قال الرئيس عبد الفتاح السيسي موجهًا كلماته للغرب أن (محاربة الإرهاب لا يجب أن تتجزأ، وأنها لا يجب أن تقتصر على فصيل إرهابي واحد في مكان محدد)، وهو هنا يريد في مقابل تعاونه في الحلف ضد داعش أن يساعده الغرب في حربه ضد من يسميهم هو الإرهابيين، ليس الإرهابيين الذين يقتلون الجيش والشرطة في سيناء والصحراء الغربية وغيرها، ولكن خصومه السياسيين من حركة الإخوان المسلمين وغيرهم، فهو يعرض هنا مقايضة شبه صريحة صرح هو بها بعد ذلك ونشرتها جريدة الشروق المصرية الشهيرة بالبنط العريض على صدر الصفحة الأولى يوم 26 سبتمبر (سأقول لأوباما: سيب وأنا أسيب) !!، وهو ما يعبر عنه التعبير الشعبي أيضًا (شيلني وأشيلك)، شيلني الإخوان وأشيلك داعش !. لكن بغض النظر عن محاولات الرئيس للإستفادة من الظروف الحالية – التي جاءت له على الطبطاب كما يقولون – لتكسر عزلته في ظروف الإحتياج للدولة المصرية في الحلف ضد داعش، وهو ما مكنه من مقايضة ذلك بطائرات الأباتشي وفك الحصار السياسي، وجعلته يقوم بتلك المقايضة السياسية – عيني عينك – وبصريح العبارة، وبمنطق: سيب وأنا أسيب، بغض النظر عن هذا كله تبقى مقولة الرئيس السيسي سليمة تمامًا وقولة حق مهما أراد هو بها، بالفعل (الحرب على الإرهاب لا يجب أن تتجزأ، ولا يجب أن تقتصر على فصيل واحد في مكان محدد). هذه المقولة سليمة تمامًا وسديدة من الناحية الأخلاقية والعملية معًا، فمن الناحية الأخلاقية ليس من المنطقي إدعاء محاربة الإرهاب ثم قصره على فصيل واحد وفي مكان محدد، وماذا عن أوجه الإرهاب الأخرى التي تعج بها المنطقة ؟!، وماذا عن جرائم الإرهاب الأبشع التي ترتكب في نواحيها، وأما من الناحية العملية فإن قصر محاربة الإرهاب على فصيل واحد وترك نيرانه مشتعلة في غيرها من الأنحاء لا يغني شيئًا، وستظهر ألف داعش بدلًا من داعش طالما ظل الظلم والطغيان والإرهاب موجودًا، فإن الإرهاب المضاد ببثوره وأشكاله المختلفة سيظهر من جديد، وكلما سحقت داعش ظهرت عشر دواعش !!، طالما أن الدواعي موجودة فستظل الدواعش مولودة !!. من هنا نؤكد ونؤمن على مقولة السيد الرئيس أن (محاربة الإرهاب لا يجب أن تتجزأ، وانها لا يجب أن تقتصر على فصيل إرهابي واحد في مكان محدد)، ولو أردنا أن ننزل هذه المقولة إلى التطبيق العملي لوجدنا أن أكبر مصادر الإرهاب – كمًا وكيفًا - في منطقة الشرق الأوسط هو إرهاب الدولة، سواء أكان إرهاب الدولة ضد جيرانها مثل الذي تمارسه إسرائيل، أو الذي تمارسه بعض أنظمة المنطقة ضد فئات من شعوبها. لا يمكن أن نتحدث عن (الحرب على الإرهاب) في منطقة الشرق الأوسط ثم نغط الطرف عن إسرائيل وجرائمها المتكررة ضد كل جيرانها، ضد غزة عدة مرات وضد لبنان وجدران العزل وجرائم المستوطنين في الضفة، فعن أي حرب عن الإرهاب نتحدث ؟!، وكيف نصفها بالحرب على الإرهاب بينما الولاياتالمتحدة الداعية لها هي المساند الأكبر لإسرائيل سياسيًا وماديًا وعسكريًا، لا يمكن أن ننتظر أن يتوقف الإرهاب في المنطقة طالما إستمرت إسرائيل في ممارساتها !!. لا يمكن أن نتحدث عن (الحرب على الإرهاب) في منطقة الشرق الأوسط ثم نغط الطرف عن الجرائم التي ترتكبها بعض الأنظمة العربية في حق شعوبها، مثل نظام بشار ومذابحه المروعة في سوريا منذ بداية ثورتها، ونظام 3 يوليو في مصر ومذابحه المروعة في (الحرس) و(المنصة) و(رابعة) وغيرها الذي وثقتها الجهات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان العالمية، فأي حرب على الإرهاب تلك التي يدعى إليها ويشارك فيها المتهمين بالإرهاب ؟!!، أي حرب على الإرهاب تلك التي يشارك فيها من كانت أيديهم تفيض بدماء شعوبهم ؟!!، أي حرب على الإرهاب تلك التي تضم أطرافًا إرتكبت في حق شعوبها اضعاف ما إرتكبته داعش ؟!، أي حرب على الإرهاب تلك التي يشارك فيها النظام السوري، والنظام المصري، والنظام الإيراني الذي يعدم العلماء في عربستان على الهوية الدينية ؟!. لا يمكن أن تنجح الحرب على الإرهاب إلا بتجفيف منابعه من فكر متطرف وأموال تضخ للإرهابيين وقبل ذلك ومعه تجفيف الإرهاب العلوي التي تمارسه الدول مثل إسرائيل والأنظمة المذكورة، وأمريكا أيضًا كما حدث في حرب العراق وفي جوانتانامو وأبو غريب وغيرها، لن تنجح محاربة الإرهاب إلا بلجم إسرائيل ووقف إعتداءاتها، ومساعدة الشعوب على القضاء على الأنظمة القمعية الممسكة برقابها، بدون ذلك لا يمكن القضاء على الإرهاب، وأما الإستعانة بتلك الأنظمة وفك الحصار السياسي عنها وإعطائها طوق نجاة بدعوى مواجهة الإرهابيين، فسيرتد وباله على صانعه والداعي إليه، وسيكون مثله ومثلهم كقول الشاعر: المستجير بعمرو عند كربته......كالمستجير من الرمضاء بالنار وإذا كانت أمريكا تظن أن التعاون مع هؤلاء سيساهم في القضاء على الإرهاب، فنقول لهم كما يقول الإخوة اللبنانيون في التعازي: العوض بسلامتكم !!.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.