وجه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والمستشار هشام البسطويسى، المرشحان المحتملان لرئاسة الجمهورية انتقادات لبيان الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء مساء السبت، بالرغم من استجابته لمطالب الثوار وعلى رأسها إنهاء خدمة الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير، واعتبرا أن بيانه غير كاف لتحقيق مطالب الثوار لأنه بني تحقيقه على المستقبل. وأبدى أبو الفتوح دهشته من إعلان رئيس الوزراء "اتخاذ الإجراءات اللازمة داخل الحكومة بما يلبي مطالب الشعب ويستجيب لمتطلبات المرحلة الحالية في أقرب وقت ممكن"، وتساءل قائلا: لماذا تأخرت الحكومة الثورية التي اكتسبت شرعيتها من الثورة والشعب والميدان في تحقيق الحد الأدنى من مطالب الناس، والتي من أجلها قامت الثورة وأريق دم الشهداء، وكيف تأخرت الإجراءات حتى وصل الموقف إلى ما نحن عليه من اضطرار الشعب الثائر إلى الاعتصام مجددا بميدان التحرير؟. وأكد في بيان أصدره أمس، أن بواعث الغضب الكثيرة يمكن تلخيصها في تجاهل المطالب الحقيقية للشعب والتي دفعتهم إلى الميدان، والاكتفاء بالحلول المسكنة عملا بمبدأ تأدية الواجب لا مبدأ البحث عن جذور المشكلة والمحاولة الجادة لحلها. وأشار إلى أنه تم المطالبة من اليوم الأول بإعادة هيكلة وزارة الداخلية لتتحول من أداة منظمة لقمع المواطنين وخدمة الأنظمة الفاسدة، إلى جهاز لتحقيق الأمن والسلامة للمواطنين، كما طالبنا بإقالة وزير الداخلية الحالي الذي أعلن عن عجزه عن التعامل مع الضباط الفاسدين، وظهر ضعفه في أحداث الثلاثاء الدامي الموافق الثامن والعشرين من يونيو، التي أسفرت فيها الداخلية عن أشد وجوهها قبحا من جديد وكأن الثورة لم تقم، بحسب تعبيره. وأشار إلى أنه تم المطالبة بالتطهير وبإعادة هيكلة وزارة الداخلية بشكل جذري، فإذا بالقرارات تصدر بنقل بضع عشرات من الضباط هنا وهناك، أو التلويح بإنهاء خدمة بعض الضباط الآخرين، وكأن من ذهب من الشهداء ذهب هباءً. وتابع أبو الفتوح: لا أمل في إصلاح هذا الكيان المسمى بوزارة الداخلية، ونطالب بحلول حقيقية تحقق الأمن للناس. نريد الأمن، ولا نريد أجهزة الأمن الموجودة حاليا، والتي لم يتحقق في وجودها أي أمن، إلا أمن الطغاة الذين هب الشعب ليخلعهم ويحاسبهم، وكانت هبته في يوم عيد الداخلية في رسالة لا يبدو أنها قد وصلت بعد للسلطة الحاكمة بعد الثورة. ورأى أبو الفتوح أن بيان رئيس الوزراء تعامل مع حقوق أهالي الشهداء ب "أسلوب تسكيني"، قام على افتراض أن المشكلة هي بطء صرف التعويضات، أو الخوف من الأجازات القضائية على سير المحاكمات، لكنه أكد أن أهالي الشهداء لا يريدون تعويضا ماديا عن أولادهم وذويهم، وإنما يريدون القصاص العادل ممن قتلتهم، يريدون أن يروا القتلة يعاقبون، ويقتص منهم لتبرد دماء شهدائهم، يريدون جدية وحسما في أداء القضاء وطالب أبو الفتوح السلطة الحاكمة في البلاد، متمثلة في المجلس العسكري وفي وزارة الدكتور عصام شرف بعدة مطالب، منها اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة بإعادة هيكلة جهاز الأمن، وحل الداخلية الحالية، وتغيير آلية محاكمات مجرمي النظام السابق من المتهمين سياسيا أو ماليا أو جنائيا أو المتهمين بقتل الشهداء، دون استثناء القناصة والقيادات التي مازال بعضها بالخدمة في وزارة الداخلية، لتصبح آلية أكثر شفافية، وتضمن قدرا أكبر من