ما إن بدأت السلطة الفلسطينية تحركاتها في مجلس الأمن الدولى لوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي, إلا وسارعت واشنطن كالعادة لإنقاذ حليفتها تل أبيب, ومحاولة إجهاض إعلان الدولة الفلسطينية. وأبرزت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في 15 أكتوبر خبرا مفاده أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري كثف في الآونة الأخيرة جهوده، ويدفع إلى الأمام, بمبادرة سياسية جديدة تحل محل الخطوة الفلسطينية في مجلس الأمن. ونقلت الصحيفة عن مسئولين إسرائيليين أن كيري بحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فيما إذا كان يوافق على مبادرة جديدة تتضمن -ضمن أمور أخرى- استئناف المفاوضات على حدود الدولة الفلسطينية على أساس خطوط 67 مع تبادل للأراضي. وتابعت "هآرتس" أن الإدارة الأميركية قلقة جدا من الخطوة الفلسطينية في الأممالمتحدة, والكفيلة بإحداث ما تعتبره أزمة خطيرة بين إسرائيل والفلسطينيين. ووفق مصادر الصحيفة، فإن نتنياهو لم يرفض تماما أفكار كيري، إلا أنه ليس متحمسا لها, وتابعت أنهم في إسرائيل لا يفكرون في هذه المرحلة بمبادرة سياسية تنقذ تل أبيب من الأزمة، بل يفضلون التركيز على محاولات منع الخطوة الفلسطينية في مجلس الأمن بوسائل دبلوماسية, وتحديدا عبر "الفيتو الأمريكي". وبدوره, قال المسئول في منظمة التحرير الفلسطينية حنا عميرة لوكالة "الأناضول" في 16 أكتوبر إن كيري طلب من السلطة الفلسطينية تأجيل تحركها في مجلس الأمن, حتى مطلع العام المقبل, على أن يقوم بدوره بتقديم أفكار, لم يحدد مضمونها. وأضاف عميرة أن "كيري يريد بذلك تأجيل التحرك الفلسطيني إلى ما بعد انتخابات الكونجرس الأميركي المقررة مطلع نوفمبر المقبل"، مؤكدا الرفض الفلسطيني لهذا التأجيل. وأشار إلى أن واشنطن ستحبط المسعى الفلسطيني الرامي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في كل الأحوال, من خلال استخدامها حق النقض "الفيتو". وكانت المجموعة العربية وفلسطين تقدمت إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن بمشروع قرار يدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة عام 1967 بحلول نوفمبر 2016، على أن تتم بداية ترسيم الحدود والتوصل إلى اتفاق بشأن جميع قضايا الحل النهائي دون استثناء، وهي القدس والحدود واللاجئون والمياه والمستوطنات، بحسب عميرة. غير أن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صالح رأفت أكد في تصريحات لقناة "الجزيرة" في 15 أكتوبر أن دولا عربية استجابت لمطالب كيري, وباتت تمارس ضغوطا هي الأخرى على الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتأجيل طرح مشروع القرار. وشدد رأفت على أن القيادة الفلسطينية مصرة على التوجه لمجلس الأمن نهاية أكتوبر، في حال ضمان الحصول على موافقة تسع دول من أعضاء المجلس على مشروع القرار الفلسطيني. ولعل ما يكشف أبعاد المؤامرة الأمريكية أيضا, أن الحديث عن مبادرة جديدة لكيري، جاء في ظل اهتمام أوروبي متزايد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، حيث أعلنت السويد عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وصوت مجلس العموم البريطاني كذلك في 13 أكتوبر على قرار غير ملزم يدعو الحكومة البريطانية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ومن جهتها, دعت وزيرة الخارجية الإيطالية فيديريكا موغيريني، نظيرها الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في 14 أكتوبر إلى "ضرورة الإسراع في قيام الدولة الفلسطينية". وكانت المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية, التي رعتها واشنطن أواخر يوليو 2013, توقفت أواخر إبريل 2014 ، دون أن تلوح في الأفق أية بوادر لاستئناف هذه المفاوضات.