الداخلية تستقبل شباب القمة العالمية للقيادات الإعلامية لتعزيز التعاون وترسيخ الانتماء    جامعة برج العرب التكنولوجية تنظم الملتقى الثاني لكليات العلوم الصحية التطبيقية    الحكومة تستجيب لزراعة النواب: صرف باقى مستحقات مزارعى القطن خلال 24 ساعة    صندوق النقد يتوقع تباطؤ نمو الاقتصاد الدنماركي خلال العام الجاري    المتحف المصري الكبير يستضيف على التوالي النسخة الثانية عشرة من فعالية "RiseUp 2025"    رئيس الوزراء يستعرض جهود تعزيز استدامة جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة    ترامب: الثروات تتدفق على الولايات المتحدة منذ توليت رئاسة أمريكا    المرأة الوحيدة في استقبال ترامب.. من هي الأميرة السعودية ريما بنت بندر؟    بن شرقي يفوز بجائزة رجل مباراة الأهلي وسيراميكا    أمن الجيزة يضبط مالك كيان تعليمى بدون ترخيص بحدائق الأهرام    خطة النواب تنتقد قرارات إغلاق قصور الثقافة، والوزير يكشف السبب    وفاة الفنانة فاطمة سعد صاحبة صوت كابتن ماجد    31 مايو.. عرض الفيلم السنغالي "ديمبا" في نادي السينما الأفريقية    سن الأضحية من الخروف والماعز والبقر.. يكشف عنها الأزهر للفتوى    هل ابنك منهم؟- 6 أطفال معرضون لارتفاع ضغط الدم    إبداع وتألق طلاب مدارس التربية الخاصة بالفيوم في حفل ختام الأنشطة    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الوزارية لوضع محددات العدالة الاجتماعية لاستحقاق الدعم    مختار عمارة يُعلن انطلاق بطولة أفريقيا للشطرنج ورئيس الاتحاد الدولي يشكر مصر    مسعود معلوف: الذكاء الاصطناعى والطاقة أهم الاستثمار بين أمريكا والسعودية    دار الإفتاء تستقبل وفدًا من أئمة ست دول إفريقية    أبوشقة للمشاركين فى منحة ناصر: انقلو لبلادكم أن مصر واحة الأمن والأمان    ننشر الصورة الأولى لشاب ألقى بنفسه في ترعة الإسماعيلية    قرار عاجل من المحكمة في إعادة إجراءات محاكمة متهمين بأحداث شغب السلام    أهلي طرابلس الليبي يعلن استمرار حسام البدري مديرا فنيا للفريق    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    الصحة العالمية: اليمن يواجه واحدة من أكبر فاشيات الكوليرا في العالم    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    تشميع كافيهات ومطاعم غير مرخصة وبها منتجات منتهية الصلاحية فى العجوزة    عدة عوامل تتحكم في الأسعار.. رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية: السوق يعاني حالة ركود تصل ل50%    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    مجلس الشيوخ يفتح أبوابه لشباب العالم ويؤكد أن مصر قلب الجنوب النابض    13 ملعقة بماء الذهب.. مذيعة تتهم خادمتها بالسرقة والنيابة تحقق    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    رئيس الوزراء يتابع إجراءات طرح إدارة وتشغيل مشروع "حدائق تلال الفسطاط"    اليوم.. فتحي عبد الوهاب ضيف برنامج "كلمة أخيرة" مع لميس الحديدي    «بتهمة تزوير معاينة بناء».. السجن سنتين لمهندس تنظيم بمركز مغاغة في المنيا    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    توريد 444520 طن من الأقماح المحلية لشون وصوامع محافظة الشرقية    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    الاتحاد الأوروبي: لن نستأنف واردات الطاقة من روسيا حتى لو تحقق السلام في أوكرانيا    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    مصرع شاب غرقا فى حوض مياه بالشرقية    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    ولي العهد السعودي في مقدمة مستقبلي ترامب لدى وصوله إلى الرياض    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    تشكيل المصري المتوقع لمواجهة فاركو بالدوري    الدوري السعودي يقترب.. موعد تتويج الاتحاد المحتمل وأمل الهلال الوحيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عفة الألفاظ والتعابير
نشر في المصريون يوم 11 - 08 - 2011

بات كثير من – تحت مطارق الانفتاح - مكشوفين جرآء لحد الوقاحة: في أجسامنا، وألسنتنا، وطروحاتنا، وصار عندنا أدب للفراش، يصف دقائق العلاقة المحرمة، وأفلام للفراش تصور ما يتخيل وما لا يتخيل مما لا يرضاه أهل الحياء والخوف من الإله، و(نكت) للفراش داعرة فاجرة مكشوفة، ورسوم للفراش خارجة مرذولة، وصور للفراش ماجنة منفرة، وكرتون أطفال للفراش مفسد مضل (!) واخترعنا ملابس لقلة الحياء، وأنشأنا أماكن للعري وقلة الحياء، وابتكرنا محلات تعرض خصوصيات ملابس النساء لقلة الحياء، وتنتج أدوات جنسية لقلة الحياء..
