جوزيف نسيم ل «المصريون»: - المجتمع السياسى المدنى والحزبى فاسد ولا يملك رؤية واضحة - لا توجد بدائل انتخابية أمام المصريين والتصويت الانتقامى فى البرلمان سيسبب أزمة فى إدارة الدولة - لا توجد فى مصر خبرة شبابية وكل المحللين والاقتصاديين عقول من عصور الملكية - يجب الابتعاد عن الكادر الوظيفى فى اختيار الحكومة إذا أردنا تحسين أدائها - شباب الثورة سقطوا لأنهم احتقروا الشعب المصرى وتصوروا أنهم فى برج عاجي - حصول الشباب على تدريبات خارجية مدخل للاتهام بالعمالة
أكد جوزيف نسيم رئيس مجلس إدارة مركز مصر للدعم السياسي، والسكرتير العام لحزب الشباب الليبرالي، أن تخوفات الأحزاب من سيطرة الإخوان على البرلمان أثبتت فشلها فى الشارع، مبينًا أن المجتمع السياسى المدنى والحزبى فاسد ولا يملك رؤية واضحة، وأنه لا توجد بدائل انتخابية أمام المصريين والتصويت الانتقامى فى البرلمان سيسبب أزمة فى إدارة الدولة. وقال نسيم فى حواره مع "المصريون"، إن عقول عصر الملكية تسيطر على الساحة لانعدام الخبرة الشبابية، وإنه يجب الابتعاد عن الكادر الوظيفى فى اختيار الحكومة إذا أردنا تحسين أدائها، مشيرًا إلى أن شباب الثورة سقطوا لأنهم احتقروا الشعب المصرى وتصوروا أنهم فى برج عاجي.
وإلى نص الحوار..
**فى البداية.. ألا ترى أن الانتخابات البرلمانية تأخرت كثيرًا عن ما كتب فى الدستور؟ هذا صحيح.. هذا بالتأكيد يمكن أن يجعل الطعن فى دستوريتها شيئًا سهلًا، ولكن قد تكون الوجهة الأمنية ترى أن الأمر ليس آمنًا إذا بدأت الانتخابات البرلمانية حاليًا. **بعض الأحزاب ترى أن البرلمان القادم معرض للحل لعدم دستورية بعض نقاط قانون الانتخابات البرلمانية فما رأيك؟ هذا ما حاول الخبراء القانونيون أن يلفتوا الانتباه إليه، من قبل أن يحدث أى تأخير فى الانتخابات، فلقد طرحوا فكرة أن بعض نقاط القانون مناقضة للدستور. **الأحزاب السياسية تخشى خوض الانتخابات البرلمانية القادمة وتؤكد أن البرلمان القادم للإخوان وللحزب الوطني؟ الأحزاب السياسية فى مصر ضعيفة جدًا، وليس لها دور فى الشارع، ولم يحاولوا القيام بأى جهد للوصول للشارع، وإذا تأخرت الانتخابات عشر سنوات لن يستعدوا لها، وبالتالى أى حزب يطرح أى تخوف يجب أن نصم آذاننا عنه، فمن يعمل فى الشارع وله شعبية حتى لو كان فردًا سيكتسح، لكن لا تحدثينى عن تخوف أحزاب لم تؤد أى عمل لرجل الشارع حتى ينتخبها، فالمتخوف يبذل جهدًا أكبر، وبالتالى العيب فيهم وليس فى أحد آخر، وتصريحهم بالتخوف أغرب من الكوميديا. **ألا ترى أن الأحزاب السياسية تحتاج إلى تطوير نفسها خاصة أن أغلب رؤسائها لا يتم اختيارهم بالانتخاب؟ بالتأكيد.. وأول تطور لها أن تعطى لنفسها صورة الأحزاب فهذا غير موجود أساسًا. **بمعنى؟ تبدأ تعمل عمل الحزب السياسى الذى ينزل الشارع، ويجمع حوله مؤيدين، حتى يكونوا قادرين على معرفة أفكاره، وبالتالى ينشئ تيارًا لنفسه ولاسمه، فالمسألة ليست مسألة تطوير وإنما مسألة وجود، فالأحزاب السياسية ليست لها وجود من الأساس حتى تقوم بتطوير نفسها. **من وجهة نظرك كيف سيكون شكل البرلمان القادم هل سيكون إخوانيًا وحزب وطنى أم سيكون فيه شيء من التنوع؟ الشعب المصرى أثبت أنه غير قابل للتوقع، وثورة 30 يونيو خير دليل على ذلك، فلم يتوقع أحد أن تكون بهذا الشكل، فكيف استطاع المصرى أن يستجيب ويتغير بهذا الشكل فى وقت قصير، وبالتالى لا يمكن أن يكون التشكيل القادم للبرلمان منفردًا بالحزب الوطنى والإخوان، فالشعب لا يريد الحزب الوطني، أما الإخوان فقد أصبح بينهم وبين الشارع عداوة صريحة وواضحة، فهو لم يتوقف بمعاداته للسلطة الحالية وإنما تجاوزت معاداته للشارع. **وماذا عن التيار السلفي؟ السلفيون أيضًا لن يكون لهم وجود. **الصف الأول من الإخوان والحزب الوطنى هم فقط المعروفون فى الساحة السياسية.. فماذا عن الصف الثانى والثالث وهم المجهولون إعلاميًا أليس من الممكن دخولهم البرلمان؟ هذه نظرية المؤامرة المبالغ فيها، فنحن لن نفتش فى الضمائر، فعلى سبيل المثال كان الصعيد كله يتبع الحزب الوطني، فهل معنى ذلك أن كل أهالى الصعيد فاسدون، فلا يمكن أن نحاسب الجميع، وإنما هناك من تلوثت أيديهم بالفساد من أعضاء الحزب الوطني، وهناك قادة الإخوان الذين تلوثت أيديهم بالدماء، هؤلاء انتهوا من الوجود، ولا يمكن أن نحاسب من كان له ميل تجاه الجماعات، فإذا نزل الانتخابات ستكون له أفكار أخرى وتوجهات أخرى. **ذكرت أن المصرى أصبح بينه وبين الإخوان والحزب الوطنى عداوة شخصية وأنه لا يمكن أن ينتخبهم.. هل يعنى أن المصرى أصبح لديه وعى سياسى كبير؟ بالتأكيد.. فالمصرى أصبح لديه وعى سياسي، حتى أن من ادعوا أنهم شباب الثورة والذين أسقطوا الثورة قبل سقوطهم، لم يسقطوا إلا بسبب احتقارهم للمصري، فالمصرى ذكى بالفطرة ولديه قدرة على التمييز، فقد يكون لديه طاقة صبر على الفساد، ولكن ليس معنى سكوته وصبره أنه جاهل بالفاسدين، وعندما يختار أحد الفاسدين ليمثله فهو يختاره لأنه يرى مصلحته معه، خاصة إذا لم يُطرح عليه بديل محترم. **ولكن دور البرلمان القادم ليس خدميًا؟ هذا صحيح.. ولكن هذا لن يؤثر كثيرًا فى اختيارات المصريين، فالبرلمان القادم برلمان تشريعى رقابى سلطوى مع رئيس الجمهورية، لكن المصرى سيظل يرى رجل البرلمان هو القريب منه، الذى يحل مشاكله، وهذا ليس له علاقة بالوعى السياسى لدى المواطن. **ذكرت أن البرلمان القادم سيكون سلطويًا مع رئيس الجمهورية معنى ذلك أن البرلمان القادم سيكون ظهيرًا سياسيًا للرئاسة؟ ليس بهذا المعنى.. فالبرلمان القادم طبقًا للدستور له صلاحيات، وله شكل معين بحيث يضع تشريعات واضحة، وأن يكون جهازًا رقابيًا، وله سلطات مع رئيس الجمهورية، وليس برلمانًا خدميًا بحتًا كما كان، أما فكرة الظهير السياسى فهذا على حسب تركيبة البرلمان. **ما الفرق بين الوعى السياسى والمجتمع السياسي؟ وكيف ترى مستوى المجتمع السياسى فى مصر؟ المجتمع السياسى عبارة عن مجتمع مدنى وأحزاب سياسية، ونحن لسنا لدينا رؤية واضحة فيهما، فالاثنان فيهما فساد وضعف ومشاكل كبيرة، أما الوعى السياسى فهذا يخص المواطنين، والمواطن المصرى أثبت أن لديه وعيًا كبيرًا. **يوجد فى مصر 72 حزبًا سياسيًا ورغم ذلك نحبو سياسيًا وديمقراطيًا فهل تعتقد أننا نفتقد لثقافة صناعة السياسي؟ هذا صحيح.. وهذا ما حاولنا أن ننفذه فى مركز مصر للدعم السياسي. **علمت أنك كنت ستتقدم للانتخابات القادمة ثم عدلت عن هذا القرار؟ أنا لم أعدل عن قراري، وسأخوض الانتخابات البرلمانية القادمة عن دائرتى فى مصر الجديدة. **ولكننى علمت أن أحد أعضاء الحزب الوطنى قام بتهديدك حتى لا تدخل الانتخابات البرلمانية عن دائرتك؟ هذا حدث بالفعل.. فقد هددنى أحد أعضاء الحزب الوطنى القديم، وهو شخص ذو ثقل فى الأوساط الأمنية والإعلامية منذ عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وقال لى بالنص "إنه سيتم تشويهك إذا دخلت الانتخابات البرلمانية عن دائرتك"، وأعلم جيدًا أننى سأواجه حملة قذرة على صفحات الجرائد تتهمنى بعدة اتهامات حقيرة منها أننى ناشط إخوانى وخائن وعميل. **ولماذا لم تحاول أن تشكو للقيادة السياسية لتحمى نفسك؟ القيادة السياسية تأخذ أشياء كثيرة بشكل خطأ، فكل من ينتقدها يعد خارج السرب وضد الدولة، وللأسف مثل هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بالتهديد يستغلون المتزلفين للسلطة ويبدأ التشويه، ولقد سافرت لدول أجنبية فى عملية التبادل التى تحدث مع الأحزاب الأجنبية للتدريبات السياسية، وهم يدخلون عادة من هذا المدخل، فيبدءون سلسة اتهامات بالتمويل الأجنبى والعمالة للقضاء على أى نشاط سياسي. **هذا بالفعل مدخل للاتهام بالعمالة والخيانة فلماذا يفعلون ذلك؟ لأنهم يرغبون أن يكون كل الشباب متخلفين، بحيث يملكون كل الكوادر السياسية الموجودة على الساحة، رغم أن الشباب الذين يعلمونهم لعبة السياسة لا يعرفون معنى السياسة. **هذا يعيدنا إلى التخوف الذى تطلقه الأحزاب، فهل تعتقد أن سياسة الاحتكار للكوادر الخطأ هى التى أضعفت الأحزاب السياسية لذلك يطلقون التخوف من سيطرة الإخوان على البرلمان المقبل كمبرر للفشل؟ هذا صحيح.. فالمشكلة أن الأحزاب الموجودة حاليا لا يعتمد عليها، على عكس القوة الأخرى المتمثلة فى الإخوان، فرغم أن المصريين يكرهون الإخوان إلا أنه لا يوجد بديل لهم. **هل تعنى كما حدث فى الانتخابات الرئاسية عام 2012 والاختيار ما بين أحمد شفيق ومحمد مرسي؟ بالضبط.. فكان التصويت انتقاميًا، وهذا يجب ألا يحدث فى البرلمان القادم، فإذا لم يتشكل من فكر متناسق متجانس ستكون هناك أزمة فى إدارة الدولة، لأن البرلمان سيشارك فى الإدارة مع مؤسسة الرئاسة، وسيشكل الحكومة وسيشرع القوانين. **إلى متى سنظل فى دائرة الدكتور كمال الجنزورى وكأنه إله السياسة المصرية الذى يسد كل أزمة؟ الدكتور كمال الجنزورى عقلية كبيرة، ولكن المشكلة فى الحياة السياسية نفسها، فلا يوجد بدائل لأنهم مسيطرون على السياسة على مدى عقود، فالنتيجة عقول مضمحلة من الشاب، حتى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما قال إنه لا يملك رفاهية الاستعانة بشباب ليس لهم خبرة، لم تكن زلة منه وإنما حقيقة مجردة، فهو يواجه معادلة صعبة، فكل ما نستعين بهم من محللين واقتصاديين واستراتيجيين عقول من عصور الملكية. **وإذا كان الرئيس يواجه معادلة صعبة ففى رأيك كيف يختار معاونيه من أعضاء الحكومة خاصة أننا غير راضين عن أدائها؟ الحكومة الحالية أغلبها من الموظفين وهذا خطأ، فينبغى أن نبتعد عن الكادر الوظيفي، فالموظفون أفكارهم تقليدية ونحن فى حاجة إلى أفكار مبتكرة، فيمكن أن يستعين بالقطاع الخاص وأصحاب الشركات.