اعتبرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، أنه "إذا كان هناك تطبيق لمقولة البشر يموتون من الحزن فإنه سيكون محمد بسيوني السفير المصري الأسبق بإسرائيل"، واصفة أشهر سفراء مصر بإسرائيل وأكثرهم بقاء بالمنصب (1986 – 2000)، والذي كان يرتبط بعلاقات وطيدة مع المسئولين الإسرائيليين بأنه كان منفتحًا على إسرائيل كما لو أنه كان سفير إسرائيل بالقاهرة!! وتحت عنوان: "موت بسيوني احتضار للسلام"، كشف عكيفا الدار، المحرر بالصحيفة عما دار في مقابلة جمعته مع بسيوني منذ 4 شهور حين التقاه بأحد فنادق القاهرة حيث كان ينزل خلال زيارته لمصر، وأشار إلى أنه "تحدث في أسى مختلط بالقلق عن انهيار المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل". لكن بسيوني أعرب عن ثقته بأن أي حكومة جديدة منتخبة في مصر لن تمس بسوء اتفاقية السلام مع إسرائيل واصفا الاتفاقية بالمصلحة الإستراتيجية المصرية، محذرا الحكومة المصرية القادمة من إعطاء أذنها للشارع وأن تكون أقل تسامحا من الرئيس السابق حسني مبارك فيما يتعلق بالاستيطان الإسرائيلي، بحسب الصحفي الإسرائيلي. وكشف عن الدور الذي لعبه بسيوني، إبان وجوده على رأس السفارة المصرية بإسرائيل والذي مهد فيما بعد لتوقيع اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي من خلال كونسورتيوم "غاز شرق المتوسط"، المملوك لشركة أمبال أميركان - إسرائيل ورجل الأعمال المصري حسين سالم والشركة المصرية للغازات الطبيعية، وشركة بي تي تي التايلاندية ورجل الأعمال الأمريكي سام زيل رئيس إي جي آي، وشركة مرهاف الإسرائيلية. وأضاف التقرير إن آخر ذكر لبسيوني داخل إسرائيل يوضح مدى تغلغه داخل الحياة الاجتماعية والاقتصادية بإسرائيل، ففي الأسبوع الماضي أقام نمرود نوبيك رجل الأعمال الإسرائيلي دعوى قضائية ضد شريكه السابق يوسي ميمان الذي وصفه التقرير بالصديق السابق لبسيوني، وهي الدعوى التي تتعلق بصفقة تصدير الغاز المصري لإسرائيل. ويكشف نوبيك في دعواه أنه بعد توقيع اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين وإسرائيل في عام 1993 قام بالتوجه لبسيوني كسفير لمصر في ذلك الوقت والدكتور أسامة الباز المستشار السياسي للرئيس السابق حسني مبارك آنذاك، واللذين كان يعرفهما جيدًا، من أجل إقامة علاقات تعاون مع مصر في ظل الأجواء الطيبة بعد توقيع أوسلو. وهي الزيارة التي تم في أعقابها دعوة ميمان ونوبيك للقاهرة وفقا لما ذكرته صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية في تقرير نشرته مؤخرا للتعرف على حسين سالم رجل الأعمال المقرب من مبارك، وخلال اللقاء نقل الباز مباركة الرئيس السابق للتعاون بين الجانبين المصري والاسرائيلي، وبعدها بأيام تم الاتفاق على إقامة مصفاة لتكرير النفط بالإسكندرية. وأضاف المحرر ب "هاآرتس"، إن "انفتاح بسيوني على المجتمع الاسرائيلي بشكل مزدهر ومستنير جعله كما لوك ان سفيرا لإسرائيل بالقاهرة بشكل ليس أقل من كونه سفير مصر لدى إسرائيل". وتابع: "لقد راقبته من قريب عندما رفض صديقاه عزرا فايستمان الرئيس الإسرائيلي الأسبق والجنرال الإسرائيلي إفراهام تامير رغبة إسحاق شامير رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق بنسف السلام مصر بسبب خلاف على منطقة طابا، وبعد نتهاء الأزمة قمنا بالاحتفال بإزال جملة "القائم بالأعمال" التي كان يبدأ بها وصف بسيوني". من جانبه، قال موقع "واللاه" الإخباري الإسرائيلي إن وفاة بسيوني تأتي في اللحظة التي تواجه فيها اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل تحديا خطيرا منذ توقيعها في عام 1979. وأضاف: "كان هناك فجوة كبيرة بين الواقع والقصص الخيالية التي اعتاد بسيوني ان يحكيها لضيوفه الإسرائيليين عن عمله في دمشق كملحق عسكري للسفارة المصرية هناك، ودوره بحرب أكتوبر ومساهمته في عملية السلام". وذكر أن "بسيوني وصل لإسرائيل كمندوب عن الرئيس السابق حسني مبارك، وخلال عمله بتل أبيب كان السفير الأسبق وحفلات العشاء سواء التي كان ضيفا أو مستضيفا لها مثار حديث الصحف الإسرائيلية، وهي الحفلات التي كان المشاركون بها من النخبة السياسية والاقتصادية بإسرائيل". وأشار إلى أنه و"بينما كان بسيوني يستضيف ويحل ضيفا بإسرائيل كان سفير إسرائيل بالقاهرة محاصرا في مبنى سفارته وشخصا مجذوما يفر المصريون بعيدا عنه ويرفضون الاتصال به أو إقامة علاقات معه".