تحرك برلماني عاجل بشأن ما تردد عن تحويل قصور الثقافة إلى «رياض أطفال»    النقل" توضح حقيقة انهيار محور بديل خزان أسوان: لا انهيار والهيكل الخرساني سليم تمامًا    "الروبوت القاتل".. الأمم المتحدة تهدف إلى تنظيم أسلحة الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2026.. وخبراء يحذرون من سباق التسلح    جهاد وائل أفضل لاعبة بمباراة الأهلى وتى كى سى الكاميرونى فى الكؤوس الأفريقية لليد    الأهلي يبدأ تجهيز صفقاته الجديدة ببرنامج تأهيلي خاص    بمشاركة ريا أبي راشد وعمرو منسي.. يسرا توجه رسالة خاصة من مهرجان كان السينمائي (صور)    مدير التأمين الصحي باالقليوبية تتفقد سير العمل بعيادة طوخ لضمان جودة الخدمات    علي زين يحتفل بالتتويج بالسوبر الأفريقي لليد ويؤكد: هدفنا تحقيق سداسية تاريخية    مصرع طفلة وإصابة 9 أشخاص فى انقلاب ميكروباص ب"صحراوي أسيوط"    حالات يحق للمرأة من خلالها إنهاء عقد العمل وفقا للقانون الجديد    وسط أجواء إيجابية.. وزير الشباب والرياضة يدعم منتخب الشباب قبل مواجهة المغرب    طريقة عمل المنسف الأردني بالخطوات الأصلية    أمين الفتوى: صلاة المرأة في المنزل خلف إمام المسجد في المنزل غير صحيحة شرعًا    بتوجيهات رئاسية.. استراتيجية تعليمية متطورة وجيل قادر على مواجهة التحديات    مصطفى كامل يطرح أحدث أغانيه «قولولي مبروك»|فيديو    أهمها النوم جيدا.. نصائح طبية ليلة الامتحان لزيادة تركيز الطلاب بمختلف المراحل التعليمية    استمرار حبس محمد غنيم.. وموكله: ننتظر تحديد جلسة محاكمته    التشكيل الرسمي لمواجهة ميلان ضد بولونيا فى نهائى كأس إيطاليا    "البترول": "مودرن جاس" تنتهي من تنفيذ مشروع متكامل للغاز الطبيعي بالإمارات    رامى عاشور: ترامب يسوق لنفسه كرجل سلام وأنه مازال مؤثرا بالمعادلة السياسية    وفد مصري يستعرض خطة تنظيم بطولة العالم للجامعات للسباحة بالزعانف أمام الاتحاد الدولي في لوزان    أمين الفتوى يحذر من استخدام المياه في التحديات على السوشيال ميديا: إسراف وتبذير غير جائز شرعًا    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 بمحافظة مطروح    خدعة في زجاجة مياه.. حكاية شاب أنهى حياة خالته بقطرة سامة بالجيزة    الإنقاذ النهري يكثف جهوده للعثور على جثمان غريق بالأقصر    هل من حقي أن أطلب من زوجي تعديل مظهره وهيئته؟.. أمين الفتوى: يجوز في هذه الحالة    حملات موسعة على التجار المخالفين في كفر الشيخ    مسئول أممي: منع وصول المساعدات إلى غزة «يُفضي إلى الموت»    بعد رحيله.. من هو أفقر رئيس في العالم خوسيه موخيكا؟    دعم إيجاري وإنهاء العلاقة بعد سنوات.. "الاتحاد" يعلن عن مشروع قانون للإيجار القديم    تفاصيل صادمة في أمر إحالة متهمين بقتل شخص بالجيزة إلى المفتي    «مش هعرف أمد ايدي عليها».. فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس ضربه ل ريهام عبدالغفور    5 أبراج يتألق أصحابها في الإبداع والفن.. هل برجك من بينها؟    سيدات الزمالك يتأهلن إلى الدوري الممتاز ب لكرة السلة    لعدم تواجد طبيب.. وكيل صحة الشرقية يجري جراحة لطفل أثناء زيارة مفاجئة ل"أبو حماد المركزي"    عبلة الألفى ل الستات: الدولة نفذت 15 مبادرة صحية منهم 60% للأطفال    حجز محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي للحكم    جامعة الجلالة تنظّم أول نموذج محاكاة لجامعة الدول العربية    "الوثائقية" تعرض غدا فيلم "درويش.. شاعر القضية"    استقبالا لضيوف الرحمن فى البيت العتيق.. رفع كسوة الكعبة 3 أمتار عن الأرض    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    الجارديان: القصف الإسرائيلي على غزة ينذر بتصعيد خطير يبدد آمال وقف إطلاق النار    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    مصدر عسكري ليبي: سقوط 3 ضحايا على الأقل من المدنيين جراء الاشتباكات في طرابلس    «زراعة النواب» توافق علي موازنة «الطب البيطرى» للعام المالي الجديد    «أنا عندي نادي في رواندا».. شوبير يعلق على مشاركة المريخ السوداني في الدوري المصري    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء: 107.5 الف قنطار متري كمية الاقطان المستهلكة عام 2024    مسئول أمريكي سابق يصف الاتفاق مع الصين بالهش: مهدد بالانهيار في أي لحظة    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    إحالة مخالفات امتحانية بإحدى المدارس الفنية في دمياط للتحقيق    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    السبت ببيت السناري.. انطلاق أمسية شعرية في افتتاح فعاليات ملتقى «القاهرة .. أصوات متناغمة»    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    أدعية يستحب ترديدها وقت وقوع الزلازل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقائع ما حدث مع "ألن جريش" في مقهى سط البلد !