ولقد ذكرت فيما سبق أن البشرية المتدينة أعطت ظهرها لأنبيائها؛ كأن موسى عليه السلام لم يكن، وكأن مريم عليها السلام ما كانت مثلًا للطهر والعفة، وكأن عيسى صلى الله عليه وسلم ما كان بتولًا طاهرًا، وكأن محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن أشد حياء من العذراء في خدرها.. فقاد الغرب المسيحي حملات التدعير والفجور والاستباحة لأقصى الدرجات، واعتبروا من رسالة (مستنيريهم) كسر التابوهات المقدسة الثلاثة – ومنها الجنس – حتى باتوا يمارسونه عيانًا في الحدائق العامة، والمواخير المرخصة، وعلى الشاشات، بدعم سياسي ومالي هائل، وبمجهود فكري تنظيري مسعور، وتبعهم في ذلك ذيول الاستغراب، والمنبطحون من (مسقفينا) وأدعياء التحرير بيننا بمنتهى الوقاحة والاجتراء، وليتهم فعلوا ذلك وسكتوا، إذ قاموا كالمساعير – بحكم كون الإعلام في قبضتهم - يقطعون كل لسان ينادي بفضيلة، أو يدعو للعفاف، أو يستنكر الفجور والمروق والاستباحة، ويتهمونه بأخس التهم وأدنئها!
وقد أشار ربنا تعالى إلى العلاقة بين الرجل والمرأة بلغة رفيعة غير خادشة، بحيث إنك لتقرأ المصحف كله أمام ابنتك البكر، أو أختك المصون، أو حتى أمام امرأة غريبة، دون أن تخشى لفظة خادشة، أو كلمة نابية!
وذكر الله تبارك وتعالى العلاقة الجسدية - في أحوالها ولوازمها - في مواضع كثيرة من المصحف الشريف، وأتحدى أن تزعجك لفظة، أو إشارة.. تأمل معي:
• {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} (187) سورة البقرة.
• {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ} (187) سورة البقرة.
• {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} (237) سورة البقرة
• {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ} (222) سورة البقرة.
• {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (21) النساء.
• {مِن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ} (23) سورة النساء. والدخول: الجماع!
• {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} (6) سورة المائدة. وفي قراءة سبعية: (أو لَمَسْتُم النساء)، واللمس الجماع.
• {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ} (189) سورة الأعراف.
• {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} (56) سورة الرحمن.
وانظر إلى أدب الأنبياء عليهم السلام وتعابيرهم العفيفة:
** قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ - أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ - كُلُّهُنَّ يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) متفق عليه!
** وفي مسلم عن عائشة قالت سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم كيف تغتسل من حيضتها قال: فذكرت أنه علمها كيف تغتسل، ثم تأخذ فرصة من مسك، فتطهر بها، قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: تطهري بها سبحان الله، واستتر - وأشار لنا سفيان بن عيينة بيده على وجهه - قالت عائشة: واجتذبتها إلي، وعرفت ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: تتبعي بها أثر الدم.
** وقالت امرأة رفاعة القرظي في الحديث المتفق عليه: (كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَأَبَتَّ طَلاَقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ! فَقَالَ: (أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لاَ! حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك).
وقال صلى الله عليه وسلم (...وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟! قَال: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟! فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ) مسلم.
فانظر لهذه المشاهد القرآنية التي تصف لقاء بين رجل وامرأة (دقة قديمة/ متدينين/ بمقاييسنا متشددين أو متطرفين) وانظر إلى عفة كل منهما: يقول تعالى عن لقاء بين موسى صلى الله عليه وسلم وشابتين محتاجتين لنخوته وقوته: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ، وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ، قَالَ: مَا خَطْبُكُمَا؟ قَالَتَا: لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء، وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا، ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ، فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء؛ قَالَتْ: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا، فَلَمَّا جَاءهُ، وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ، قَالَ: لا تَخَفْ؛ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) القصص:23-25! إنها شابة صالحة، عفيفة حيية، وهو قوي أمين، حيي عفيف، كلمته على استحياء أو جاءته ماشية على استحياء، وهو نفسه عفيف في نظره وطلبه (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير)!
وانظر إلى مريم عليها السلام حين رأت الملك في متعبدها، وخلوتها مع ربها تبارك وتعالى، ماذا قالت؟: (.....فتمثل لها بشرًا سويًّا * قالت: إني أعوذ بالرحمن منك؛ إن كنت تقيًّا * قال: إنما أنا رسول ربك، لأهب لك غلامًا زكيًّا * قالت: أنى يكون لي غلام، ولم يمسسني بشر، ولم أك بغيًّا!؟).
وانظر إلى تعابير القرآن حين يتناول أمرًا جنسيًّا صريحًا؛ كيف يعبر عنه: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا، فَمَرَّتْ بِهِ، فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا: لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا؛ فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف:189-190) يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى:
والتعبير القرآني يلطف ويدق ويشف عند تصوير العلاقة الأولية بين الزوجين: (فلما تغشاها) تنسيقًا لصورة المباشرة مع جو السكن، وترقيقًا لحاشية الفعل، حتى ليبدو امتزاج طائفين لا التقاء جسدين؛ إيحاء "للإنسان" بالصورة "الإنسانية " في المباشرة . وافتراقها عن الصورة الحيوانية الغليظة!
فما أرقّ وما أرقى!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.