تم أختزال حرب اكتوبرأبان عهد الرئيس المخلوع مبارك فى الضربة الجوية الأولى التى أشار البعض إلى محدوديتها (الأستاذ هيكل وأمين هويدى رئيس المخابرات ووزير الحربية الأسبق). المحدودية هنا نسبية بالمقارنة لدور باقى الأسلحة (نيران أكثر من 2000 مدفع وعمليات الكوماندوز المصرية الخاصة الجراحية فى قلب سيناء ونيران مدفعية القطع البحرية بالبحرين الأبيض والأحمر ). تكشفت العديد من الحقائق بعد سقوط مبارك (الذى يعتبر الإمتداد العضوى لنظام السادات) وإنهيار مظومة تدليسه الإعلامى. ظهرت حقائق محدودية تسليحنا فى سيناء وفرض قيود على التحرك والإنتشار وإجبار مصر على دفع أتاوة البترول وبعده الغاز إلى الكيان الصهيونى. هذه الحقائق تمثل نتائج تتعارض مع مقدمات أنتصارات الأيام الأولى من حرب أكتوبر (6 – 10 أكتوبر). ماذا حدث وماهى حقيقة دور القوات الجوية بقيادة مبارك فى العمليات الحربية وتقديم الدعم للقوات البرية ومسئوليته فى عدم المقدرة على إيقاف الثغرة التى تسببت فى تدمير حائط الصواريخ بالكامل (منظومة سام 2 وسام 3) غرب القناة وترك القوات المصرية عارية فى سيناء أمام طيران العدو وإحتشاد ثمانية لواءات إسرائيلية مدرعة غرب القناه على بعد اقل من 100 كم من العاصمة القاهرة. الفريق "سامى عنان" كان ضابطا صغيرا فى سلاح الدفاع الجوى أثناء حرب أكتوبر 1973، ومطلوب منه الآن تقييم منظومة الدفاع الجوى التى أنهارت بعد 14 أكتوبر. هذه المنظومة كانت مشاركة بين الدفاع الجوى وبين القوات الجوية الذى يعتبر القتال الجوى مهمته الأولى يليه القصف الأرضى وتقديم الدعم للقوات البرية ثم النقل والإستطلاع .. الخ. فاين الخطأ يا جنرال سامى ؟؟؟؟. ونحن نتحرج فى الحديث عن الفريق الشاذلى (رحمه الله). فهو رجل نقر بحرفيته العالية ولجهوده المخلصة فى الإعداد والقيادة العملياتية للقوات المسلحة فى حرب أكتوبر (حتى يوم 10 أكتوبر على الأقل). إضافة إلى أنه قد تم ظلمه ظلما بينا والإدعاء عليه بالباطل على يد السادات ومن بعده مبارك. فى كتابه الشهير "حرب أكتوبر" (الطبعة الرابعة – 1998) نقتطف الآتى كمقدمات لنخلص إلى نتيجة جدلية عن دور العسكرى ومدى التزامه بشعار القوات المسلحة "الله – الوطن – الأمر" : أ - يتحدث الشاذلى عن معركة تدمير اللواء الأول مشاة مساء يوم 10 أكتوبر حينما حاول التحرك خارج نطاق مظلة شبكة الدفاع الجوى. وكانت النتائج المستخلصة أن الجانب الإسرائيلي قد أفاق من مفاجأة الهجوم وقام بالتعبئة الشاملة وأن الصواريخ المتحركة (سام 6) والمحمولة (سام 9) ووسائل الدفاع الجوى التقليدية غير فاعلة فى غياب منظومة سام المتوسطة والبعيدة (سام 2 وسام 3) ونقص كفاءة القوات الجوية (بقيادة مبارك فى ذلك الوقت) المنوط بها تقديم الدعم للقوات الأرضية ضد قوات العدو الجوية. (فصل الهجوم المضاد الرئيسى للعدو صفحة 204). ب – ويتحدث الشاذلى أن وزير الدفاع (المشير أحمد إسماعيل) قد "فاتحه !!" (يوم الخميس 11 أكتوبر) فى موضوع تطوير الهجوم نحو المضايق ولكنه عارضه بسبب النتائج المستخلصة من تدمير اللواء الأول مشاء. وأضاف نصا : " مازالت القوات الجوية الإسرائيلية قوية وتشكل تهديدا خطيرا لأية قوات برية تتحرك فى العراء دون غطاء جوى" . ثم عاد وفاتحه مرة ثانية صباح يوم 12 أكتوبر مدعيا هدف تخفيف الضغط على سوريا. وعارضه الشاذلى مفندا تلك الدعوى ومكررا المخاطر الجسيمة فى ذلك قائلا بالنص "إن قواتنا البرية ستقع فريسة للقوات الجوية الإسرائيلية بمجرد خروجها من تحت مظلة الدفاع الجوى" مذكرا أن قواتنا الجوية "ضعيفة" (!!!) ولا تستطيع تحدى القوات الجوية الإسرائيلية إضافة إلى قلة أعداد صواريخ سام المتحركة (سام 6). ثم عاد للمرة الثالثة ظهرا ليؤكد أن القرار سياسى ويتحتم ضرورة تطوير الهجوم نحو المضايق. وفى الساعة 1:30 ظهرا صدرت التعليمات إلى قائدى الجيش الثانى والثالث بتنفيذ الأمر صباح 13 أكتوبر. (فصل ثغرة الدفرسوار صفحة 206). ج – فى نفس الصفحة يعرض الشاذلى اتصال قائد الجيش الثانى له معلنا استقالته (!!!) لأنه لا يستطيع تنفيذ الأمر (بعد تقديره للموقف). وبالمثل أتصل به قائد الجيش الثالث. فماذا أجاب الشاذلى ؟؟؟. لم أخف عنهما أننى (أى الشاذلى) قد عارض التعليمات ولكنه أجبر عليها (!!!؟؟؟). د – كل ما فعله الشاذلى هو طلب اجتماع مع وزير الدفاع بحضور قائدى الجيش الثانى والثالث ولم ينجحا فى إقناع الوزير إلا بتأجيل الهجوم يوما واحدا (فجر يوم 14 أكتوبر). ه - يذكر الشاذلى فى صفحة 207 الخسائر الآتية جراء تطوير الهجوم: - الخسائر المصرية حتى يوم 13 أكتوبر كانت 240 دبابة مقابل 610 دبابة للعدو الإسرائيلي. - خسائر يوم 14 كانت 260 دبابة مقابل 50 دبابة للعدو الإسرائيلي. و – ثم جاءت الثغرة التى بلغت ذروتها بالقوات الإسرائيلية الآتية: - شارون (SHARON) : عدد 2 لواء مدرع + لواء مشاة ، فى شمال البحيرات المرة. - ماجين (MAGEN): عدد 2 لواء مدرعات + لواء مشاة فى وسط البحيرات المرة. - برين (BREN) : عدد 2 لواء مدرع + لواء مشاة. (فى الوصف ذكر عدد 3 لواء مدرع) جنوب البحيرات المرة ضاغطا على غرب الجيش الثالث الذى تمت محاصرته (45 ألف جندى). - المواجهة فى منطقة الثغرة (الدفرسوار) : 6 لواء مدرع إسرائيلي + 2 لواء مشاء مقابل 2 لواء مشاة مصرى + 2 لواء مدرع (نسبة قتالية 3 : 1 لصالح الكيان الصهيونى). و – تم تدمير حائط الصواريخ المصرى (سام 2 ، سام 3) غرب القناة بالكامل وترك قواتنا البرية عارية فى سيناء. والآن ..... الشاذلى وبصفته المسئول رقم 1 عملياتيا (قتاليا) عن الجيش المصرى يمكن تمثيله بالمدير الطبى الأول لمستشفى كبير المسئول عن كل العمليات الطبية الفنية لعلمه وطبيعة مهنته. هذا الطبيب تلقى أمرا من "صاحب المستشفى" بأن يفعل كذا وكذا لمريض أو مجموعة مرضى ، وهو بعلمه (أى المدير الطبى) يعلم بأن ما سيفعله سيقتل هؤلاء المرضى أو على الأقل يصيبهم بالشلل. فهل تنقضى مسئوليته بإعلانه الرفض أو إستقالته من المستشفى .. !!!؟؟؟؟؟؟ . الشاذلى نفذ الأمر .. لكنه نسى أن ترتيب الشعار ليس اختياريا بل إجباريا .. الله أولا .. ثم الوطن .. وفى الذيل يأتى الأمر. لا مزيد من الحديث .. فالتفصيلات مؤلمة ومحزنة. ولا نملك إلا أن نكرر الطلب : مصر الآن تريد أن تعرف حقيقة ما حدث ، ومن الذى أجاد ومن الذى قصر. مصر الآن تريد أن تعرف .. هل كان إهمالا .. هل كان جهالة ... هل كان عمالة وخيانة ؟؟؟؟ مصر تريد لجان تحقيق على غرار أجرانات وفينوجراد وبأثر رجعى .. ملحوظة : شكلت لجنة التحقيق أجرانات للتحقيق فى تقصير المخابرات الإسرائيلية فى كشف وتقدير الهجوم المصرى والسورى فى أكتوبر 1973 (رغم إن إسرائيل قد امتصت الهجوم ونجحت فى الهجوم المضاد)، وينسب الأسم إلى رئيس العدل الإسرائيلي "شيمون اجرانات". أما لجنة فينوجراد (نسبة إلى قاضى فى المحكمة العليا الإسرائيلية) فقد تشكلت لتقصى حقائق أداء القوات الإسرائيلية فى حرب لبنان 2006. وللحديث بقية .. هشام الناصر http://alnasser-hesham.maktoobblog.com http://www.facebook.com/pages/Hesham-AlnasserEG/183632438368175?sk=wall [email protected]