صادف أمس الذكرى السادسة لحريق مسرح بني سويف، الذي وقع في الخامس من سبتمبر 2005 وراح ضحيته 50 مواطنًا بسبب الإهمال والتقصير الحكومي، وكان لافتا تزامن ذكرى الحادث المأساوي مع انعقاد الجلسة الثالثة لمحاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك، والذي يتم محاكمته في قضية قتل متظاهري ثورة 25 يناير والفساد واستغلال النفوذ. ونظم عدد من الأدباء والمثقفين وأهالي الضحايا أمس، وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس الأعلى للثقافة بدار الأوبرا، للمطالبة بإعادة فتح التحقيق في القضية، ومعاملة ضحاياها كشهداء ثورة 25 يناير. ووقع الحادث الذي أثار موجة غضب واسعة بالشارع المصري وسلط الضوء على الإهمال الحكومي عندما كان قصر ثقافة بني سويف يعج بالمئات من المواطنين والضيوف لحضور فاعليات انطلاق مهرجان المسرح التجريبي، وإذا بلهيب الشموع الهادئة تتصاعد لتحصد الأرواح وتشوى أجساد الضحايا. وكان من بين الضحايا مجموعة من الفنانين من بينهم المخرج محسن مصيلحى، أستاذ الدراما في المعهد العالمي للمسرح، التابع لأكاديمية الفنون، وأستاذ النقد بالأكاديمية نفسها وحازم شحاتة، وصديقه الناقد مدحت أبو بكر، وهما من الأسماء الكبيرة في عالم النقد والكتابة المسرحية، ونزار سمك وهو من أبرز مطلقي مهرجان نوادي المسرح قبل 21 عامًا، وكانت تعرض ضمنه مسرحية "حديقة الحيوان"، وأستاذ المسرح المتميز صالح سعد، المخرج بهاء الميرغني الناشط في الحركة الطلابية في السبعينيات إلى جانب عشرات الضحايا من المواطنين ببني سويف. واكتفى مبارك وحكومته ووزير ثقافته آنذاك فاروق حسنى بقبول التعازي دون توجيه ولو كلمة لوم للوزير على إهماله، بينما أحال المستشار ماهر عبد الواحد النائب العام ثمانية من المسئولين بوزارة الثقافة إلى محكمة الجنح ليس بينهم الوزير واكتفى برئيس هيئة قصور الثقافة السابق مصطفى علوى، بعد توجيه الاتهام لهم بالقتل الخطأ والإصابة الخطأ والإهمال الذي أدى إلى نشوب الحريق وراح ضحية الحادث العشرات من الكتاب والصحفيين ورواد هيئة قصور الثقافة. وكشف تقرير لجنة الخبراء أن الحريق اندلع بسبب تصاعد لهب من الشموع التي استخدمها المخرج في الديكور المسرحي للمسرحية، التي كانت تعرض داخل القاعة، وهو عبارة عن مغارة مصنوعة من شكائر الأسمنت والخيش ومجموعة كبيرة من الشموع المضيئة كانت تستخدم للإضاءة في جدران القاعة، وأن الديكورات المستخدمة في المسرحية مصنوعة من مواد سريعة الاشتعال، وأن اللهب بدأ من أحد الشموع المضيئة ثم سرعان ما انتشرت في جميع أركان وأجزاء القاعة، وأن إغلاق الباب لداخل القاعة ساعد على تصاعد أعداد الضحايا، حيث تحولت القاعة إلى كتلة من اللهب شوت جميع من بداخلها وانصهرت مفاتيح وأسلاك الكهرباء وأجهزة الإضاءة والتكيف. وأدانت محكمة الجنايات رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة و7 آخرين معه وأصدرت أحكامًا بتهمة الإهمال وعدم توفير شروط الأمن والسلامة اللازمة لتجهيز القاعة والمترتب عليه قتل 50 شخصاً وإصابة 17 آخرين، وأكدت محكمة الجنايات أحقية كل ضحية في تعويض مدني مؤقت 2001 جنيه، بخلاف التعويض الكلى الذي ستقرره محكمة الاستئناف.