الداعية المبتلي والنبي المجتبي والرسول المصطفي ، من أولي العزم من الرسل ، سلام علي ابراهيم بطل الحج ورمز التوحيد ورافع القواعد من البيت ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ ﴾ [البقرة: 127]، سلام على إبراهيم صاحب النداء وسر الفداء ونبع الوفاء ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ﴾ [النجم: 37]، سلام على إبراهيم مكرم الضيفان وعصي النيران وخليل الرحمن ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125]، سلام على إبراهيم.. صاحب البلاء المبين، اجتازه فكان من المحسنين وكان من عباد الله المؤمنين ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ الصافات. سلام على إبراهيم صاحب القلب السليم والرأي الحكيم والعقل القويم أدحض حجة النمرود ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 258]. سلام على إبراهيم صاحب المقام الكريم والخلق الرحيم والأدب العظيم، يكرر [يا أبت] في نصيحته لأبيه حتى لا يهلك بكفره وهو يدعو أقرب الناس إليه ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً * يَا أَبَتِ... ﴾ [مريم: 41 - 43]. ماذا كان موقف والده؟ ﴿ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً ﴾ [مريم: 47] هجرٌ ورجمٌ يقابل بدعاء له واستغفار وهذه أخلاق الكبار ﴿ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴾ [مريم: 47، 48]. سلام على ابراهيم كان عند ربه أواه حليم "﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ " [التوبة: 114] وكذلك أواه منيب ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ﴾ [هود: 75] وهو الذي لبي نداء ربه واجتاز ابتلاء خالقه ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ﴾. سلام على إبراهيم الذي بلغ القمة بمضي العزيمة وعلو الهمة فكان في ميزان الله أمة ﴿ إن إبراهيم كان أمة... ﴾ [النحل/120]. يرجو الأولاد لا للعزوة ولا للمتعة وإنما ليسجدوا لله ويركعوا ﴿ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ.. ﴾ [إبراهيم:37] وهو قدوتهم ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَة وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء ﴾ [إبراهيم:40] فجاء إسماعيل على نفس درب أبيه ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 55] فإذا رزقت الأولاد لا تجبن بهم عن طاعة، ولا تقعد بهم عن عبادة، ولا تدفع بهم إلى معصية... سلام على إبراهيم يذكر بالخير والعطاء وقمم الخير كذلك يذكرون بأعمالهم ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴾ [ص: 45] لديهم ذكاء حاد، وباع طويل، وبصيرة ثاقبة، قدرات هائلة في إسداء الخير للناس، وتقديم الهداية للخلق، ومن أفضل الخير ومن أعظم الهداية عندما يأتي موسم الحج، تستشعر روحانياته، وتعيش لحظاته، وتحيا حركاته وسكناته...!! لذلك يشرفهم بالانتساب إليه "عبادنا" ثم بذكرهم أنهم "أولي الأيدي والأبصار". ثم الذين على دربهم يربطون الأرض بالسماء ويصلون الخلق بالخالق ويجعلون الدنيا مزرعة الآخرة.... سلام على إبراهيم أراد الأعداء به سوء لكن الله لطمهم وأبعدهم وجعلهم من الأسفلين، كما يجعل كل أعداء الدين إلى يوم الدين ﴿ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ﴾ [الصافات: 98] أما إبراهيم عليه السلام فله شأن آخر وطريق آخر، وهدفٌ آخر ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الصافات: 99]..! رجاء مشروع، يريد فقط الصالحين لإصلاح الأرض، وبناء التوحيد ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 100] ودعاء المخلصين مسموع ومجاب في التو واللحظة ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصافات:101] طريق الأنبياء هكذا، والتابعون من الموحدين هكذا، الكون يتعاطف مع الموحدين، والله يوفق المخلصين، العاملين للدين، يمهد طريقهم، ويذلل عقباتهم، يجبر كسرهم، ويحقق رغباتهم، وينصر أهدافهم...!! إبراهيم عليه السلام يمتحن ليمنح، ويختبر ليعلو، ويبتلى ليسموا، وجاءت لحظة الحسم النهائي والاختبار الحقيقي...!! ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ [الصافات: 103]. فكان الاستسلام من النبيين لأمر الله ، وكان الحب من الكريمين لطاعة الله بنفس المستوى، وذات الأداء "أسلما:" وهنا تدخلت الإرادة الإلهية، الله شهد الموقف، وصدق عليه.. فنادى..! وجازى.!! ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 105]. امتحان ما أشده..! اختبار ما أصعبه..! ابتلاء ما أعظمه..!! ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ ﴾ [الصافات: 106] لكن إبراهيم عليه السلام اجتازه بامتياز مع مراتب الشرف، بتوفيق الله له مع منازل الإخلاص، وبعون الله له مع مقامات اليقين..!! فكان الفداء من السماء في يوم الفداء ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 107]..!! ليعلو ذكر آل إبراهيم في العالمين وعليهم الأمن والسلام إلى يوم الدين ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الصافات: 108-109]. سلام على إبراهيم بنص القرآن الكريم فقد أسس البناء وأطلق النداء وأجمل الوفاء وزين الفداء وأخلص الدعاء، نعم سلام على إبراهيم الذي أسس للناس مناسك الحج من إحرام وتلبية وطواف وسعي ووقوف ورمي وحلق مروراً بالمقام وزمزم الخير. وسلام على محمد الذي قاد قوافل الحج وبين المناسك ووضح الجوائز وقال للناس يوم الوداع خذوا عني مناسككم، إنها منح في محن، وهذا المنح لا تقتصر على آل إبراهيم فقط وإنما لكل المحسنين والمخلصين العاملين لله إلى يوم الدين من الناس أجمعين ﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 110] ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [الحج: 75]....!! ثم خاتم الإيمان لإبراهيم في شهادة تقدير من رب العالمين ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصافات: 111]..!! هذا التقدير وهذا الاصطفاء في الدنيا والآخرة ، نعم فالإصطفاء في الدنيا والصلاح في الاخرة هو طريق المبتلين إلي يوم الدين ﴿ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [البقرة: 130] ليت الأمة تتعلم الفداء، فالإسلام تكاثر عليه الأعداء، تكالب عليه الأكلة من الأمم، حرق كتابه، واستهزئ بنبيه، تعطلت الحدود وازداد الصدود، سلبت المقدسات وانتهكت الأعراض، سفكت الدماء واضطهد العلماء.. أصبح الإسلام غريبًا في وطنه، وأمسى الدين طريداً بين أهله.. إلا من رحم ربي وعصم ، فسلام على إبراهيم وسلام على أهل إبراهيم، سلام على محمد، وسلام على أهل محمد، سلام على أصحاب محمد وأتباع محمد وسلام على أمة محمد وسلام على الصابرين في البأساء والضراء وحين البأس، المحافظين على مبادئهم، المرابطين في ساحات الحق، السالكين درب الأنبياء وطريق المرسلين العظماء. اللهم ارزقنا حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً وتجارة لن تبور. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.