نعرض هذه القصة الثالثة من قصص شهداء عصر الطاغوت ونهديها إلى من يذرفون الدمع على الطاغية حسنى مبارك وتابعه العادلى .. فالشهيد فى هذه القصة هو الشاب محمد طلعت نصار ... وقد تم إعتقاله قبل أداء إمتحان الثانوية العامة ولم يكن قد تجاوز السابعة عشرة من عمره فى ذلك الوقت .. ولأنه لم يكن إبناً لرئيس جمهورية سابق أو لصاً تداعبه الإجراءات الجنائية أو قاتلاً لآلاف المصريين فقد تم إيداعه بلا شفقة فى سجن " أبو زعبل " .. وما أدراك ما هو ليمان " أبو زعبل " ذلك الليمان الذى تم إعداده ليستوعب خمسة آلاف معتقلاً ثم تم توسعته بإضافة سجن " أبو زعبل الصناعى " ليستوعب رقماً مماثلاً .. مع تشديد الحراسة وإعتبار المودعين فيه من شديدى الخطورة وبدرجه مماثلة مع سجن العقرب ... وهذه المصطلحات سوف نشرحها فى مقال لاحق إن شاء الله لكن المهم أن الأم المسنة وهى السيدة بسيمة سيد نصار قد إستندت على زوجها الذى تجاوز الستين من عمره أيضاً وأقاربها وبدأوا فى جولة الإحتكام إلى الضمير والعدالة وقواعد حقوق الإنسان . ويبدو أنهم قد تأكدوا من أن النظام الذى يعتقل إبن السابعة عشرة دون ذنب أو إتهام فإنه قد إفتقد بالتأكيد العدالة والقانون وحقوق الإنسان .. ولم يكن أمام الأب الحائر إلا أن يقدم الإلتماسات لصغيره كان بعضها إلى الوزير السجين حالياً والبعض الآخر إلى الأسرة الحاكمة والتى ترافق الوزير فى قفص واحد ... لكن أبداً .. لم تلن القلوب للسجين الصغير .. وعلى رأى الست دى أمى " ودن من طين وودن من طين أطين من الودن الأولى " ولم يكن أمام الأسرة إلا اللجوء إلى رب السماء .. الذى شاء أن يختار الشاب الصغير إلى حمى رحمته ... ففى يوم 24/5/1996 دق على باب الأسرة وجه من الوجوه التى إقتلعت الصغير من أمه وأبيه وبين أيديهم ما يسمى " إخطار وفاة " مات الشاب الصغير بعد عامين من الإعتقال والتعذيب والمهانة .. قتلوه دون أن يخطروا أحداً عن سبب إعتقال ابن السابعة عشرة ولا حتى بعد أن دفنوا الجثة بعيداً عن أهله وذويه فقد حرموهم حتى من إلقاء النظرة الأخيرة .. وإنتهت التحقيقات فى نيابة الخانكة إلى ما نصه " أنه بعد الإطلاع على أوراق القضية بعاليه تحت رقم 7646 لسنة 1996 تبين أنها بتهمة إشتباه فى وفاة جنائية بإسم المجنى عليه المعتقل السياسى المتوفى إلى رحمة الله تعالى محمد طلعت شوقى نصار وقد توفى المذكور بسجن ليمان " أبو زعبل " بتاريخ 24/5/1996 وهذه شهادة من واقع القضية . ولكن النيابة لم تحرك أى قضية حتى تاريخه رغم أنها نيابة الشعب وليست نيابة " أبو زعبل " كده وبكل بساطة إنتهت الحلقة الأولى من القصة بقتل الشهيد محمد طلعت نصار وبشبهه جنائية لم تنصفه فيها النيابة . ولكن القصة لا تنتهى عند هذا الحد ياسادة .. فقد طلب الأب الصابر من الجهات المختصة أن تحرر له شهادة وفاة إبنه .. وأن تسلمها إليه . إلا أن وزارة الداخلية قد رفضت تحريرأى شهادة للشهيد تفيد موته .. رغم أن كل ما كان يطلبه الأب هو شهادة وفاة إبنه من أجل ذلك فقد لجأ إلى النيابة فى 16/10/1996 وطلب إستلام ما يفيد وفاة إبنه الذى قبض عليه فى سن السابعة عشرة وقتل فى سن العشرين .. وبعد تأشيرة وتأشيرة ثم تأشيرة عجزت النيابة عن تقديم الشهادة . الخلاصة أنه وبعد عذاب يفوق التصور لجأ الأب الكليم إلى القضاء ليس للحصول على حق ولده الذى قتل داخل سجون الطغيان وإنما فقط لمجرد الحصول على شهادة وفاة إبنه وأخيراً وبتاريخ 3/3/2009 يعنى بعد خمسة عشر عاماً وبعد عامين من نظر الدعوى قضت محكمة القضاء الإداري بإلزام مصلحة الأحوال المدنية بقيد وفاة المعتقل / محمد طلعت نصار والذي أصبح شهيداً .. خالداً بإذن الله .. وقد حصل الأب على شهادة الوفاة ولكنه لم يحصل على حق إبنه الذي سالت دماؤه ثمناً لكرامة هذا الشعب وإنما حصل على وسام قتله بشبهه جنائية لم يتم تحقيقها . والآن من يريد أن يبكى من أجل القاتل والسفاح فليفعل. وإلى لقاء مع شهيد جديد. وعجبي www.mokhtarnouh.com