قبل يوم واحد من رحيل الرئيس المخلوع حسني مبارك، توفي الفريق سعد الدين الشاذلي، العقل المدبر لحرب أكتوبر المجيدة، الحياة، في 10 فبراير 2011، قبل أن يرى "الفرعون" وهو يسقط أمام عينيه، بعد أن نكل به ودفع به إلى السجن. توفي الفريق الشاذلي، بعدما أعادت له ثورة يناير، جزءاً من حقه المسلوب منه عنوة على يد مبارك"، الذي احتكر بمفرده حرب أكتوبر لينصب نفسه الزعيم والبطل، فمنحه الرئيس الأسبق محمد مرسي، قلادة النيل بعدما تناساه عمداً الرؤساء السابقون، فقد كان صاحب الثورة في عقول العسكر. تم تعيينه، قائداً للقوات الخاصة والصاعقة والمظلات ليكون بذلك القائد الأول والأخير الذي يجمع بين قيادة هذه الوحدات الثلاثة في تاريخ العسكرية المصرية وذلك بعدما قام بتنفيذ عملية انسحاب جريئة فى نكسة 1967 وعاد بقواته سلامًا إلي مصر، في ظل القصف الإسرائيلي المتواصل الذي أربك جميع الوحدات المصرية الأخرى. كان الفريق الشاذلي شاهداً علي عصور كثيرة حكم فيها رؤساء كثر، فمن الملك فاروق حتي الرئيس نجيب ثم جمال عبدالناصر، ثم السادات ، ثم مبارك، ومنحه الرئيس مرسي قلادة النيل العظمة تقديراً له علي مشاركته في حرب أكتوبر.
قالوا عنه ! يقول المفكر الدكتور مصطفي الفقى، إن "تهميش الشاذلي واستبعاده بسبب خوف رجال النظام بعد حرب أكتوبر من بزوغ نجمه على الساحة السياسية في مصر، وأن يخطف الأضواء منهم"، مضيفًا : لقد أدركت أن نهاية الشاذلي في الحياة العملية أوشكت على النهاية عندما رأيت صورته تتصدر غلاف مجلتا ( الحوادث العربية ) و ( الباري ماتش ) الفرنسية باعتباره أول رئيس أركان الحرب العربية المنتصرة. أما، اللواء سمير فرج، رئيس إدارة الشئون المعنوية في حرب أكتوبر 1973،فيقول أن اختلافات كثيرة في الرأي سادت قبيل اتخاذ أي قرار عسكري خاص بحرب أكتوبر بين الرئيس السادات وقيادات الجيش، أن تلك الخلافات كانت تحدث داخل غرفة العمليات بين كل من السادات ووزير الدفاع المشير أحمد إسماعيل، ورئيس هيئة العمليات محمد الجمسي من جهة، ورئيس الأركان سعد الشاذلي من جهة أخرى. وأؤكد أن آراء الشاذلي العسكرية، كانت أصوب من قرارات السادات والجمسي وإسماعيل.
صراعه مع السادات أمر الرئيس أنور السادات بالتخلص من جميع الصور التى يظهر فيها الفريق الشاذلى إلى جواره داخل غرفة العمليات، واستبدالها بصور يظهر فيها اللواء محمد عبدالغني الجمسى رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في ذلك الوقت، في محاولة منه بمحو أى دليل يشير إلى دور الفريق الشاذلي في معركة العبور. وفي عام 1978 أصدر الرئيس أنور السادات مذكراته "البحث عن الذات" واتهم فيها الفريق الشاذلي بالتخاذل وحمله مسؤولية التسبب بالثغرة التي اكتشفتها الطائرة الأمريكية بين الجيش الثالث الميدانى بالسويس والجيش الثاني بالإسماعيلية، ووصفه بأنه عاد منهاراً من الجبهة يوم 19 أكتوبر وأوصى بسحب جميع القوات في الشرق، هذا ما دفع بالفريق الشاذلي للرد على الرئيس أنور السادات بنشر مذكراته (حرب أكتوبر)، والذي يعتبر من أدق الكتب إلى تحدثت عن حرب أكتوبر.
تكذيب السادات يقول المشير محمد عبد الغني الجمسي رئيس هيئة العمليات أثناء حرب أكتوبر في مذكراته (مذكرات الجمسي / حرب أكتوبر 1973) صفحة 421 "لقد عاصرت الفريق الشاذلي خلال الحرب، وقام بزيارة الجبهة أكثر من مرة، وكان بين القوات في سيناء في بعض هذه الزيارات. وأقرر أنه عندما عاد من الجبهة يوم 20 أكتوبر لم يكن منهاراً، كما وصفه الرئيس السادات في مذكراته (البحث عن الذات صفحة 348) بعد الحرب. لا أقول ذلك دفاعاً عن الفريق الشاذلي لهدف أو مصلحة، ولا مضاداً للرئيس السادات لهدف أو مصلحة، ولكنها الحقيقة أقولها للتاريخ"».
التنازل عن النصر اتهم الفريق الشاذلي في كتابه الرئيس أنور السادات باتخاذ قرارات خاطئة رغماً عن جميع النصائح من المحيطين به من العسكريين وتدخله المستمر للخطط العسكرية أثناء سير العمليات على الجبهة أدت إلى التسبب في الثغرة وتضليل الشعب بإخفاء حقيقة الثغرة وتدمير حائط الصواريخ وحصار الجيش الثالث لمدة فاقت الثلاثة أشهر كانت تصلهم الإمدادات تحت إشراف الجيش الإسرائيلي. كما اتهم في تلك المذكرات الرئيس أنور السادات بالتنازل عن النصر والموافقة على سحب أغلب القوات المصرية إلى غرب القناة في مفاوضات فض الإشتباك الأولى وأنهى كتابه ببلاغ للنائب العام يتهم فيه الرئيس أنور السادات بإساءة استعمال سلطاته وهو الكتاب الذي أدى إلى محاكمته غيابيا في عهد محمد حسني مبارك عام 1983 بتهمة إفشاء أسرار عسكرية وحكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات مع الأشغال الشاقة ووضعت أملاكه تحت الحراسة، كما تم حرمانه من التمثيل القانوني وتجريده من حقوقه السياسية. وفاته تُوفي الفريق الشاذلي يوم الخميس الموافق في 10 فبراير 2011، بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة، عن عمر بلغ 89 عامًا قضاها في خدمة وطنه بكل كفاءة وأمانة وإخلاص، وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض، قام ثوار ميدان التحرير بأداء صلاة الغائب على روحه، وقد شيّع في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة حضرة آلاف الضباط والجنود من أفراد القوات المسلحة بعد صلاة الجمعة. وقد تقدم المشيعين الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية في السويس إبان حرب أكتوبر. وكانت جنازته في نفس اليوم الذي أعلن فيه عمر سليمان تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية.