جاء إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي، بأن هناك حاجة "ملحة" لتشكيل قوة عربية موحدة للتصدي للتحديات التي تواجهها المنطقة، لتكون أول دعوة يوجهها رئيس عربي لمطالبة الدول العربية بالتوحد فى مواجهة هذه التحديات الراهنة، حيث اعتبر خبراء عسكريون أن دعوة السيسي لتشكيل قوة عربية موحدة ستلقى قبولاً واسعًا فى الدول العربية نظرًا للظروف التى تمر بها الدول العربية من تهديدات واسعة من تنظيم داعش الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية. وتعود فكرة تشكيل قوة عربية التى دعا إليها السيسي لحرب 48 حرب والتي وقعت فى فلسطين وتوحدت فيها مصر والأردنوالعراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية ضد اليهود العصابات المسلحة التى استولت على القدس. وكانت بريطانيا قد أعلنت إنهاء انتدابها على فلسطين وغادرت تبعًا لذلك القوات البريطانية من منطقة الانتداب، وأصدرت الأممالمتحدة قرارًا بتقسيم فلسطين لدولتين يهودية وعربية الأمر الذي عارضته الدول العربية، وشنت هجومًا عسكريًا لطرد الميليشيات اليهودية من فلسطين في مايو 1948 استمر حتى مارس 1949. وفى أول بوادر تشكيل القوة العربية الموحدة اتفقت مصر والجزائر وتونس على "زيادة التنسيق الأمني والدفاعي بينها فيما يخص التطورات الميدانية في ليبيا"، بحسب مصدر أمني جزائري رفيع المستوى. وخلال اجتماع القاهرة تبادل المسئولون معلومات أمنية ودفاعية حول الوضع الميداني وتحركات المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم داعش في ليبيا التي تعاني من فوضى أمنية وسياسية دموية منذ الإطاحة بالعقيد الليبي الراحل، معمر القذافي، عام 2011. وقال اللواء طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجي والعسكري، إن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتشكيل قوة عربية موحدة تأتي فى ظل الظروف العصيبة التى تمر بها المنطقة العربية وما تتعرض له من موجات إرهابية، مشيرًا إلى أن التعاون المشترك فى المجال العسكرى أصبح حتميًا لمواجهة تلك التحديات والمؤامرة الكبرى لتقسيم الدول العربية من خلال التنظيمات الإرهابية التى ظهرت فى العراق وسوريا ثم ليبيا، موضحًا أنه لا يمكن القبول، مطالبًا بتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك والبدء فورًا فى الدفاع عن الأمة العربية ضد هذه التنظيمات الإرهابية. وأضاف الخبير العسكري والاستراتيجي: "لكن يبدو أن الرئيس السيسي أدرك أن الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب بشكل عام لن يعمل لصالح الدول العربية وأنه جاء الوقت لكى نعتمد على أنفسنا فى تطهير الوطن العربي من كل التنظيمات الإرهابية، مشيرًا إلى أن الكثير من الدول العربية ستلبى دعوة السيسي بتشكيل هذه القوة. وأكد اللواء محمد على بلال، الخبير العسكرى، أن فكرة تشكيل قوة عسكرية عربية لابد أن تكون مواكبة لما نواجهه من حرب ذات نوع خاص وهى حروب الجيل الرابع والتكنولوجيا الحديثة والتي شدد عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال خطابه، أمس، لمواجهة الإرهاب الذي استخدم سلاح التكنولوجيا باحتراف، مشددًا على ضرورة تكاتف كل السبل لمواجهة الإرهاب من النواحي العسكرية والاقتصادية؟ ورأى بلال أن دعوة السيسى خلال كلمته، أمس، لضرورة تشكيل قوة موحدة لمواجهة الإرهاب ليس الهدف منها تشكيل قوة عسكرية وإنما لكيفية مقاومة الإرهاب سياسيًا وتكنولوجيًا، متوقعًا انضمام السعودية والإمارات والكويت والأردن لدعوة السيسي لتشكيل القوة العربية لمواجهة الإرهاب. ووصف بلال ل"المصريون" تشكيل قوة عسكرية عربية بأنه "صعب" خصوصًا أن مصر هى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تملك جيشًا بعد انهيار العراق وسوريا، كما أن التوجه الدولى يسعى لمواجهة الإرهاب عبر الحل السياسي فى مقابل الحل العسكرى، مشيرًا إلى أن التدخل العسكرى أصبح من الماضى، وذلك بعد أن رفض المجتمع الدولى صراحة التدخل العربى فى ليبيا، معلنًا أن التدخل العسكرى ضد التوجه الدولى، جاء ردًا على مواجهة تنظيم داعش بعد مقتل المصريين. وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قد أكد أن هناك حاجة "ملحة" لتشكيل قوة عربية موحدة للتصدي للتحديات التي تواجهها المنطقة، في إشارة إلى تصاعد أعمال العنف التي يرتكبها متشددون في عدة دول، مؤكدًا في الوقت نفسه متانة العلاقة مع دول الخليج العربية، ردًا على تكهنات بتضرر العلاقات بعد تسريبات على لسانه تتضمن إساءات للسعودية. وقال السيسي، في كلمة تليفزيونية مسجلة أذيعت مساء أمس الأحد: "نحن لا نعتدي.. لا نهاجم.. لا نغزو. إنما إحنا بنحمي بلدنا وبنحمي شعبنا.. جيشنا لا يعتدي على أحد ولا يغزو أراضي أحد". وأضاف أن الطائرات المصرية استهدفت 13 هدفاً دُرِست بعناية ودقة ونفى أن تكون استهدفت مدنيين، وذكر أن الكثير من الدول العربية أعربت عن تضامنها مع مصر بعد حادث إعدام 22 مصريًا في ليبيا وبعضها عرض تقديم دعم عسكري مثل الأردن والإمارات. وقال "الحاجة إلى قوة عربية موحدة كل يوم بيتضح أنها أصبحت أكثر إلحاحًا.. ضرورة ملحة لأن التحديات التي تقابل المنطقة ودولنا تحديات ضخمة جدًا سنستطيع أن نتغلب عليها (عندما) نكون مع بعض".