إلغاء كامب ديفيد وبسط النفوذ كاملاً على سيناء.. إلغاء المحكمة الدستورية وإعفاء أعضاء المجلس الأعلى للقضاء.. إقرار قانون العزل السياسي وتشكيل محاكم ثورية أبرز ملامحها يعد ظهورها حيلة قوية لإعادة الصف السياسي كتلة واحدة، إنها "مبادرة وثيقة الثورة" التي يسعى كاتبوها إلى توحيد الصف السياسي عبر توقيع كل القوى السياسية على بنودها التي تتكون من قرابة 11 بندًا تسعى من خلالها إلى إسقاط النظام الحالى عبر آليات سياسية واضحة. "وثيقة الثورة" التي نالت استحسانًا وقبولاً لدى بعض القوى السياسية خاصة الإسلامية ووجهت بحملات من الانتقاد والهجوم من قبل تيارات أخرى ليصل الأمر بوصف مقربين من الرئيس عبدالفتاح السيسي لتلك الوثيقة بأنها محسوبة على الإخوان.. الدكتور عمرو عادل، المتحدث باسم مبادرة "وثيقة الثورة"، والقيادي بحزب الوسط يرد على كل النقاط الشائكة حول تلك الوثيقة ويكشف التفاصيل الكاملة لها.
بداية.. ماذا تعني مبادرة "وثيقة الثورة"؟ فى الحقيقة المبادرة هي عبارة عن وضع مجموعة آليات ونقاط يمكن لكل القوى السياسية الالتفاف حولها، بحيث يمكن إعادة اللحمة الوطنية الثورية مجددًا.
وما الهدف في هذا التوقيت بالتحديد؟ الهدف منها وضع حد أدنى مقترح من المبادئ والأهداف العامة يلتزم بها كل المؤمنين بالثورة المصرية حتى لا تتكرر أخطاء الخلط ما بين الثوري والإصلاحي، لأن هذه المشكلة سهلت مهمة الثورة المضادة، ومن ثم فإن وثيقة الثورة هي عبارة عن مجموعة من الأفكار والإجراءات هدفها كسر احتكار السلطة والثروة من الطبقة الحاكمة وإعادتها مرة أخرى للشعب.
تزايدت حجم الاتهامات عن الداعمين لتلك الوثيقة ومن ثم تعين عليك أن توضح لنا مَن يقف خلفها؟ لا توجد جهة محددة تتبني الوثيقة ولكنها نتاج مناقشات وأفكار للموقعين وهي موجهة للشعب المصري بالأساس ولكل قواه المؤمنة بالثورة فهي تتحدث عن مجموعة من الإجراءات والمفاهيم التي يجب على الثورة تبنيها، وتوضح الوثيقة العدو الحقيقي والعقبات الصحيحة في طريق تحرير مصر من طبقة الفساد المسلح الحاكمة، ومن ثم فإنها تقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية.
نقاط عدة تحيط بتوقيت إطلاق تلك الوثيقة؟ الوثيقة هامة في هذا التوقيت لأن هذا الوقت ظهر فيه مدى قوة الثورة المصرية ومدى بطش وجنون الطبقة الحاكمة ممثلة في العسكر وأذنابهم وأنهم كالفيل الهائج في متحف خزفي واستطاعت الثورة تجاوز الضربات العنيفة وأثبتت أنها عصية على أن تموت واستطاعت على الرغم من العنف الشرس معادلة أوزان القوى، حيث لم تستطع قوة السلاح القضاء عليها وعلى الجانب الآخر أصبحت الطبقة الحاكمة في موقف سيئ وانحصرت كتلة المؤيدين في كتلة الفساد الصلبة والبعض ممن يظنون أنهم قد يحققون مصالح مع تلك الطبقة، وبالتالي رأى الموقعون ضرورة تحديد خطوط عريضة لما يرونه من إجراءات ومفاهيم لمحاولة تأطير الثورة وجمع الثوار على أهداف واضحة.
هل الوثيقة متعلقة بإدارة الثورة أم هي دستور ثوري؟ الثورة في الشارع ولا تهدف الوثيقة أو الموقعون للوصاية على الثوار أو تكوين زعامة، على العكس الوثيقة والموقعون يثنون على العمل الثوري والمقاوم طبقًا للقواعد العامة التي أعلنتها القوى الثائرة ويقين الموقعين من حتمية نجاح الثورة بإذن الله وأنها ستكون من الثورات الكبرى في التاريخ، دفعهم إلى محاولة وضع محددات لما بعد حصول الثورة على السلطة.
