صباحي: براءة "المخلوع" ضرب لشرعية النظام.. نوح: كارثة بكل المقاييس.. عبده: النظام من سيصدر الحكم وليس القضاء.. وقانونيون: أدلة الإدانة ضعيفة حالة من الترقب تسود الأوساط السياسية والشعبية فى مصر، انتظارًا للنطق بالحكم في قضية قتل المتظاهرين، إبان ثورة 25 يناير 2011، المتهم فيها الرئيس الأسبق حسني مبارك، ونجلاه جمال وعلاء واللواء حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، وستة من كبار مساعديه، في القضية المعروفة إعلاميًا ب "محاكمة القرن"، والتي تم مد أجل النطق بالحكم فيها إلى 29 نوفمبر القادم. واستبق سياسيون النطق بالحكم بإطلاق تحذيرات من احتمالية حصول مبارك على حكم بالبراءة، قائلين إن ذلك من شأنه أن يطعن في شرعية الرئيس عبدالفتاح السيسي، خاصة وإن ذلك سيتوج مسلسل "البراءة للجميع" لرموز نظام الرئيس الأسبق، وكان آخرهم المهندس أحمد عز، رجل الأعمال وأحد أقطاب الحزب "الوطني" المنحل، بعد براءة زكريا عزمي رئيس ديوان الرئاسة الأسبق، وفتحي سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق وغيرهم. مبارك البالغ من العمر 86 عامًا، والذي أطيح به فى ثورة شعبية فى 25 يناير 2011 كان قد حكم عليه فى يونيو 2012 بالسجن المؤبد بتهمة قتل متظاهرين، لكن وبعد أكثر من عام على الإطاحة بالرئيس بمحمد مرسي، والزج بقيادات "الإخوان المسلمين" في السجون، واتهامهم بقتل المتظاهرين إبان ثورة يناير، بالإضافة إلى الهجوم الشرس ضد ثورة 25 يناير من قبل نظام مبارك، تسود توقعات على نطاق واسع بحصوله على البراءة لعلاقة السيسي بالنظام القديم والتأجيل المستمر للقضية ولمحو الأدلة التي تدينه، بالإضافة إلى تغير شهادة الشهود. وكان من أبرز هؤلاء الذين حذروا من حصول مبارك على البراءة، حمدين صباحي، مؤسس "التيار الشعبي"، والمرشح الرئاسي السابق، الذي قال إنه في حال حصول الرئيس المخلوع على البراءة، فسيكون ذلك إهانة لهذا الشعب العظيم وثورته ويتناقض مع حكم الشعب عليه، وإن ذلك يعد إهدارًا لثورتي 30 يونيو و25 يناير، وضربًا مباشرًا لشرعية هذا النظام، وبالتبعية سيصدر حكم براءة للرئيس المعزول محمد مرسي. وأشار إلى أن أى حكم ضد إرادة الشعب لا يستند إلى شرعية ولا يمكن أن يقبل به الشعب. متفقًا معه في الرأي، حذر المحامي مختار نوح، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان من أنه فى حال حصول مبارك على حكم البراءة فى قضية "محاكمة القرن" فقد ستحدث كارثة بكل المقاييس، ومن الممكن أن يؤدي إلى اندلاع موجة ثورية جديدة، قد تؤدى فى النهاية إلى الإطاحة بالسيسي. وأضاف نوح، أن "مبارك أفسد عصرًا بأكمله وختم رئاسته بقتل مئات المصريين الذين انتفضوا ضده، وبراءته ستتسبب في انتفاضة أهالي الشهداء"، على الرغم من إشارته إلى أن "السنة التي حكم فيها الإخوان البلاد ساعدت بشكل كبير فى التعاطف مع الرئيس الأسبق"، معربًا كذلك عن خشيته من براءة حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، باعتباره المسئول الثاني بعد مبارك عن قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير. وأكد زيزو عبده، عضو "جبهة طريق الثورة"، والقيادى بحركة شباب 6 إبريل، أن ثورة 25 يناير، لم تكن ضد مبارك كشخص ولكن كانت ضد الديكتاتور الذي استخدم القمع، فى إهانة كرامة المواطن المصري. وقال إن "النظام الحالي هو من سيصدر الحكم على مبارك، وليس السلطة القضائية التي برأت بعد 30يونيو العديد من رموز دولة مبارك ورجال أعماله"، متوقعًا أن يلحق مبارك ب "مخدوميه"، ويصدر الحكم ببراءته في قضية قتل المتظاهرين. من الزاوية القانونية، قال الدكتور محمود كبيش، الفقيه الدستوري، وعميد كلية الحقوق جامعة القاهرة الأسبق، إن براءة مبارك لا تهدد شرعية السيسي، وإذا حكمت المحكمة دون التأثر بالرأي العام، فهذا خير دليل على عدم تدخل السلطة التنفيذية في أحكام القضاء مراعاة لجمهور الرأي العام. وأضاف كبيش، "أنه لايمكن لأحد أن يتدخل فى أحكام القضاء أو يزايد على قضاته"، مشيرًا إلى أنه "إذا ثبتت إدانة المتهمين وفقا لأوراق القضية فسيتم إدانتهم، وإلا فلا يصح أن نحكم عليهم". ورأى الفقيه الدستوري، أن "ما حدث فى أعقاب ثورة يناير، خلق حالة من الفوضى فى الشارع المصرى وأقحم الأيدى الخفية وسط المتظاهرين، ولا يمكن تجاهل هذا الخيط الرفيع الذى من الممكن أن يقلب موازين القضية رأسًا على عقب". وأشار في هذا السياق إلى أن "هناك اتهامات توجه للإخوان وأخرى لأشخاص مجهولين، ولذلك يجب أن يدرك القاضي جميع حيثيات القضية لإصدار حكمه وفقًا لمقتضى العدل الإلهي". وقال أيمن رميح، الخبير القانوني، إن صدور حكم ببراءة مبارك، "لا يمكن أن يزعزع إيمان الناس بالقضاء، فالحكم هو عنوان الحقيقة ولا يجوز الحديث بشأنه عبر الجهات الإعلامية المختلفة، ولكن هناك طرقًا للطعن يمكن لمن يدعى أن هناك شائبة أصابت عين الحقيقة فى الحكم فليقدم مظلمته عبر الطعن بالنقض فى الحكم الصادر من قبل النيابة العامة والمجني عليهم، وهذا هو الطريق الوحيد للطعن فى الحكم الصادر". وشدد على أن القاضي الذى ينظر القضية هو المهيمن على كل جنباتها، "له وحده سلطة تقدير الوقائع واستخلاصها دون معقب عليه أو رقابة من محكمة النقض، فله أن يجزئ الوقائع ويأخذ منها ما يشاء وينزع منها ما يشاء وصولًا إلى الوقائع التي ملكت ناصية البيان، حتى تصبح من العقائد التي تدخل فى يقين المحكمة بما لاينازعها شك فيه، وبالتالي لا يستقيم من يدعى أن محكمة القرن سوف تحكم بالبراءة أو الإدانة فهذا سر ملكوتي لا يعلمه سوى الله سبحانه وتعالى والمحكمة التي ستصدره حتى بنطقها الله بكلمة من عنده".