغداد مخصصات موازنة 2015 للإقليم، ولم يلتزم الإقليم في المقابل بكميات النفط المتفق عليها للتصدير وفقا لتقارير صحفية. وأضاف محمد في تصريحات لوكالة الأناضول، أن "بغداد" رفضت المقترح الكردي الخاص بزيادة الصادرات من حقول الإقليم بشكل متدرج، إضافة الى الاتفاق على المراقبة الفصلية كل 3 أشهر لحجم الصادرات، وتمسكت بموقفها بأن يلتزم الاقليم بتصدير ما تم الاتفاق عليه وهو 550 ألف برميل يوميا مع المراقبة الشهرية لحجم الصادرات. وأوضح النائب عن كتلة التغيير الكردية في مجلس النواب العراقي، أن رئيس حكومة إقليم شمال العراق نيجيرفان بارزاني أكد قبل عدة أيام عدم قدرة الاقليم بسبب مشاكل فنية خارجة عن سيطرته، على الالتزام بتصدير 250 ألف برميل يوميا من حقول الاقليم، لكنه أكد في الوقت ذاته على أن الإقليم على مدى الاشهر المقبلة وصولا إلى نهاية العام الحالي سيكون قد صدر كميات إجمالية بمعدل 552 ألف برميل يوميا وهو ما تم النص عليه في الاتفاق النفطي مع بغداد. واقترح نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم شمال العراق والذى زار بغداد فى منتصف الشهر الماضي علي رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي زيادة صادرات الإقليم من النفط لتصل إلى 625 ألف برميل يوميا فى يوليو / تموز القادم على 3 مراحل، وذلك حلا للخلاف بشأن الاتفاق الذى توصل إليه الجانبان في ديسمبر / كانون الأول الماضي. وقال بارزانى، في تصريحات صخفية الأسبوع الماضي، إن الإقليم غير قادر على تصدير كميات النفط المحددة في الاتفاق مع بغداد من النفط بسبب قيامة ببيع كميات من النفط إلى عدد من الشركات والحصول على مقابلها مقدما، مشيرا إلي أن حكومة إقليم شمال العراق تطالب بتنفيذ مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2015، لكن بغداد تقول إنها سترسل للإقليم المتبقي من الموازنة بعد استخراج المصاريف السيادية وحصص المحافظات الأخرى. ويقول التحالف الوطني العراقي "الشيعي"، الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان العراقي، والتي ينتمي إليها حيدر العبادي رئيس الحكومة الاتحادية إن الأكراد بدأوا بتصعيد الموقف مع الحكومة الاتحادية عبر تنصلهم عن اتفاق الزموا أنفسهم ببنوده وأقر في مشروع الموازنة الاتحادية لعام 2015. وقال عبد السلام المالكي عضو ائتلاف دولة القانون الذى ينضوي تحت التحالف الوطني العراقي، إن المواقف بين "بغداد" و"أربيل" اخذت بالتصعيد مؤخرا، مشيرا إلى أن إقليم شمال العراق يسعى إلى نقض الاتفاق النفطي رغم تصريحاته المغايرة. وأضاف المالكي في تصريحات لوكالة الأناضول :" نحن نقيم الالتزام وفقا للتطبيق وليس التصريحات، الاقليم تعهد في الاتفاق بتصدير 550 الف برميل يوميا، لكن هذا لم يحصل حتي الآن، رغم أن بغداد التزمت بما تم الاتفاق عليه". وأوضح عضو ائتلاف دولة القانون الذى ينضوي تحت التحالف الوطني العراقي، أن " العبادي (رئيس الحكومة الاتحادية) تجاوب مع مطالب الاقليم بصورة تامة ونفذ ما تم طلبه ، لكن الاقليم لم يلتزم بتعهداته تجاه الحكومة الاتحادية، مشيرا إلى أن عدم الالتزام سيقود إلى مشاكل سياسية الى جانب المشاكل الاقتصادية تلحق الضرر بوضع العراق"، مشيرا إلى أن "الخيار الوحيد أمام الاقليم هو الالتزام بتصدير الكميات النفطية المتفق عليها مع بغداد". وقررت وزارة المالية العراقية الإثنين الماضي إرسال 250 مليار دينار عراقي (215 مليون دولار) إلى إقليم شمال العراق، لتسديد رواتب موظفي الإقليم عن شهر يناير / كانون الثاني الماضي.
وقال عبد الرحيم الشمري عضو الكتلة الوطنية "سُني" إن إقليم شمال العراق يسعى للحصول على أكثر من استحقاقاته المنصوص عليها في القانون والدستور العراقي، ويحاول الضغط بشتى الوسائل على الحكومة الاتحادية، متوقعا أن تشهد الفترة القادمة مزيدا من الخلافات بين "بغداد" و"أربيل" تقود الى انهاء العمل بالاتفاق النفطي. وأضاف الشمري في تصريحات لوكالة الأناضول، أن حسم تلك الخلافات يتطلب مواقف واضحة من الأطراف العراقية بعيدة عن المجاملات السياسية، وتنفيذ القوانين التي تحدد الاستحقاقات والالتزامات على الطرفين. وتضمن الاتفاق الذي صادق عليه مجلس الوزراء العراقي في 2 ديسمبر/ كانون الأول الماضي أن يقوم اقليم شمال العراق بتسليم ما لا يقل عن 250 ألف برميل نفط يوميا، إلى الحكومة الاتحادية لغرض التصدير، وتصدير 300 ألف برميل يوميا من قبل الحكومة الاتحادية من حقول محافظة كركوك عبر خط أنبوب النفط في اقليم شمال العراق. ويعتمد العراق على واردات النفط لتمويل 95 % من الموازنة، وينتج نحو 2.5 مليون برميل يوميا، مع توقعات بزيادة الإنتاج إلى 4 ملايين برميل يوميا. ويواجه العراق أزمة اقتصادية اضطرته إلى تقليل حجم الموازنة المالية نتيجة انخفاض أسعار النفط دون 50 دولارا للبرميل على مدى الشهور الماضية والبدء بسياسة التقشف، فيما أعلنت وزارة المالية الشهر الماضي أنها ستزيد الضرائب على بعض الخدمات المقدمة. وأقر مجلس النواب العراقي نهاية الشهر الماضي موازنة البلاد لعام 2015 بعد تخفيض النفقات بها بنحو 4 تريليون دينار عراقي (3.43 مليار دولار) لتصل إلى 119 تريليون دينار عراقي (102 مليار دولار) وعجز قدره 25 تريليون دينار (21.4 مليار دولار). ويحتاج العراق إلى المزيد من الأموال لتمويل حملة عسكرية واسعة ضد تنظيم "داعش" الذي يسيطر على مساحات كبيرة في شمال وغرب البلاد.