لماذا غابت القوى المدنية عن التوقيع على الوثيقة؟ إذا كنت تعني بالقوى المدنية التي ارتمت في أحضان دبابات العسكر وتستمتع بمداعبته لهم فهي غير مرحب بها بل مرفوضة وأنا لا أحبذ هذا التصنيف، حيث لا يوجد في علوم السياسة ما يسمى بالقوى المدنية إلا في مقابل العسكرية، كما أن الوثيقة بتوقيع أفراد وليس كيانات، وعلى أي حال الدكتور محمد شرف وهو رمز ليبرالي وأيضًا الأستاذ أحمد عبدالجواد، رئيس حزب البديل الحضاري، وهو ليبرالي أيضًا والدكتور هاني سوريال قاموا بالتوقيع على الوثيقة.
هل تتوقع أن تلاقى قبولاً من القوى غير الإسلامية؟ نحن نخاطب الشعب المصري أولاً بالوثيقة ولا يعنينا قضية الكيانات الموقعة بل يعنينا أن يدرك الثائرون في الشوارع طبيعة المعركة وأهدافها الصحيحة من وجهة نظرنا وحالة القبول التي لمسناها وسط الثوار للوثيقة أفضل آلاف المرات من الركض وراء الكثير من التيارات التي لا تعنيها الثورة.
بماذا تتميز وثيقة الثورة عن غيرها من المبادرات السابقة؟ هذه ليست مبادرة تتحدث عن حل للوقت الحالي ولكنها تتجاوزه للوصول إلى تصور للعمل بعد نجاح الثورة وكما أرى أن كل المبادرات السابقة تبدأ من نقطة ليست صحيحة من وجهة نظر الموقعين فهي تبدأ من افتراض أن الصراع هو صراع على السلطة بين الإخوان أو التيار الإسلامي من جهة والجيش ودولته العميقة من جهة أخرى، لذا كان طرحها سياسيًا لحل الأزمة الراهنة ولكن تلك الوثيقة ترى أن الصراع على وجود الدولة وهويتها وأن المشكلة بين الشعب من جهة والعسكر من جهة أخرى لذا كان طرحها مختلفًا لا لحل الأزمة الحالية كباقي المبادرات ولكن كان طرحًا ثوريًا متجاوزًا للواقع ويحدد معايير استرداد السلطة والثروة للشعب.
كيف سينفذ الموقعون على الوثيقة مبادئها؟ نحن لن ننفذ نحن نضع الإطار الذي نحاول به إرشاد الثوار والثورات الكبرى لا تضع آليات تحقيق أهدافها ولكنها تؤكد عليها وتؤطرها وكما ذكرت سابقًا نحن لا نريد القفز على الحراك أو قيادته ولكن الهدف هو محاولة إكمال الصورة للأبطال المناضلين الموجودين على الأرض وتنفيذ مبادئها موكل للثوار بعد حصول الثورة على السلطة.
هل تتضمن الوثيقة أية نقاط تتعلق بإصلاح المنظومة الأمنية والاقتصادية؟ نعم والحلول الواقعية هي إزالة رءوس الفساد بالجهاز ومحاكمة جميع المتورطين بالدماء مهما كانت رتبتهم سيعيد المتبقي من جهاز الشرطة إلى وظيفته الأصلية في حماية المجتمع وليس البطش به لأن جهاز الشرطة موجود بالأساس لحماية المجتمع ولكن إذا تحول لأداة بطش فإن عدم وجودة أكثر أمنًا، وبالتالي تقليص صلاحياتها وإخراجها من الكثير من الوظائف الموكلة لها مثل السياحة والآثار والجوازات والأحوال المدنية والدفاع المدني والمرور أحد الأهداف الرئيسية، وبالتالي سيكون الدور الرئيسي للشرطة منحصرًا في الأمن الجنائي. وأما الاقتصاد فهناك رغبة قوية لإلغاء المعونة الأمريكية لأن هناك دراسات تؤكد أن لها أثرًا سلبيًا على الاقتصاد كما أنها إحدى أدوات سيطرة أمريكا على ما يسمي الجيش المصري وتسليحه وعقيدته وهي لا تمثل وزنًا كبيرًا بالموازنة إلا أنها أحد مظاهر التبعية.