نشر في المصريون يوم 12 - 11 - 2014

كنت أسمع عنه وأقرأ عنه وأحيانا له ، ولكني لم أكن قد التقيته من قبل ، حتى كانت مشاركتي في مهرجان الجنادرية في المملكة العربية السعودية العام الماضي ، وكان توقيته بعد أحداث 30 يونيه في مصر بعدة أشهر ، أعجبتني كلمته التي اتسمت بالتوازن والتعقل الشديد تجاه ما يحدث في مصر والعالم العربي ، قابلته بعدها وعرفته بنفسي وطلبت أن أتحدث إليه بعض الوقت فرحب كثيرا ببساطة شديدة ، كنت أشعر بحرج في بداية الحديث لأن محاضرتي التي استحضرت "التطرف العلماني" كأحد أسباب التطرف الديني ومقدماته ذكرت فيها تأثير بعض اليهود الأجانب على اليسار العربي فاعترض مفكر عراقي كان حاضرا وطلب ذكر مثال فأجبته "هنري كورييل" ، لم أكن أعرف أن كورييل ، مؤسس أهم الأحزاب الشيوعية المصرية ومؤسس "حدتو" هو والد صديقي الجديد "ألن جريش" حتى نبهني لذلك الصديق أيمن الصياد ، استمر حديثي معه قرابة نصف ساعة ، يتحدث العربية بطلاقة ، كما يحمل حنينا غريبا للقاهرة التي ولد فيها ، ويحفظ كل شوارع وسط البلد حيث ولد ومقاهيها ، وجدته متشائما مما يجري في مصر ، قال أن المقدمات التي تحدث لا تؤشر على أي أفق ديمقراطي ، كما أبدى استغرابه من الحملة العنيفة على الإخوان والتيار الإسلامي ووصمه بالإرهاب ، قال لي أن الإخوان ومؤيديهم في المجتمع المصري لا يقلون عن ثلاثين بالمائة من الشعب ماذا سيفعلون بهم ؟ هل يلقون بهم في النيل ؟ حسب تعبيره الحرفي .
أمس كانت صدمتي شديدة عندما بلغني أن قوات الأمن المصرية ألقت القبض على المفكر والصحفي الفرنسي "ألن جريش" مدير تحرير صحيفة اللوموند ديبلوماتيك من مقهى في وسط القاهرة ، بالقرب من السفارة البريطانية ، قبل أن تطلق سراحه بعد ساعتين تقريبا ، وبعد اكتشاف الورطة التي وقعت فيها الداخلية ، يحكي ألن جريش الواقعة بنفسه ، يقول : أنه كان يتناقش في السياسة والأوضاع في مصر، والتي يتابعها عن كثب كصحفي مع صحفية وطالبة ، حين قامت سيدة تجلس في الطاولة المجاورة لهم بالصراخ في وجههم قائلة: "انتوا عايزين تخربوا البلد". ، ثم يضيف جريش : السيدة خرجت إلي قوات الأمن الموجودة لحماية السفارة البريطانية ويبدو أنها أخبرتهم أننا معارضون وربما متآمرون فجاءت القوات واعتقلته هو والصحفية والطالبة المصريتين، وطلبت أوراقهم الثبوتية وجواز سفره وفتحت معه استجوابا لساعة ونصف وسألته عن جنسيته وعن سبب وجوده في مصر ثم قال حكيمهم : هل لديك تصريح مزاولة مهنة ؟! ، يعني قرروا أن يفتحوا له "الكتاب الأصفر" المعروف ، وعليه أن يختار من قائمة الاتهامات الجاهزة فيه ما يراه مناسبا وأخف ضررا ! .