الرقابة الشعبية عليها، وتغيير أسس اختيار القضاة فيها. وشدد على ضرورة حبس المتهمين على ذمة التحقيق، أو على الأقل وقفهم عن العمل لحين ثبوت موقفهم، كي لا يؤثروا على سير المحاكمات، مع فتح تحقيقات حول ما بدر من بعضهم من تهديد أو إغراء لأهالي الشهداء لتغيير أقوالهم، والتأكيد على كون القضايا قضايا رأي عام لا تخص الأهالي وحدهم, واختتم مطالبه بالتشديد على ضرورة إعادة هيكلة الأجور بالدولة، وتفعيل حد أدنى إنساني للأجور وحد أقصى يتناسب معه، مع اتخاذ إجراءات واقعية في الموازنة العامة للدولة تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية بشكل حقيقي لا على هيئة وعود براقة. من جهته، أعرب المستشار هشام البسطويسي عن رفضه بيان رئيس الوزراء، واعتبر أنه "غير كاف لتحقيق مطالب الثوار لأنه بني تحقيقه على المستقبل". وأضاف في تصريح ل "المصريون": نريد أن نعرف مصير الثورة ولابد أن يكون مسار إدارة البلاد واضحًا للشعب كي يبني علي نتائجه مستقبل مصر، ومن ثم نريد الآن أن تتسلم الثورة الحكم عن طريق وضع دستور مؤقت وانتخاب برلمان يراقب الحكومة المؤقتة، بعد تطهيرها من الوزراء الذين يعبرون عن النظام السابق. وانضم البسطويسي بدعوته هذه إلى القوى الداعية إلى الانقلاب على المجلس العسكري، والذي اعتبر أنه لا يعبر عن الثورة ويمثل النظام القديم، ورأى أن نجاح الثورة يرتبط بنقل السلطة إلي الثوار لتنفيذ ما يطالبون به. ودافع عن الاعتصام الحالي في بعض الميادين باعتباره "حق مشروع وأحد أوراق الضغط علي السلطة الحالية لتنفيذ مطالب الثوار". ولم يبال بتأثيرات ذلك على الاقتصاد ووقف عجلة الإنتاج، مع تدهور الوضع الاقتصادي بالبلاد، قائلا إنه لا أحد الآن يفكر في عجلة الإنتاج أو تعطيل الاقتصاد ولكن ما يهم المصريين حاليا هو تحقيق أهداف الثورة. وأضاف البسطويسي إنه من المفترض أن حكومة شرف هي حكومة الثورة، والمجلس العسكري مفوض لإدارة البلاد واستكمال تحقيق مطالب الثورة وليس حماية النظام القديم، بحسب تعبيره، مشيرا إلى وجود وسائل كثيرة للتصعيد، ستخضع لاتفاق القوى الوطنية في حالة عدم الاستجابة للمطالب، من أجل الضغط لتحقيقها. وانتقد المستشار هشام جنينه أحد قضاة "تيار الاستقلال"، بيان رئيس الوزراء واعتبره "يحمل عبارات مطاطة لا تمت للواقع بصلة، ويكرر نفس النبرة التي كان قد دأب النظام السابق عليها وهي إطلاق تصريحات مسكنة لبث الارتياح في نفوس المواطنين دون التطرق إلى المشكلة الأساسية ووضع آليات لحلها". وانتقد تأخر الحكومة في اتخاذ قرار بتخصيص دائرة قضائية بعينها لنظر محاكمات رموز النظام السابق والمتهمين بقتل المتظاهرين. مع ذلك وصف قرار الدكتور عصام شرف أمس الأول بأنه "صائب إلى حد كبير ويسرع في المحاكمات مع ضمان معايير العدالة، وعندما تنظر دائرة بعينها دون أخرى محاكمات قضايا فساد مالي وقتل وتخريب فهو يصب في صالح القضية، فضلا عن الابتعاد عن تأجيل المحاكمات والعمل علي إصدار أحكام سريعة تحقق العدالة". فيما أكد جورج إسحق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمنسق الأسبق لحركة "كفاية" إن قرارات شرف تلبي جزءا من المطالبات التي رفعها الثوار، الأمر الذي يؤكد أن الضغط يؤتي ثماره بسرعة، ومن ثم فإنه من المفترض ألا نترك الميدان حتى تتحقق جميع المطالب على أن يتم فتح ميدان التحرير، وإعادة حركة المرور، على أن يتم إغلاقه بعد غروب الشمس.