حذر المعارض السوري سمير العيطة، رئيس تحرير النشرة العربية، من صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية من مغبة حدوث انشقاقات داخل الجيش السوري، وقال إن انشقاق الجيش لن يعني سوي التوجه إلي حرب أهلية بمعطيات إقليمية سيكون لها تداعياتها الخطيرة على الإقليم بكامله، وقال إن وحدة الجيش ضرورية للتوصل إلي حل سياسي للأزمة الراهنة ولضمان الأمن في مرحلة ما بعد بشار الأسد. وقال العيطة في الندوة التي استضافها مركز الأهرام للدراسات التاريخية والاجتماعية مساء اليوم وهي الثانية له خلال زيارته الحالية للقاهرة: إن لحظة الحسم في الثورة السورية ستأتي حين يتفكر الجيش في الوضع الراهن ويقرر أن يوقف القتل وأضاف "لا يمكن أن يكون هناك حل بدون لحظة تغيير لها وقع علي الشارع وهي لحظة التصالح بين الناس والجيش وهي لحظة لابد لها أن تحدث ولكن لا أحد يعرف عناصرها بعد". ورأي العيطة أن بقاء بشار الأسد خلال المرحلة الانتقالية أمر شبه مستحيل فلا أحد يثق بالنظام السوري اليوم، ففي الوقت الذي ألغيت فيه الأحكام العرفية يوجد 50 ألف معتقل في السجون السورية وقال إن علي الأسد الاختيار ما بين عائلة الأسد والجمهورية العربية السورية، لكنه أشار إلي مشكلة لابد من النظر إليها بعين الاعتبار وهي وجود نحو 30% من الشعب السوري يقفون مع الأسد ونظامه إما بسبب أخطاء المعارضة التي بدأت تتسم بلا عقلانية تحسد عليها وإما بسبب الخوف من المستقبل وما قد تجلبه حقبة ما بعد الأسد. وقال العيطة إن سوريا ما بعد بشار لديها خيارين إما تشكيل مجلس وطني يشكل حاملاً للنقاش مع الجيش والخارج وهذا طرح محفوف بالمخاطر، إذ يحمل في طياته نوعاً من التحالف مع الغرب بما يحمله من تنازلات يمكن أن تمتد إلي التحالفات التاريخية للدولة السورية وموقعها الإقليمي وهضبة الجولان الواقعة تحت الاحتلال والبديل الثاني هو خروج تيار وطني يضع وثائق تأسيسية ضامنة للحقوق وتعقد علي أساسه التحالفات. وأكد العيطة أن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لن تؤدي إلي إسقاط النظام السوري، بل إلي إضعاف المجتمع وإجباره علي القبول بالشيطان "يقصد نظام الأسد" للتخلص من الأزمة الطاحنة التي ستضعه فيها وهو ما يريده الغرب في نهاية المطاف برأيه. وشدد العيطة علي أن سوريا لا تعاني من أزمة هوية وإحساس السوريون بهويتهم عالٍ جداً وقال إن سوريا لن تتحول إلي دولة دينية وأن تحولها إلي النموذج التركي العلماني للدولة أمر لا خيار لسوريا فيه فهو ضروري للتعامل مع التركيبة الطائفية في سوريا فبعض التيارات الدينية السنية تعتمد ابن تيمية في تكفيره للعلويين وهو وضع لن يؤدي سوي إلي حرب طائفية ومن ثم فإن مواطنة تعتمد علي مقولة "الدين لله والوطن للجميع" أمر ضروري في سوريا. وشدد العيطة علي أنه ليس صحيحاً أن الحكم في سوريا علوي بل حكم عائلي فعدد المعتقلين في السجون العلويون يفوق المعتقلين السنة أنفسهم فكلاهما واقع تحت نير استبداد حكم العائلة. وانتقد العيطة المعارضون السوريون الذين يتحدثون عن أن سوريا أصبحت دولة فاشلة أو يطالبون بمصادرة أموال الدولة السورية وقال إن تصريحات غير مسئولة مثل هذه قد تؤدي إلي تدخل دولي في سوريًا حتي من دون قرار من مجلس الأمن. ومن ناحية أخري أوضح أن الإخوان المسلمين غير متواجدين علي الأرض بسوريا وأن كل التحليلات التي تتحدث عن قوتهم داخل سوريا غير صحيحة فهم متوجدون في لندن منذ أحداث مذبحة حماة وجسر الشغور (1979 – 1982) والتي دخل فيها التنظيم الطليعي المسلح للإخوان المسلمين والمدعوم من صدام حسين في مواجهات مع الأمن السوري انتهت بمقتل الآلاف منهم وصدور قانون يحكم بالإعدام علي منتسبي الجماعة. وفي هذا السياق أشار العيطة إلي أن بعض التيارات الإسلامية والسلفية التي لازالت توجد لديها رواسب من تلك الحادثة ولم تتخلص منها قد بدأت في استخدام السلاح ضد الأمن السوري في جسر الشغور وإدلب والمنطقة المحاذية لشمال لبنان والتي تعتبر منطقة تهريب ويتلقي مقاتلوها دعماً من قوي 14 آذار بلبنان. وقال: " إن ربيعاً عربياً بهذا الحجم لن يجد ما يقف في وجهه ولكن إذا لم يكن لهذا الربيع لقيم فاتركوه وإذا لم يؤسس الربيع العربي لرسالة ف"بلا" أي لا داعي له.