منذ سقوط النظام وانهيار دولته البوليسية, وظهور مخازية الاقتصادية, وعواراته السياسية, التى خربت الاقتصاد المصرى, واستنزفت موارده وثرواته, وباعت ما تبقى من خيراته – الغاز- بأبخس الأثمان لأسوأ المشترين, للأعداء والطامعين فى صفقة طويلة الأجل تصل لخمسة وعشرين سنة تنتهى عام 2025, وكأنهم استكثروا على الشعب المغلوب على أمره, أن يجد من ثرواته أى شيئ يمكنه الاستفادة منها. استبشر المصريون خيراً بالحكومة الجديدة, وتوقعوا منها مراجعة كل الاتفاقيات والعقود الظالمة للمصريين, والتى تهدر حقهم فى الحصول على ثمن مناسب, للثروات المستخرجه من بلدهم, تتماشى مع الأسعار العالمية, التى كانوا يتشدق بها أركان النظام, ولكن لا تطبق تلك الأسعار إلا على المواطن المصرى أو الحصول على خدمة جيدة مقابل ما يدفعونه من أموال مقابل تلك الخدمة, لكن فرحة ما تمت , وجد الناس الحكومة الجديدة محلك سر, ولم تقدم أى شيئ مما كان يتمناه المواطنون, يرد إليهم كرامتهم وحقهم فى حياة مستقرة, وبيئة نظيفة تخلو من منغصات الحياة, وأخص بالذكر شركات الجباية – النظافة سابقاً – تلك الشركات التى ابتلانا بها النظام الفاشل الذى كان يتزعمه مبارك, هو وأعوانه من أصحاب تلك الشركات, التى يسمونها أجنبية, ولو بحثنا بنوع من التدقيق, لوجدنا ملكيتها تؤول للمسئوليين السابقين فى العهد البائد, هذا العهد الذى كان عنوانه كيف تسرق المصريين وتمتص دمائهم, وتجعل جُلّ همهم هو البحث عن العمل وتدبير المال من أى طريق, لتسديد ما يفرض عليهم من رسوم وضرائب وخلافه. كما كانت حكومات ما قبل يناير, وجدنا حكومة الثورة مثل سابقتها فى العمل, رسوم النظافة تخصم من من جيوب المصريين, وتحمل على فواتير الكهرباء, ويدفعها المواطنون كل شهر, ومازال الحال كما هو, القمامة تتراكم وتنتشر فى كل مكان, وبوئر تجمعها تزيد يوماً بعد يوم, والحكومة محلك سر, القمامة بعد أن كانت عنوان الأحياء الشعبية, والمناطق العشوائية, وطقس يومى كئيب يُفرض على الطبقة الفقيرة, وهى الطبقة التى تمثل الغالبية العظمى من الشعب, أصبحت تلال القمامة تنتشر مثل الطاعون, حتى فى الأحياء الراقية, تجد صناديق القمامة وقد امتلئت عن أخرها, ولا تستطيع أن تستوعب كل ما يلقى فيها, ولا يجد الناس مفر من إلقاء القمامة بجانب الصناديق, فنجد ما هو ملقى خارج الصندوق, أضاعف ما بداخها, ولا حياة لمن تنادى, فلا شركات النظافة الأجنبية قامت بالدور المنوط بها, و لا رؤساء الأحياء بذلوا أى مجهود لحل تلك المشكلة, ولم يستطيعوا فرض أية عقوبة على تلك الشركات, المتقاعسة والمهملة فى عملها واكتفوا بالجلوس فى مكاتبهم والتمتع بالجلوس تحت التكييفات بعيدا عن الحراة الشديدة فى الخارج, ولما وجد المواطنون أن المشكلة تتفاقم وتزيد, أصبحوا يلقون القمامة فى الشوارع, لتتحول شوارع المحروسة, إلى مقلب قمامة مفتوح, تسطيع أن تشاهده فى أى مكان وفى كل الأوقات, ولا ترى عمال النظافة إلا فى ثلاث حالات, إما جالسين فى الظل هربا من الحر صيفا, أو مستظليين بأشعة الشمس جلباً للدفء شتاءً, أو واقفين فى إشاراة المرور يمدون أيدهم للشحاته, وهذا هو معظم عملهم اليومي. المحزن فى الأمر أنّ المسئولين, لم يظهروا أي اهتمام بتلك الكارثة البيئية, التى تهدد حياة المواطن, وتجلب له الأمراض والحشرات الضارة, ولا حتى وزاة البيئة لم نسمع أنها أبدت أى تعليق على هذا الأمر الذى يخصها فى المقام الأول, بصفتها المسؤلة عن سلامة ونظافة البيئة الحياتية للمواطن المصرى, وتعامل جميع المسئولين مع تلك المشكلة, بنفس تعامل أسلافهم فى حكومات مبارك, اللامبالاة وعدم الاكتراث بمعاناة المواطن الذى يدفع ثمن تلك الخدمة, ولا تقدمها الحكومة المحروسة من العين, مجانا للمواطن, وكأن حياة المواطن وأمنه وراحته ليست مسئولية الحكومة فى مصر, فالحكومات تتغير والخدمات كما هى معدومة أو متدهورة, ولا يوجد وزير أو رئيس وزراء, يحاسب المسئولين المتهاونين والمقصرين فى أداء أعمالهم. ولم نسمع عن رئيس الحكومة, أو الوزراء المعنيين أنهم أحالوا أى مسئول مهمل للتحقيق, ولم نسمع عن سيادتهم أن قاماموا بتوقيع أية عقوبات على شركات القمامة, على الرغم من أن هناك شائعات -والعياذ بالله- تفيد أن رئيس والحكومة والوزراء, ينزلون الشوارع, ويلتقون بالمواطنين, أى أنهم يشاهدوا حالة النظافة فى الشوارع, ويلمسون مستوى أداء شركات النظافة عن قُرب, لكن يبدو أنها شاعة مغرضة, لا تريد إلا إثارة البلبلة والافتراء والكذب على أعضاء الحكومة – حكومة الثورة – وتشيع بين العامة أنهم بشر مثلنا وأنهم ينزلون إلى الشوارع, ويمشون فيها مثل المواطن العادى, وحاشا لله أن تكون تلك الإشاعة صحيحة. عبدالباقى الدوِّى كاتب مصرى