الإمام البخارى وكتب السنة النبوية تخوض منذ عدة شهور معركة إعلامية لا يهمنا أسبابها ولا مبرراتها , ولكن الذى يهمنا فى الأمر أنها معركة غير متكافئة بين الهجوم والدفاع. ففي الوقت الذى تخصصت فيه بعض الصحف والبرامج لطرح الشبهات , يجد المدافعون عن السنة أنفسهم فى مأزق كبير , لأن الشبهة المطروحة فى سطر أو مقال تحتاج فى الرد العلمى إلى بحث كامل أو حلقة كاملة حتى نشرح ملابسات التضليل المتعمد فيها , خاصة لو وضعنا فى اعتبارنا أن الناس جميعا ليسوا سواء فى استيعاب مصطلحات ومفاهيم علوم الشريعة , وقبل الرد على أى شبهة تكون مضطرا لشرح تلك المفاهيم بأسلوب مبسط أولا قبل الرد العلمى على الشبهة ذاتها , ولسنا نملك الوقت ولا المساحة لكل هذا لهذا فالحل الوحيد هو محاولة الرد بأسلوب الحوار المنطقي , فإذا نجح الباحثون فى إثبات أن شبهات الإعلام قائمة على التناقض والترصد , فهذا يكفي للرد دون الخوض فى التفاصيل العلمية , ودعنا عزيزى القارئ نتساءل بعض الأسئلة المنطقية التى تكشف الحق ببساطة عبر أجوبتها , يقول المهاجمون للسنة أن الإرهاب والإرهابيين هم من الخوارج وعملاء الغرب , ونحن يقينا نعرف ذلك تماما , وقد عرفناه من كتابات هؤلاء الإعلاميين أنفسهم ومن خلال كتابات الغرب أيضا , وبعدها فوجئنا بهم يقولون أن المشكلة أساسا فى كتب التراث والبخارى ! , وهذا غريب , لأن البخارى وغيره وصفوا الخوارج بأنهم كلاب أهل النار , والتاريخ روى مرارا كيف أن الخوارج دينهم هو قتل المسلمين ومحالفة الكفار والمشركين منذ قتلهم للإمام علىّ وحتى عمليات إرهاب داعش التى تنشر الدمار بين المسلمين بأسلحة أمريكية وتمويل غربي , بالإضافة إلى أن الخوارج لا يؤمنون بصحة أحاديث كتب السنة أصلا وعلى رأسها البخارى بل إنهم يكفّرون البخارى وعلماء السنة والمسلمين جميعا , فكيف يمكن أن يتحمل البخارى وزر الفكر الإرهابي الخاص بهم ؟! يقول الإعلام أن الخوارج يستند إلى نصوص فى البخارى وكتب السنة ليبرر قتل الأبرياء , والسؤال ما هو ذنب البخارى ؟! وهل العيب فى النصوص أم فى العقول المغلقة , وإذا كان القرآن نفسه فيه آيات محاربة العدو المعتدى والتى يستغلها الخوارج فى تكفير المسلمين وقتلهم , فهل نقول أن العيب فى القرآن ؟! هل هذا ما تريدون الوصول إليه ؟! المفاجأة الأكبر أن الإعلاميين ينادون بحرق كتب السنة النبوية والتراث , رغم أن هذه الكتب تحديدا هى حائط الصد الأكبر ضد استغلال الخوارج عبر التاريخ لآيات القرآن , لأن القرآن نزل بأحكام عامة , وجاءت السنة النبوة فوضحت تفاصيل الأحكام , ولهذا عندما عجز الخوارج أن يفسروا القرآن بهواهم فى ظل ضوابط الأحاديث أنكروا ثبوت السنة النبوية أصلا , ولم يأخذوا بها واخترعوا لأنفسهم أحاديث مكذوبة تبرر منهجهم الإرهابي وهذه الحقيقة يعلمها كل دارس وباحث فى تاريخ الفرق الإسلامية فعلى أى أساس تتهمون الأحاديث المروية عن طريق الصحابة بالإرهاب بينما هذه الأحاديث بالذات هى التى أنبأتنا بخروج الخوارج وحددت أسلوب التعامل معهم واعتبرتهم خارج الدين ؟! وما يفعله الإعلام فى كتب السنة هو نفس ما تفعله داعش , فهم يذهبون لاقتطاع النصوص الواردة فى غير المسلمين وتقديمها للناس على أنها قيلت فى المسلمين ! , ولو أننا أخذنا بهذا المنهج الطريف لكان من حق أى سفاح أو تاجر مخدرات أن يتهم القانون الجنائي بأنه قانون إرهابي , لماذا ؟! الجواب جاهز لأن القانون الجنائي يحتوى عقوبات وحشية مثل الإعدام والأشغال الشاقة وهى عقوبات وحشية ضد الأبرياء ! , فلو قلنا له بأن هذه العقوبات تخص المجرمين , فسيحتج بمنهج الإعلام ويقول ( أنا مالى .. نصوص الإعدام والأشغال شاقة موجودة فى القانون , وبالتالى هو قانون إرهابي ووحشي وإقصائي .. إلخ ) فهل تقبلون هذا المنطق ؟! وللحديث بقية ..