ومن أبرز الموقعين عليها؟ الداعية الإسلامي وجدي غنيم وعطية عدلان، رئيس حزب الإصلاح، مجدي سالم، نائب رئيس الحزب الإسلامي، محمد الصغير مستشار وزير الأوقاف الأسبق، سلامة عبد القوي وكيل وزارة الأوقاف السابق، خالد سعيد الجبهة السلفية، أشرف عبدالغفار قيادي بالإخوان المسلمين، نزار غراب عضو الهيئة العليا بالحزب الإسلامي، المستشار عماد أبو هاشم رئيس محكمة المنصورة الابتدائية، المستشار محمد عوض، المتحدث باسم حركة قضاة من أجل مصر، ضياء الصاوي، المتحدث باسم شباب ضد الانقلاب، خالد الشريف المجلس الثوري، هيثم غنيم، ناشط حقوقي، محمد الغزلاني عضو الهيئة العليا بالحزب للإسلامي، آيات عرابي كاتبة صحفية، عمار مطاوع ناشط حقوقي، حذيفة فتوح ناشط حقوقي، هشام كمال المتحدث باسم الجبهة السلفية، حسام عبد العزيز كاتب صحفي، محمد عماد الدين صابر نائب بمجلس الشعب، محمود فتحي رئيس حزب الفضيلة، أحمد رامي الحوفي المتحدث باسم الحرية والعدالة، مصطفى البدري عضو مكتب سياسي الجبهة السلفية، سعد فياض حزب الشعب، محمد جلال المتحدث باسم انتفاضة الشباب المسلم، خالد المصري كابو ألتراس نهضاوي، عبد الرحمن ضاحي، ناشط سياسي، عبدالرحمن عز، ناشط سياسي، حازم خاطر، المتحدث باسم حركة صامدون.
*وثيقة الثورة المصرية التي طرحتها تنسيقية انتفاضة الشباب المسلم: تتألّف من 9 بنود، عودة الجيش لمهمته الأساسية، مع الاعتماد على الحكومة في المشاريع الاقتصادية والمناصب الإدارية، وإلغاء محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وجاء فيها: "لا بد من محاكمة جميع المواطنين، بمن فيهم العسكريون أمام محاكم مدنية في القضايا الجنائية، إلا ما يختص بالشأن العسكري، فيُحاكم العسكريون فيه أمام المحاكم العسكرية". "يتم تبني عدالة انتقالية ناجزة لتحقيق القصاص العادل، بما في ذلك المحاكم الثورية كإحدى آلياتها، ويتم إلغاء المحكمة الدستورية، وتحويلها لدائرة في محكمة النقض، وإعفاء أعضاء المجلس الأعلى للقضاء". "تشكيل هيئة قضائية ثورية، تتكوّن من دائرتين مستقلّتين، لهما سلطة تحقيق، ومحكمة بدوائر متعددة، للعمل على الفصل السريع في جرائم رموز النظام ضد الشعب، وتعويض أسر الشهداء والمصابين والمعتقلين، مع إلغاء جميع الأحكام المُسيّسة ضد الثوار ورافضي النظام القمعي". "يتم تطهير الداخلية، والاستعانة بمن تمّ فصلهم بعد 3 يوليو لرفضهم المشاركة في الجرائم، وإعفاء قيادات الصف الأول والثاني والثالث من مناصبهم، ومحاكمة كل من تورط في القتل". "تقديم كل من تورط في التحريض على القتل، لمحاكمات ثورية، وإغلاق القنوات والصحف المتورطة في ذلك". "ضرورة إقرار قانون العزل السياسي، وبمقتضاه منع جميع القيادات التي تورطت في إفساد المؤسسات، وخدمة النظام القمعي، من تولي أي مناصب في الدولة، وتحويلها للمساءلة القانونية". "إلغاء اتفاقية كامب ديفيد، وبسط النفوذ كاملًا على سيناء، ومنع تصدير الغاز للكيان الصهيوني". "استرداد الشعب لثرواته المنهوبة في الداخل والخارج، من أهم المطالب منذ ثورة 25 يناير". "أخطر ما يصيب الثورات غياب هويتها، وهلامية مطالبها والتفافها حول شعارات، دون توافق على حد أدنى يكفل تحقيقها، ويمنع القفز عليها أو حرف مسارها أو الالتفاف حولها".