جريش سارع بإجراء اتصال بالسفارة الفرنسية في القاهرة التي أجرت اتصالاتها بالجهات المسؤولة ، حيث صدر القرار العاجل بالإفراج عنه وإطلاق سراحه مع تقديم الاعتذار له يا عيني على اللطافة ثم اتصل به مساعد وزير الداخلية لحقوق الإنسان وطلب منه الالتقاء به مساءا لتقديم الاعتذار له بنفسه عن الخطأ "غير المقصود" ، الشرطة أطلقت سراح "الفرنسي" لكنها احتجزت حاملي "الجنسية المصرية" ، الطالبة والصحفية ، إلا أن جريش أصر على أنه لن يمضي إلا إذا أطلق سراحهم ، وأمام إصراره قامت الشرطة بإطلاق سراحهما ، إكراما "للمواطن" الفرنسي .
طبعا ، "ألن جريش" محظوظ لأنه ليس مصريا في تلك الواقعة ، كما أنه محظوظ أيضا بأن له "سفارة" أجنبية تدخلت من أجله ، وهي سفارة دولة كبيرة ولها "هيبة" في مصر ، ولك أن تتصور لو كان "ألن" مواطنا مصريا لا تتابعه سفارة كبيرة في القاهرة ، وليس شخصية مشهورة ، كيف سيكون "سيناريو" التعامل معه ، أغلب الظن أنه سيسمع ما يسره باعتباره "إرهابيا" محتملا ، وربما حوى محضر الضبط أن شهودا سمعوه وهو يتطاول على القوات المسلحة والشرطة ، وأنه يتآمر على الأمن القومي المصري ، وربما تم فحص هاتفه الجوال فوجدوا فيه صفحة فيس فيها إشارات لعلامة "رابعة" الإرهابية ، وهو ما يلزم اتهامه من باب الاحتياط بالانتماء لجماعة إرهابية محظورة ، وحتما سينتهي به الأمر إلى الحبس الاحتياطي مع مراعاة التجديد وطلب تحريات الأمن الوطني عن الواقعة .
جريش "المذهول" مما حدث علق قائلا : الموضوع مؤشر خطير علي الأوضاع بمصر، مضيفا أن المقلق في الأمر ليس فقط أن قوات الأمن استوقفته لأسباب غير مفهومة وغير منطقية ، ولكن أن مواطنة تجلس علي طاولة مجاورة لهم، لم تستطع تحمل مناقشة سياسية عادية لم يكن صوت المشاركين فيها حتي عاليًا، وتقوم بإبلاغ الأمن عنهم فيتحرك الأمن بناءا على تحريضها ، ذلك هو الأمر المقلق في الموضوع ، وأبدى استغرابه الشديد من سهولة القبض على أي أحد وأن يسلمك أي شخص للقوى الأمنية، وأضاف إنه كان يعلم جيدًا صعوبة عمل الصحفيين في مصر إلا أنه اليوم عاش الأمر بنفسه .
بطبيعة الحال ، جريش لا يعرف قيمة "المواطنين الشرفاء" في مصر ، كما لا يعرف أن عشرات الآلاف من ضحايا "وشاية" المواطنين الشرفاء هم الآن في السجون أو تم طردهم من وظائفهم على خلفية وشايات غامضة أكثرها في تنافس مهني كأساتذة جامعات أو مدرسين عاديين ، أو مئات من الكفاءات الفنية والهندسية الكبيرة في وزارت مثل الكهرباء والاستثمار والإعلام أو غير ذلك من قطاعات الدولة ، كلهم ضحايا مثل هذه "الوشاية" اللطيفة من السيدة التي كانت تجلس بجواره في المقهى ، والتي تمت الاستجابة لها من أجهزة الأمن واتخاذ "اللازم" ، وأحيانا يقوم "الإعلاميون الشرفاء" في قنوات رجال الأعمال بذلك الدور "الوشاية الوطنية" من أجل تحريض أجهزة الأمن على التنكيل بصحفيين زملاء أو إعلاميين أو نشطاء أو قيادات حزبية أو غير ذلك من المغضوب عليهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.